جاء في “المركزية”:
تماما كما يلفّ ضباب سميك الاوضاع الداخلية اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا وسياسيا، غداة انفجار الازمة الدبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية، تبدو الصورة مشوّشة ايضا على ضفة الانتخابات النيابية المفترضة في آذار المقبل.
المشهد اصلا لم يكن صافيا ونقيا على هذا الخط، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. ذلك ان التطورات التي شهدتها جلسة مجلس النواب الاخيرة التي صادقت على تعديلات الهيئة العامة التي اُدخلت الى قانون الانتخاب، بعد ان ردّها رئيس الجمهورية اليه، لم تبشّر بالخير، بل فاقمت الشكوك في امكانية حصول الاستحقاق في مواعيده.
وفيما سأل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حينها “بصراحة، انتو بدكن انتخابات او لا”، وفي وقت قال معاونه النائب علي حسن خليل “أصبح واضحا أن هناك جهة لا تريد إجراء الإنتخابات النيابية وتريد تطييرها أو تأجيلها”، الامر الذي نبّه منه ايضا أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن، قائلا “ما يجري من قبل بعض القوى هو لعبة باطنية لتطيير الإنتخابات”، يستعدّ تكتل “لبنان القوي” لتقديم طعن في القانون امام المجلس الدستوري، وفق ما اعلن رئيسه، الذي شكا من النصاب الذي اعتمد لاقرار التعديلات، من جهة، رافضا في الوقت عينه الاصرار على تقريب موعد الانتخابات رغم عدم جاهزية الداخلية والخارجية لاشراك المغتربين فيها كما يجب، اضافة الى العوامل المناخية غير المناسبة وتزامنها مع صيام المسيحيين…
هذا الطعن الذي قد يطيّر المهل القانونية للاستحقاق، المعطوف على تقاذف الاتهامات المستمر بين امل والفريق البرتقالي حول العمل للاطاحة به، وآخر فصوله حمله بيانا الحركة الاثنين والتكتل الثلثاء، أضيف اليهما في الساعات الماضية، عامل غير مشجّع جديد، يتمثل في ترنّح الحكومة الميقاتية.
فبحسب المصادر، الازمة المستجدة على خط بيروت – الرياض، تتهدد بقوة صمود “معا للانقاذ”. وهنا، ثمة سيناريوهان مطروحان: الاول، لا يزال مستبعدا حتى الساعة، يتمثّل في ذهاب الرئيس نجيب ميقاتي نحو الاستقالة، اذا رأى ان الخروج من المأزق صعب وأن شركاءه في الحكومة، من اهل 8 آذار، لا يسهّلون الحل وغير مستعدّين لتقديم تنازلات توصّلا الى “تسوية” ما.
اما السيناريو الثاني، فتدفع في اتجاهه الدولُ الغربية الكبرى، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة. وهي تطرح فيه بقاء الحكومة وحصر مهامها في ادارة الازمة الاقتصادية بالحد الادنى، ومنع مزيد من الانهيار، والتمهيد لاتفاق مستقبلي مع صندوق النقد، لا اكثر “ماليا”، على ان تتفرّغ لاعداد العدة للانتخابات النيابية وتقود البلاد اليها. فباريس وواشنطن تعتبران ان الوصول الى هذا الاستحقاق يجب ان يشكّل اولى اولويات مجلس الوزراء، ذلك انه يُعتبر المفتاح الاهم للتغيير الذي تتطلعان اليه، وهو سيشكل المحطة الاولى في مشوار إخراج لبنان فعليا، من ورطته الاقتصادية والدبلوماسية و”السيادية” والاستراتيجية. ووفق المصادر، هذا ما ابلغه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن الى ميقاتي في غلاسكو.
فهل سينتصر هذا الخيار وتجرى الانتخابات في موعدها، أم يطير الاستحقاقَ والحكومة، بفعل الخلافاتُ السياسية المحلية والتطوراتُ السلبية بين لبنان ومحيطه العربي، أو ربما تسخين أمنيّ يخدم “القلقين” من الانتخابات؟!