كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
أكد وزير الإعلام جورج قرداحي أن استقالته من الحكومة غير واردة فيما بدت واضحة الضغوط التي يمارسها حزب الله لجهة رفضه هذه الاستقالة وهو الخيار المستبعد بالنسبة إلى الحكومة مجتمعة حتى الساعة مع تكثيف الاتصالات الخارجية على أكثر من خط لإيجاد حل للأزمة بين لبنان ودول الخليج التي سيكون لها تداعيات سلبية على مختلف الصعد في لبنان.
وفيما قالت مصادر في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إن موقف حزب الله هو الذي يتحكم بقرار قرداحي لجهة الاستقالة من عدمها، أكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أنه يتم العمل على إيجاد حل من المرجح أن يكون أساسه استقالة قرداحي، ولفتت في الوقت عينه إلى أنه ليس هناك أي توجه لاستقالة الحكومة حتى الآن لا سيما أن المجتمع الدولي غير مشجع للخطوة لما لها من آثار سلبية على البلد.
وأمس أعلن قرداحي لقناة «الجديد» أن استقالته من الحكومة غير واردة وهو موقف تزامن مع تصعيد من قبل النائب في حزب الله حسن فضل الله ووزير الأشغال المحسوب على الحزب علي حمية الذي دعا إلى «شد الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز».
وقال حمية في تغريدة له: «السيادة الوطنية واستقلالية القرار وكرامة لبنان، تسمو على كل اعتبار».
من جهته كان واضحاً النائب فضل الله برفض ما قال إنها ضغوط تمارس على قرداحي، موضحاً «نرفض الضغوط التي تمارس على وزير الإعلام، سواء جاءت من جهات في الحكومة أو من جهات خارجية، وأي موافقة على سياسة الإذعان هي مزيد من الخضوع والإهانة وعدم الشعور بالكرامة…»
مع العلم أن رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية (المحسوب عليه الوزير قرداحي وحليف حزب الله)، كان قد أعلن بعد لقائه البطريرك الراعي يوم أول من أمس، أن وزير الإعلام عرض عليه تقديم استقالته من بكركي أو إلى رئيس الجمهورية لكنه رفض.
وفي هذا الإطار، يقول نائب رئيس تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستبعد أن يكون حزب الله هو من شجع قرداحي على عدم الاستقالة بحيث إنه كلما زادت القطيعة والتباعد بين لبنان ودول الخليج سيكون هو مرتاحاً ويستفيد أكثر انطلاقاً من أن هذا الأمر يخلق فراغاً يعتقد أنه (حزب الله) يعمل هو وإيران على سده إضافة إلى تفاقم ردود الفعل الشعبية».
من جهته، قال الوزير السابق بطرس حرب: «الجميع يحمل الحكومة مسؤولية هذه الأزمة، وينتظر منها خطوات تسهم في ترطيب الأجواء وحلها»، سائلاً: «لكن هل ستسمح إيران وحزبها بذلك، أم ستستمر في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وبالتالي تعطيلها نهائياً وتفجيرها من الداخل، وما سيكون موقف رئيس الجمهورية وحزبه من هذا الأمر؟».
ورفض حرب في بيان له «أي مس بالمملكة، ونرفض تعريض اللبنانيين لمخاطر تعطيل علاقات لبنان بها وانعكاس ذلك على المصلحة الوطنية العليا، كما إعطاء أي مبرر لتغطية خطأ الإساءة إليها وعدم اتخاذ الموقف الملائم لمعالجة الأزمة السياسية التي نشأت…»، مضيفاً «ارتكب أحد الوزراء خطأً جسيماً أدى إلى خلق الأزمة في العلاقات اللبنانية – السعودية، والجميع يعلم أن من مصلحة لبنان إيجاد مخرج منها، وأن رفض الوزير المعني الاعتذار من المملكة أو الاستقالة من الحكومة، لرفع الضرر عن لبنان، عمق الأزمة وأدى إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء. الجميع يحمل الحكومة مسؤولية هذه الأزمة، وينتظر منها خطوات تسهم في ترطيب الأجواء وحلها، لكن السؤال الكبير، هل ستسمح إيران وحزبها بذلك، أم ستستمر في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وبالتالي تعطيلها نهائيا وتفجيرها من الداخل، وما سيكون موقف رئيس الجمهورية وحزبه من هذا الأمر؟».
وختم: «جاءت هذه الحادثة لتؤكد ما نطالب به منذ زمن بعيد، من أن لا قيامة لدولة لبنان ما دام في يد حزب الله سلاح غير شرعي متحكم بالقرارات السياسية للدولة ومصادر للقرار الوطني، وما دام مسؤولوها، من أعلى الهرم إلى أسفله، خاضعين للوصاية الإيرانية وقابلين بمصادرة رأيهم، رغم كل الأضرار والمصائب التي تترتب على ذلك».