كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
تتعمّق الأزمة اللبنانية أكثر فأكثر ويبدو واضحاً أن الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي لن تستطيع فعل شيء، بل إنها تواجه مصير التعطيل الدائم. تركت الأزمة المستجدة بين لبنان والخليج، على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي والخفّة التي تعاملت بها السلطة الحاكمة مع مثل هكذا حدث، تردداتها على الساحة اللبنانية، إذ إن المعالجات تغيب ولبنان مهدّد بعزلة لا مثيل لها.
وفي السياق، فإن الدخول الأوروبي على خطّ المعالجة برّد أجواء الإستقالة بعض الشيء من دون أن يلغيها، فإذا إستقال قرداحي سيتبعه وزراء “حزب الله” و”أمل” و”المردة” وعندها تفقد الحكومة ميثاقيتها الشيعية، وإذا لم يستقل قرداحي، فإن خيار إستقالة ميقاتي موجود ومطروح خصوصاً إذا اتخذت دول الخليج مواقف تصعيدية، وبالتالي فإن الأمور ضبابية. ووسط هذه المعمعة التي يدفع لبنان ثمنها، فإن التدخل الفرنسي لتطرية الأجواء في المملكة العربية السعودية والإمارات لم يصل إلى أي نتيجة تُذكر، لأن الموقف السعودي والخليجي واضح وهو عدم مسايرة السلطة الساقطة في يد “حزب الله”.
ومن جهة أخرى، يحاول الفرنسي عبر الأميركي التخفيف من وطأة الإجراءات السعودية والخليجية تجاه لبنان، ويسعى إلى أن تبقى الحكومة الميقاتية لأن رحيلها يعني الدخول في الفوضى والمجهول.
وأمام كل هذه العوامل يبدو أن الأوروبيين واقعون في حيرة من أمرهم، فهم من جهة لا يستطيعون الوقوف ضدّ مطالب الرياض التي تتعرّض للقصف الحوثي، ومن جهة ثانية لا يمكنهم مباركة الإجراءات القاسية بحقّ لبنان، لأنهم يعرفون أن الشعب يدفع ثمن سياسات “حزب الله” والسلطة الفاسدة التي يحميها “الحزب” ومافيا المال والفساد.
وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور، فإن الوضع سيبقى على حاله، خصوصاً أن الموقف الأوروبي لا يزال واضحاً، وهو يدعو إلى إجراء إصلاحات جذرية وإلا فلا مساعدات للبنان من أجل الخروج من أزمته، وبالتالي فإن الإصلاح يحتاج إلى عمل حكومي جاد وهذا غير متوافر لأن مجلس الوزراء معطّل ولا يجتمع، بسبب إصرار “حزب الله” وحركة “أمل” على قبع المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طارق البيطار. وحاول الفرنسي جاهداً ومعه الإتحاد الأوروبي فصل العمل الحكومي والإصلاحات المطلوبة عن الملفات السياسية المشتعلة في البلد، لكنه واجه الفشل الذريع لأن كل شيء في لبنان مرتبط بالسياسة، ومجرّد موافقته على تأليف حكومة ميقاتي التي تحاصصتها الأحزاب والقوى السياسية، ومباركته لها، فإن ذلك يعني مباركة أوروبية للطبقة السياسية الفاسدة وعدم سعي إلى التغيير.
وفي انتظار ما سيحل بالأزمة مع الخليج فإن الضغط الفرنسي والأوروبي يسير في اتجاه عدم تقديم ميقاتي إستقالته، لأن هذا الأمر يعني ضرباً للإستقرار ويضع الإستحقاق النيابي في دائرة الخطر، في حين أن الأوروبي يراهن على هذا الإستحقاق من أجل إحداث التغيير المنشود وعدم التجديد للطبقة السياسية الفاسدة.