جاء في “المركزية”:
منذ ايام تضج وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بخبر ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن الساحة السياسية وعزوفه وتيار المستقبل عن خوض الانتخابات النيابية المفترض ان تجري في اذار المقبل ان لم يعطلها الطعن الذي يعده التيار الوطني الحر بالتعديلات التي ادخلت الى متن القانون لجهة موعد الاستحقاق في اذار وعدم تخصيص ستة نواب للاغتراب، او الوضع المستجد الناشئ عن الازمة الخطيرة مع دول الخليج وما اذا كانت ستنتهي ببقاء الحكومة او استقالتها في ضوء التخبط الذي يحكم الملف والضبابية التي تلفه.
قد لا تكون الخطوة ان اقدم عليها الحريري مستغربة في ظل الاوضاع التي تمر بها البلاد على قاعدة “عند صراع الامم احفظ رأسك”، بعدما تحول لبنان الى حلبة صراع اقليمي بين ايران من جهة والخليج والولايات المتحدة من جهة ثانية، وبعدما مُني الحريري بسلسلة انتكاسات سياسية كان آخرها اعتذاره عن تشكيل الحكومة بدفع من التيار الوطني الحر الذي قرر منذ لحظة تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة عرقلة مساره التشكيلي وعدم فتح ابواب السراي الحكومي له، اضافة الى تدهور اوضاعه المالية وحسابات كثيرة اخرى يجريها الزعيم المستقبلي قد تقوده الى القرار المشار اليه لا سيما البيئة السنية المتململة من اداء تيارها منذ التسوية الرئاسية الشهيرة وتاليا المزيد من خسارة كتلة المستقبل البرلمانية، وهو اعلن مرارا استعداده للخروج من الحياة السياسية في حال تجدد الاقتتال الداخلي. بيد ان مجمل هذه العوامل يبقى ناقصا لا سيما مع تبدّل المعطيات والمعادلات السياسية في ضوء قرار المقاطعة الخليجي وما يمكن ان يفرز من مستجدات على المسرح اللبناني بدءا من اشتداد الازمة حتى الاختناق وصولا الى احتمالات التفجير غير المستبعدة ،وتاليا اطاحة الاستحقاق الذي يرى بعض المراقبين ان ما يجري في هذا السياق يخدم الفريق الراغب بعدم اجراء الانتخابات، وان جرت وحتى ذلك الموعد “قد يخلق الله ما لا تعلمون” كما تقول اوساط سياسية قريبة من بيت الوسط لـ” المركزية” موضحة ان كل ما يتردد من معلومات عن تجميد النشاط السياسي والانتخابي في المستقبل غير دقيق نافية التسريبات حول عدم ترشح الحريري. وتضيف “من السابق لاوانه الحديث عن الانتخابات خصوصا وان الحكومة لم تصدر مراسيم دعوة الهيئات الناخبة بعد وثمة الكثير من المستجدات الواجب التوقف عندها قبل ان تحدد القوى السياسية كلها خياراتها وقراراتها وخصوصا ما يتصل بالشان الانتخابي.
واذ تؤكد ان الحريري سيكون في بيروت الاسبوع المقبل وسيوضح موقفه من التسريبات، تقول ان المتداول مجرد تحليلات واستنتاجات وآمال في نفوس وعقول من يسوّقها، مشيرة الى ان الملف الانتخابي لم يفتح بعد وحينما يعود الرئيس الحريري يقرر الخطوات التي يعتزم القيام بها علما ان الاتجاه يميل الى خوض الانتخابات بغض النظر عن التفاصيل الصغيرة وكيفية تمويل الحملة الانتخابية والشعارات التي على اساسها سيخاض الاستحقاق.
وتشير الاوساط الى ان انكفاء الحريري عن الواقع اللبناني في الفترة الاخيرة بما تخللها من حوادث ومحطات لا يعني خروجه من المشهد السياسي بل تجنب تعميق الانقسامات وهو اذ تريث في اطلاق المواقف بعيد اشتباكات الطيونة عاد وحدد الموقف منذ ايام في بيان المستقبل الذي شن هجوما على حزب الله بعدما ادت ممارساته ومواقفه الى عزل لبنان عن اشقائه العرب الذين يبكون قبلة انظارهم ، وقد بلغ البلد الشقيق الحضيض بسبب اداء العهد وتغليب مصالح حليفه حزب الله على المصلحة الوطنية العليا وقد ادت الى ما ادت اليه من انهيار وافلاس لم يسبق لهما مثيل.
في مطلق الاحوال، تختم الاوساط ان البحث في الملف الانتخابي اليوم هو مثابة ضرب في المندل والسؤال عن اجراء الاستحقاق يبقى مشروعا حتى ليلة الانتخابات، لكنّ السؤال الاهم اليوم يطرح حول استمرار التركيبة السياسية وحول مصير لبنان الوطن والكيان.