قبيل اعلان الخارجية الإيرانية أن محادثات الاتفاق النووي ستستأنف في 29 تشرين الثاني، في العاصمة النمساوية فيينا، تلبّدت الاجواء في السماء الاميركية – الايرانية في ضوء تطورات “ميدانية” تم تسجيلها.
فقد قررت طهران خوض مواجهة في البحر، يبدو انها “دعائية” لا اكثر، مع واشنطن، حيث اشارت وكالة “مهر” الايرانية امس الى ان القوات البحرية التابعة للحرس الثوري احبطت محاولة أميركية لقرصنة النفط الإيراني في بحر عمان. فبعدما صادرت القوات الأميركية حاملة نفط إيرانية، ونقلت النفط إلى حاملة أخرى، أَحبط إنزال لقوات الحرس الثوري استكمال محاولة القرصنة. وأوضحت الوكالة أنّ طيران الجيش التابع لحرس الثورة الإسلامية قام مباشرة بعملية معاكسة ونفّذ عملية إنزال على ناقلة النفط، ومن ثمّ قام بالاستيلاء عليها وتوجيهها إلى المياه الإقليمية الإيرانية، علماً أنّ القوات الأميركية بادرت بعد ذلك إلى ملاحقة ناقلة النفط باستخدام عدة مروحيات وبارجة حربية. وبحسب الوكالة “عمدت القوات الأميركية أيضاً إلى اقتحام بوارج أخرى لحسم الأمر لصالحها، وبذلت مساعي حثيثة لقطع الطريق أمام ناقلة النفط، إلا أنّ جميع المحاولات باءت بالفشل”.
في موازاة هذه الحادثة التي، وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، أصرّ الاعلام الايراني على تضخيمها، كانت طهران ترفع ايضا نبرتها “السياسية” في ما خص استئناف المحادثات. فقد أكّد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، على “تويتر”، امس أن المفاوضات الرّامية لإحياء الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، ستفشل ما لم يتمكّن الرئيس الأميركي جو بايدن من ضمان عدم انسحاب واشنطن مجدداً منه. وجاء في التغريدة: الرئيس الأميركي الذي يفتقر الى السلطة، ليس مستعدّاً لتقديم ضمانات. وإذا استمر الوضع الحالي، فإن نتيجة المفاوضات واضحة.
هذه المواقف، من شأنها تعقيد مسار احياء “فيينا” او نجاحها، وتشكّل في الواقع، خطوة ايرانية الى الوراء. فكلام شمخاني يدل على ان شروط الجمهورية الاسلامية آخذة في التزايد: هي كانت مقتصرة على مسألة رفع العقوبات الاميركية قبل استئناف المفاوضات، الا انها باتت اليوم تشمل ايضا ضمانات يقدّمها الاميركيون بأنهم لن ينسحبوا مجددا من التفاهم العتيد. اي ان طهران تطلب “شيكا” على بياض من بايدن، الذي بطبيعة الحال، لا يمكن ان يقدّمه لها. فماذا لو عادت ايران لتخالف بنود الاتفاق وتخرقه، اكان نوويا او عسكريا او سياسيا؟!
امام هذه المعطيات، تلفت المصادر الى ان سياسة التصعيد على الارض عموما، وتسخين المضائق تحديدا، المعطوفة على ابلاغ الاوروبيين موقفا اليوم والتراجع عنه غدا، مستمرة من قبل الايرانيين وهم يرون انها جيدة لتحسين واقعهم التفاوضي. الا ان هذه المراوغة باتت الآن اكثر من اي وقت، تهدد المفاوضات ومصيرها. وهي قد تدفع بالاوروبيين والروس الى ان يتخلّوا عن “فيينا” ويحذوا حذو واشنطن، فينسحبوا من “الاتفاق” ويذهبوا نحو خيار العقوبات ومحاصرة ايران…