جاء في نداء الوطن:
يعود الرئيس نجيب ميقاتي إلى مطار رفيق الحريري الدولي اليوم بـ”مظلّة” أميركية – فرنسية نسج خيوطها على هامش قمة المناخ، علّها تقيه “حرّ” الصحراء العربية و”شرّ” الشظايا الحوثية التي أحرقت أوتاد خيمته الحكومية… وبانتظاره لا تزال قوى 8 آذار مرابضة في خندقها الهجومي ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج، تتربص بالمغانم السياسية المتاحة مقابل تقديم “ورقة” استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي على طبق التسويات الداخلية والخارجية.
وفور عودته، سيهرع ميقاتي باتجاه محاولة إخماد “ألسنة” اللهب الوزارية، بدءاً بلقاءات مكوكية سيعقدها مع كل من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري “لوضعهما في صورة لقاءاته العربية والدولية وما سمعه من نصائح، لا سيما من الفرنسيين والأميركيين” إزاء سبل معالجة الأزمة اللبنانية، كما نقلت مصادر وزارية، على أن يكثف بعدها اتصالاته ومشاوراته السياسية “مع مختلف الأفرقاء المعنيين مباشرةً بحل ورطة قرداحي”، مستدركةً بالقول: “واليوم بعد هذه الورطة، زاد “تخبيص” وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الطين الحكومي بلة… وألله يعين رئيس الحكومة شو بدو يرقّع ليرقّع”!
وفي هذا السياق، برز مساء الثلثاء ما كشفته صحيفة “عكاظ” السعودية من كلام مسرّب عن لسان وزير الخارجية اللبناني أمام مجموعة من الصحافيين، اعتبرته كلاماً ينم عن “حقده على السعودية ودول الخليج، وانسجامه مع الدعايات المغرضة التي يروجها “حزب الله” وأعوانه في طهران، وسعيه لشيطنة دول الخليج والتقليل منها”، موضحةً أنّ التسجيلات التي استحوذت عليها تبيّن رفض بو حبيب لفكرة استقالة قرداحي، قائلاً: “حتى عندما أقلنا (وزير الخارجية السابق شربل) وهبة لم تقدّر السعودية، واليوم إذا أقالوا قرداحي ماذا سنحصد من المملكة؟ لا شيء… سيطلبون أموراً أكثر”، ليذهب أبعد بإلقاء المسؤولية على المملكة العربية السعودية نفسها في مسألة تهريب المخدرات وتصديرها من لبنان، لاعتباره أنّ “السوق السعودي للمخدرات هو الدافع الرئيسي خلف التهريب لا تجار المخدرات في بيروت وضواحيها”، وصولاً إلى حدّ تقليله من أهمية المساعدات المالية السعودية للبنان واتهامه المملكة بأنها “لم تقدّر ما فعلته بيروت” لها!
وعلى الأثر، سارع وزير الخارجية إلى إصدار بيان توضيحي ليلاً اكتفى فيه بالإشارة إلى أنّ التسجيلات الصوتية التي تناقلتها وسائل الإعلام، تتصل بمجريات لقاء صحفي “كان مقرراً موعده قبل نشوء الأزمة الحالية” مع السعودية، ورأى أنّ “هدف هذه المقابلة كان السعي لفتح باب الحوار وإصلاح العلاقة مع المملكة العربية السعودية واعادتها الى طبيعتها”، متهماً في المقابل “الصحيفة الكريمة” (عكاظ) بأن ما نشرته هو كناية عن “سرديات مجتزأة ومغلوطة تصب الزيت على النار لتأجيج محاولات مد جسور التلاقي”.
أما في ما يتصل بمصير مجلس الوزراء بعد “تناسل” الأزمات الحكومية، فكشفت مصادر سياسية رفيعة أنّ ميقاتي عائد إلى بيروت “بمقاربات جديدة” تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، خصوصاً وأنّ لقاءاته في غلاسكو “أعطته دفعاً جديداً ومختلفاً” في ضوء ما سمعه من المسؤولين الفرنسيين والأميركيين، لناحية “ضرورة الإسراع في تفعيل العمل الحكومي لملاقاة الجهود الخارجية، في سبيل مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية والمالية الطاحنة”، مشيرةً إلى أنّ “رئيس الحكومة طبعاً راغب جداً بالدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء لأنّ هناك أموراً طارئة تحتم التئامه، ولكن لا قرار نهائياً بعد بتوجيه الدعوة قبل ضمان تدوير الزوايا المطلوب تدويرها”.
من جهتها، تؤكد مصادر سياسية مواكبة للجهود المبذولة لنزع فتائل التفجير من مجلس الوزراء أنّ “المناقشات الجدية بهذا الصدد كانت متوقفة بانتظار عودة رئيس الحكومة، فلا رئيس الجمهورية أخذ المبادرة تجاه الثنائي الشيعي ولا الثنائي اتخذ المبادرة بنفسه لتقريب المسافات الحكومية”، معربةً عن استبعاد أي إمكانية لدعوة الحكومة إلى الانعقاد “قبل البتّ بموضوع جورج قرداحي، إذ كانت مشكلة مجلس الوزراء تنحصر بقضية (المحقق العدلي) طارق البيطار، فبات اليوم أمام مشكلتين كبيرتين بعد قضية قرداحي، علماً أنّ “حزب الله” لن يقبل أن يخسر في الملفين ولن يقبل بإعادة تفعيل العمل الحكومي ما لم يحقق مكتسبات سياسية أقله في ملف منهما”.
وعلى الضفة المقابلة، أعاد المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ طمأنة أهالي ضحايا فوج إطفاء بيروت إلى أنه “لن يتراجع”، ومستمر في تحقيقاته طالما لم يتم استبعاده عن النظر في القضية “بالسبل القانونية المتاحة”، في إشارة إلى دعاوى الرد والارتياب المقدمة ضده، نافياً اتهامه من قبل بعض المدعى عليهم بأنه يعالج باستنسابية “جانباً واحداً” من الملف، واكتفى باعتبارها اتهامات غير صحيحة من دون الغوض في تفاصيل التحقيق “لأنه سرّي”، الأمر الذي ردّ عليه أهالي الضحايا بتجديد الدعم لاستمراره بمهامه، متوجهين إلى البيطار بالقول: “سنبقى معك لآخر لحظة ودم أولادنا أمانة في رقبتك”.