كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
أخفقت جولة المساعي الأميركية – الفرنسية، لمعالجة أزمة العلاقات اللبنانية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، فيما صبت تصريحات مسربة لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب، الزيت على نار الأزمة.
هذه المعطيات، لن تفاجئ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العائد إلى بيروت من لندن، وفي جعبته حصيلة اتصالات دولية، وفرها له مؤتمر المناخ في غلاسكو، أبرزها وأفعلها، لقاؤه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركية انطوني بلينكن، اللذين شددا على استمرارية الحكومة في هذه المرحلة اللبنانية الحرجة. وبالتالي فإنها لم تترك هامشا واسعا للتفاؤل بعودة انتظام العمل الحكومي، أو لرئيس الجمهورية ميشال عون ليكثر من بيانات متابعاته واتصالاته، وكلاهما يدرك ان القرار بيد حزب الله، كممثل محلي للسياسة الإيرانية، وكذلك لدمشق، التي اعتبرت نفسها مستهدفة بالعقوبات الأميركية على حليفها النائب جميل السيد، والحملة على جورج قرداحي الذي سربت له مكالمة هاتفية لا يختلف فحواها عن تصريحاته السابق، وكلاهما معني بمواجهة تحقيقات القاضي العدلي طارق بيطار بجريمة تفجير مرفأ بيروت، وأحداث الطيونة.
ومن هنا السلطة مربكة، والتخبط على أشده من تصريحات قرداحي، ما قبل توزيره وما بعده، ومواقف الوزير بوحبيب المسربة الى صحيفة «عكاظ» السعودية البالغة السلبية تجاه المملكة والتي ألحقها بتصريح لـ «رويترز»، اعتبر فيها ان حزب الله مكون لبناني ولديه امتداد عسكري إقليمي، لكنه لا يستخدم عسكريته في لبنان.
ورد النائب الشمالي السابق خالد ضاهر على كلام الوزيرين بوحبيب وقرداحي، واصفا الحكومة «بحكومة الأقليات المدعومة من فرنسا وإيران».
وأضاف: «ان حزب الله مكون لبناني، لكنه مرتبط بالحرس الثوري الإيراني وهو باعتراف أمينه العام السيد حسن نصرالله يتمول ويتسلح ويتدرب من إيران، وهو الآن يهيمن على جزء من لبنان، ويحاول الهيمنة على الباقي»، وفي رأي ضاهر ان الحكومة اللبنانية الحالية معادية للعرب، انها حكومة فرنسا وإيران المتورطتين بمشاريع تقطيع أوصال المنطقة العربية. وقال: اننا نرفض ان يتحول بعض اللبنانيين الى مرتزقة لأي دولة، وختم لقناة الجزيرة قائلا: «بلدنا محتل من إيران».
الخبير الاقتصادي المعروف ايلي يشوعي، سأل الوزير قرداحي: «ما شأننا بحرب اليمن؟».
وأضاف في تصريح إذاعي يقول: «اللبنانيون يشغلون 150 ألف وظيفة في الخليج، فهل بوسع إيران التي لا يتخطى تعاملنا التجاري معها 50 مليون دولار في السنة، إلى جانب تدريب شبابنا على القتال وتمويل الحروب ان تستوعب مثل هذا العدد أو أقل؟
يشوعي اعتبر ان حكام لبنان الآن «باتوا عبئا ثقيلا على أكتافنا».
الراهن أن الدولة المتراخية استسهلت شراء، سلمها الأمني، من خلال التنازل لحزب الله، حتى ضمرت إمكاناتها وكبرت متطلباتها، بحيث لم تعد قادرة على دفع الجزية للحزب، حتى فقدت كل مقوماتها الأمنية والاقتصادية والمعنوية، على حد قول قناة «ام تي في» المعارضة.
ومن هنا صعوبة التوصل إلى حل قريب للأزمة الراهنة، أولا لأنه ليس من طرح مقبول يرضي الجانب الخليجي المستهدف بالإساءة، وثانيا لأن الرئيس عون لا يرغب، أو لا يمون، وثالثا لأن حزب الله وتيار المردة مصرَّان على رفض استقالة قرداحي، الموصى بتوزيره من دمشق، ورابعا لأن رئيس الحكومة لا يستقيل، في ضوء الإصرار الأميركي – الفرنسي على بقاء حكومته. ما يعني ان اللبنانيين مقبلون على المزيد من الصعوبات الحياتية والأمنية، حيث لا انفراجات ولا إصلاحات ولا انتخابات، بل انتظار لانتهاء الأشهر الأخيرة من السنوات الـ 6 العجاف.
وكانت الحكومة اليمنية استدعت سفيرها في بيروت عبدالله الدعيس أمس، للتشاور ولفتت إلى ان تصريحات قرداحي انحراف عن الموقف العربي الداعم للشرعية اليمنية، وأكدت على مواجهة المشروع الإيراني ليكون اليمن صمام الأمان للمنطقة.
وفي هذه الأثناء، تولي الأوساط السياسية في بيروت، اهتماما خاصا ومتابعة حثيثة لزيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون الى واشنطن، واجتماعاته المكثفة التي شملت منسق الأمن القومي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا برت ماكر وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية بحضور السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا المواكبة لزيارة قائد الجيش، والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في واشنطن وائل هاشم، واجتمع بكل من مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى يائيل لامبيرت ومساعدة وزير الخارجية لشؤون التسليح والأمن الدولي السفيرة بوني دونيز جينكينز، اللتين أكدتا على «أهمية دور الجيش في استقرار لبنان»، وشددتا على «ضرورة دعمه لأن وحدة لبنان واستقراره محل اهتمام دولي».
وفي حفل استقبال أقامته السفارة اللبنانية في حضور شيوخ ونواب أميركيين ومسؤولين من أصول لبنانية، ظهر العماد عون باللباس المدني محاطا بعناية واسعة.