جاء في “المركزية”:
منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان وتفاقمها الى الحدود القصوى، لم تنكفئ روسيا عن التحذير من امتداد التدهور ليشمل الوضعين الاجتماعي والأمني ما يدخل البلاد في المجهول. وأكّدت مراراً حرصها على أمن لبنان واستقراره، ودأبت على إجراء الاتصالات اللازمة مع المعنيين في الداخل والخارج لحثهم على التهدئة والعمل على الحلول والإصلاحات الاقتصادية.
إلا أن الوضع اللبناني يتطوّر من سيئ إلى أسوأ، فجاءت أحداث الطيونة لتهدد باشتعال نيران الحرب الأهلية، وبعدها الأزمة الديبلوماسية التي عزلت لبنان عن العالم العربي وأطاحت آمال الحصول على المساعدات المادية منه. وتابعت روسيا كل ما جرى ويجري على الساحة اللبنانية، فدعت اللبنانيين بعد حوادث عين الرمانة إلى الحوار بعيداً من العنف وحماية السلم الأهلي والعيش المشترك والمحافظة على الاستقرار.
لكنها أبدت في المقابل انزعاجها وقلقها الكبيرين على الوضع في لبنان وفق ما تفيد مصادر ديبلوماسية مطّلعة على موقف موسكو “المركزية”، مضيفةً “الروس ضدّ استعمال البلد ساحة للصراعات الإقليمية وإدخاله فيها، أو إطلاق مواجهات الحرب الأهلية. برأيهم لبنان في وضع اقتصادي صعب جدّاً يتطلب التضامن والمساعدة لخروج شعبه من الأزمة سريعاً، وليس الوقت مناسباً لجرّه إلى محاور وصراعات تزيد من التأثير السلبي عليه، في حين هو بحاجة إلى المساعدات من البنك الدولي والمجتمعين الدولي والعربي، والخليجي خصوصاً”.
وتعتبر موسكو أن هذه الفترة لا تسمح بفرض القوة في لبنان والتباهي بها من أطراف معينة، لأن ذلك يخلق تخوّفاً وردود فعل عكسية على الساحتين اللبنانية والعربية، فلبنان اليوم بحاجة ماسة إلى التركيز على معالجة أزمته الاقتصادية سريعاً التي تهدد وجوده واستقراره، خصوصاً أن أي تدهور، لا سيما ألامني، يؤدي إلى بلبلة في سوريا ودول الجوار في ظلّ وجود مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان.
من هنا، تؤكّد روسيا ضرورة الوصول إلى حلّ في أسرع وقت للخروج من الأزمة، إلى جانب اتّخاذ الحكومة الإجراءات اللازمة والجدية لإصلاح الأمور مع دول الجوار وحلّ الأزمات التي تمنع انعقادها، كي لا تصل إلى الاستقالة، وتتمكن من استئناف نشاطها واجتماعاتها. في نظر الروس وجود الحكومة وبقاؤها ضروريان لحلّ الأزمة الاقتصادية اللبنانية، وهم على دراية أن الأزمات المستجدة إن لم تحلّ فلن تستمر الحكومة.
وتنقل المصادر عن موسكو استغرابها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، وتشديدها على ضرورة أن ينأى لبنان بنفسه. فهي ترى ضرورة وحاجة في حفاظ لبنان على علاقات جيدة مع العالم العربي ودول الخليج.
وتلفت المصادر إلى أن موسكو بمواقفها هذه تلمّح بشكل غير مباشر إلى تصرفات “حزب الله”، وإمكان جرّ البلد إلى محوره. وفي مختلف بياناتها تطلب عدم التدخل الخارجي بشؤون لبنان الداخلية، قاصدةً بذلك الإيراني والأميركي. ولا تحمّل مسؤولية إيجاد حلّ في لبنان لهما فقط بل للفرنسي أيضاً، خصوصاً انه دخل على الخطّ ولم يتمكن من تشكيل حكومة قبل 13 شهراً.
واكدت المصادر أن موسكو لم تتخذ أي مبادرة لمحاولة تطويق تداعيات الأزمة الدبلوماسية، فاجتمعت فقط بالسفير اللبناني لديها، حينها صدر بيان دعت فيه إلى دعم حكومة ميقاتي لحلّ الأزمات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وما من زيارات مطروحة أو مرتقبة في المدى المنظور سواء لمسؤولين روس إلى لبنان أو العكس، باستثناء الزيارة المحددة لوزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب في 22 الجاري، تختم المصادر.