لفت الرئيس فؤاد السنيورة الى أن المقابلة المسربة لوزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب “تأتي في أعقاب ما قاله وزير الإعلام جورج قرداحي، وفيما تلفظ به قبل ذلك وزير الخارجية السابق شربل وهبة، وكلها تعبر عن نسق وأسلوب خطير في التفكير، وهو بالفعل يمثل طريقة مستهجنة في فهم العلاقات اللبنانية العربية وتعبر عن استخفاف بأهمية العلاقة التي تربط لبنان بعمقه العربي، وهذا التصرف يخالف الدستور اللبناني”.
وأوضح السنيورة في حديث لـ”الحدث” أن “الدستور ينص صراحة على أن لبنان بلد عربي الهوية والانتماء، وهذه هي عروبة الخيار، وليست عروبة الإرغام، وهي ليست التمسك بالعروبة من أجل المساعدات التي نود أن نحصل عليها من المملكة العربية السعودية أو من دول الخليج، بل هو إيماننا بعروبتنا الذي يمليه علينا انتماؤنا العربي، ويحتم علينا أن تكون هذه العلاقة مبنية على احترام الدستور اللبناني واحترام انتماء الشعب اللبناني لمحيطه العربي، كما يمليه علينا التزامنا باحترام السياسات التي وضعتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة وحصلت بناء على ذلك على ثقة مجلس النواب، لا سيما منذ العام 2011، على أساس تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور الإقليمية، وهو ما أسمته تلك الحكومات بسياسات النأي بالنفس عن كل الصراعات والمحاور العربية والإقليمية. وهذا يعني بالتالي الالتزام والحاجة إلى تصويب السياسة الخارجية للبنان ليكون التوجه بوجهة صحيحة نحو تنقية العلاقات العربية اللبنانية، وبالتالي لما فيه مصلحة لبنان القومية والعربية من جهة وأيضا لما فيه مصلحة اللبنانيين في الداخل اللبناني وأولئك العاملين في الدول العربية وفي مختلف المهاجر”.
واضاف: “سمعت أشياء مستهجنة قالها وزير الخارجية وهي مستنكرة في أن العرب لم يساعدونا ولا نعرف ماذا جرى بشأن تلك المساعدات التي قدموها للبنان. في الواقع، وبداية، نحن لا نقيس هذه العلاقات العربية بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية ودول الخليج على أساس المساعدات، بل على أساس إيماننا بالانتماء والتشارك معا في مصير واحد. ولكن إذا كنا نود أن نتحدث عن المساعدات العربية، فبالتالي دعيني أقول لك بأنه لم تساعد أي دولة في العالم ولا أي مجموعة من الدول في العالم مثلما ساعد العرب لبنان، لا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي”.
وتابع: “ذلك بالإضافة إلى الدعم السياسي والوطني للبنان وسيادته واستقلاله وحرياته ونمط عيشه، وهذا استدام منذ أن حصل لبنان على استقلاله والمملكة كانت دوما تقف إلى جانبه وتساعده في جميع الملمات التي ألمت بلبنان على مدى المائة عام الماضية. وأكبر مثال على ذلك ما حصل للبنان في العام 2006 في أن الدول العربية، لا سيما دول الخليج العربي، هي التي انقذت لبنان من تلك المحنة التدميرية التي أصابته بسبب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 2006. ونتيجة ذلك، فقد استطعنا، وبعد شهرين من انتهاء الاجتياح الإسرائيلي في العام 2006، أن نعيد التلاميذ إلى المدارس في كل لبنان وبما فيها الجنوب والضاحية الجنوبية، وأننا استطعنا استنادا إلى تلك المساعدات القيمة أن نعيد إعمار وترميم 115 ألف وحدة سكنية، وإعادة بناء كل البنى التحتية المتضررة في لبنان، وكان ذلك بأموال دول الخليج، لا سيما من المملكة العربية السعودية. وبالتالي السؤال الكبير، لماذا هذا النكران والجحود من قبل البعض وهو تصرف غير مقبول وهو تنكر لطبيعة الشعب اللبناني الذي يحفظ الجميل لأشقائه العرب”.
وأردف السنيورة: “في المقابل، فإن لبنان قد أصيب بعد ذلك بمحنة كبرى، وهي في ذلك التفجير المريب والخطير الذي حصل في آب 2020 في مرفأ بيروت، والذي أدى إلى عدد كبير من الضحايا البشرية والجرحى والخسائر الكبرى. لذلك، فإن المقارنة واضحة كيف استطاع لبنان أن يحل محنته في العم 2006 وكيف أن لبنان لايزال ينتظر من يساعده لإقالته من عثرته التي تسبب بها من أتى بتلك المواد المتفجرة إلى مرفأ بيروت والذي أدى إلى تلك الكارثة البشرية والحضارية والعمرانية والمادية”.
كما اعتبر أن “الدولة اللبنانية أصبحت مختطفة من قبل دويلة “حزب الله” وأن هذه الدويلة المستترة هي التي تمثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي عبر مسؤولوها وبشكل واضح على أنهم يسيطرون على أربع دول عربية ومنها لبنان، وبالتالي أصبحت العملية الان شديدة الوضوح بأن الدولة اللبنانية أصبحت مختطفة، وليس هناك من قرار حر لها وهي تحت تأثير بدعة الديموقراطية التوافقية، بحيث لا قرار هناك للحكومة من دون موافقة حزب الله”.
وقال: “كنا نتوقع من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وهو المؤتمن على الدستور اللبناني ورئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، أن يبادر إلى أن يتخذ موقفا واضحا وصريحا في رفض هذه الممارسات من قبل حزب الله، ورفض هذه الممارسات التي لا تأتلف مع سيادة لبنان واستقلاله، وبالتالي لن نتوقع أن يبادر الرئيس إلى العمل على إعادة تصويب بوصلة السياسة الخارجية للدولة اللبنانية للبنان – للأسف – نجده صامتا لا يعبر عن شيء بل وكأنه يعبر بطريقة او بأخرى عن تأييده لهذه الممارسات”.
ولفت الى ان “رئيس الجمهورية هو حليف لحزب الله، وبالتالي لا يرجى منه أي شيء الآن لتصويب السياسة الخارجية للبنان. لذلك، أعتقد أن هذا الأمر يتطلب من اللبنانيين، ومن جهة أولى، أن نتفهم ماذا يحصل. فنحن نشهد اليوم صورة واضحة على أن الكثرة الكاثرة من الشعب اللبناني أصبحت ترفض هذه الازدواجية في السلطة وترفض هذه الممارسات من قبل حزب الله. والحقيقة، أنه لم يحصل في تاريخ هذا الوجود لحزب الله في لبنان إن ظهرت هذه المعارضة اللبنانية من قبل أكثرية اللبنانيين لهذه الممارسات التي يقوم بها حزب الله. المطلوب الآن أن تكون مقاومة حقيقية سلمية من قبل اللبنانيين تعبر عن رغبتها والتزامها باستعادة الدولة من خاطفيها واستعادة حضور الدولة اللبنانية واستعادة احترام الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني واحترام سلطة الدولة لبنانية على كامل أراضيها واستعادة الاحترام للشرعيتين العربية والدولية”.
وختم: “من جهة أخرى، فإذا كان هناك رفض عربي لما تقوم به السلطة اللبنانية من تنكر لمصالح اللبنانيين، فيجب الا يدفع الشعب اللبناني ثمن ما ترتكبه هذه السلطة ومن هم في موقع السلطة من أخطاء بحق الدولة اللبنانية وبحق الشعب اللبناني. نحن نرى أنه وكما يقال: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، وذلك الدعاء: “يا رب لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”. والسفهاء هم قليلو العقل، وهم الذين بإرادتهم الآن يعبرون عن مصالح الموقف الإيراني وليس عن المصلحة اللبنانية وليس عن الموقف العربي. هذا الأمر يتطلب من جهة أيضا دعما مستمرا لهؤلاء، إذ أنه وعلى أساس هذه المقاومة السلمية في لبنان التي يمكن ان تعبر عن ما يريده اللبنانيين، وبالتالي لا يكون الحل بترك لبنان ولا أن يؤخذ اللبنانيون بجريرة ما يرتكبه أهل السلطة في لبنان”.