أعلن مصدر سوداني مسؤول، اليوم الأربعاء، أن التوصل إلى توافق بين العسكريين والمدنيين على العودة إلى الشراكة والابتعاد عن التصعيد “بات قريبًا جدًا”.
ولفت المصدر في اتصال مع “سبوتنيك” إلى اندلاع أزمة حادة بين جناحي السلطة في السودان المدني والعسكري بعد إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين أول الماضي.
وأعلن البرهان تجميد مؤسسات الحكم الانتقالي ومنها مجلس السيادة ومجلس الوزراء، ما أدى إلى خروج آلاف السودانيين في احتجاجات بالشوارع معتبرين قرارات البرهان “انقلابا” في حين اعتبر الأخير وشريحة من السودانيين أنها جاءت لـ “تصحيح المسار الانتقالي”.
وتسببت قرارات البرهان في حالة من الاستقطاب الحاد في نسيج المجتمع السوداني، والذي أصبح مهددا لانزلاق البلاد لأزمة سياسية وانفراط أمني، بحسب المصدر ذاته.
ولفت المصدر إلى أنه في ظل هذه الحالة شعر الجميع بخطر الوضع القائم، ما أدى إلى ظهور العديد من المبادرات المحلية والعالمية لاحتواء الأزمة.
وأضاف: “كان هناك جهد كبير تم بذله وتم توحيد كل المبادرات في مبادرة واحدة، واستمرت كل المبادرات الدولية كلا يشق طريقه بمفرده”.
والمبادرات المحلية جاءت على خلفية إدراك السودانيين بجميع انتماءاتهم السياسية أن هذا الصدع يشكل تهديدا داخليا وخارجيا على البلاد.
وتابع المصدر: “تتمثل المهددات الخارجية في إيقاف المساعدات وتجميد ما حققه السودان بالخروج من دائرة الدول الداعمة للإرهاب والحصار الاقتصادي، بالإضافة إلى عمليات الإعفاء من الديون وإعادة السودان إلى مؤسسات التمويل الدولية وتقديم المنح والقروض من أجل أن يتعافى اقتصاده”.
ومضى بقوله: “على المستوى الداخلي فإن استمرار الأزمة سوف يدخل البلاد في دائرة العنف والعنف المتبادل والذي قد يودي بحياة بعض المواطنين”.
وأوضح المصدر أن جميع المبادرات المطروحة الآن اتفقت على ملامح رئيسية على رأسها أهمية استمرار الشراكة ومرجعية الوثيقة الدستورية وأهمية وجود عبد الله حمدوك في المشهد السياسي قائدا للجناح المدني في الشراكة.
وتابع في السياق: “كما أقر الجميع بأهمية وجود المكون العسكري ضامن وحدة البلاد وأمنها ومكتسباتها، هذه المبادىء الأساسية تم الاتفاق عليها تقريبا بين كل المبادرات، والتي ستجبر المكون المدني على قبولها والالتفاف حولها”.
وحول مدى قبول المكونين المدني والعسكري لتلك المبادرات قال المصدر لـ “سبوتنيك”: “كان المبادرون في تحركاتهم المكوكية بين الجانبين يعرضون على هذا الطرف والذي يبدي ملاحظات ثم يعودون للطرف الآخر وهكذا، من أجل تقريب وجهات النظر”.
وأوضح أن “الأمور تسير قدما ونتمنى أن يكون هناك تقدم ملحوظ قريبا وسريع جدا”.
ونفى المصدر أن يكون عبد الله حمدوك وضع شروطا للعودة إلى الشراكة مع المكون العسكري.
وقال: “ليست هناك شروط لحمدوك حول الشراكة، كل ما في الأمر أن هناك مواثيق واتفاقيات تحكم المسيرة الانتقالية، فهناك قرارات صدرت بتجميد بعض المواد في الوثيقة الدستورية التي تحكم المرحلة، وما يطرحه حمدوك ليس شروطا بقدر ما هو طرح من أجل إيجاد معالجات ترضي الجميع”.
وأكد المصدر أن المكونين المدني والعسكري يتعاملان الآن بمسؤولية كاملة وبضمير كل همه المصالح العليا للبلاد بعيدا عن المصالح الضيقة للمكونين.
وتابع: “من هذا المنطلق يتفاوض الطرفان من أجل إنقاذ البلاد، ويتفادى الجميع وضع شروط مسبقة للتفاوض، بل يضع الجميع تصورات وليس شروط، والجميع يتعامل بمنتهى المسؤولية ولا ينامون هذه الأيام من أجل الوصول إلى اتفاق بأسرع وقت”.
واعتبر أن تجنب البرهان إعلان حكومة من جانب واحد، جاء تفاديا “للوقيعة الكبرى بين تلك المكونات ووضع المسمار الأخير في نعش الشراكة بين المدنيين والعسكريين”، مشيرا إلى أنه “تم تفادي هذا الأمر بسبب نشاط الوساطات والمسؤولية التي استشعرها الجميع بضرورة الوصول إلى حل لهذا التجاذب والشرخ الذي حدث”.