جاء في “المركزية”:
عادت مجددا العلاقات السورية- العربية، في ضوء ما كشفته أوساط دبلوماسية عربية عن تواصل خليجي مع النظام في سوريا قريباً للبحث في تطورات الموقف السوري من المستجدات، في ظل توقعات لسيطرة النظام على منطقة شمال سوريا وإخراج الجيش التركي وترتيب الأمور بعد الاتفاق مع الأكراد الذين سيقفون بحسب الاوساط، الى جانب الجيش السوري في مواجهة المتطرفين والجيش التركي، باعتبار ان تحرير الشمال من السيطرة التركية سيحمل النظام على التحرر من القوات الايرانية وإخراج مقاتلي “حزب الله” من الاراضي السورية، فتكون مقدمة لإعلان الرئيس بشار الاسد عن عودته الى الحضن العربي وبالتالي عودة سوريا الى الجامعة العربية وفك تحالفه العسكري مع ايران، تمهيدا لعودة السفارات العربية الى دمشق.
الأوساط هذه، تستغرب تباطؤ سوريا في حسم خيارها العربي وتتحدث عن مهلة لعودة العرب الى سوريا قبل نهاية العام واعادة فتح السفارات بعد ان يكون الرئيس الأسد حدد خياره العربي وفك تحالفه مع ايران. في الانتظار، أوقف عدد من دول الخليج لاسيما السعودية اي تواصل مع سوريا بعد اعادة انتخاب بشار الاسد لولاية جديدة من 7 سنوات بانتظار ان يحسم خياره وينهي تحالفه مع ايران.
رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات والابحاث العميد الركن الدكتور هشام جابر قال لـ”المركزية”: “العلاقة بين سوريا والامارات تتقدم بشكل غير مسبوق. وفي حدث مهم بدلالاته، أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق، كما جرى اتصال مباشر أيضاً بين الرئيس السوري والشيخ محمد بن زايد، وهو الأول من نوعه منذ سنوات”، لافتاً الى ان العلاقات بين الامارات وسوريا أفضل مما هي عليه مع السعودية، ويبدو ان الامارات لم تضع شروطاً تعجيزية صعبة تجاه السوريين لهذا تحسنت العلاقات بسرعة، في حين ان السعودية، رغم انها تقدمت في المفاوضات غير المباشرة مع الجانب السوري، لكن العلاقات عادت وانتكست، لأن السعودية طلبت من النظام السوري تحجيم حزب الله في سوريا والضغط عليه ليخفف وجوده، ليس العسكري، إنما تأييده للحوثيين، لأن من المعروف ان حزب الله ليس لديه قوات عسكرية او مقاتلين في اليمن بل فقط خبراء عسكريون”.
وأشار جابر الى ان السعودية طلبت من ايران، والجميع يعلم ان هناك مشاورات بين الطرفين، ان تؤثر على “حزب الله” بغية تخفيف وجوده في اليمن، كما طلبت من بشار الاسد أيضاً ان يخفف الوجود العسكري لحزب الله في سوريا، فكان الجواب السوري: “لماذا تتحدثون معنا تحدثوا مع حزب الله”، وجاء الجواب الايراني مشابهاً أيضا: “اذا كان لديكم اي أمر يخص حزب الله واليمن فنحن لن نتدخل فيه”، كأن إيران نأت بنفسها، هذا الامر أثار حفيظة الجانب السعودي لأنه لا يريد ان يتحدث مع حزب الله مباشرة، ويعتبر ان موقفه من الحزب مشابه للموقف الاميركي اي أنه تنظيم ارهابي، لذلك اصطدم بالحائط ، وهذا ما صعّد مواقف السعودية تجاه لبنان، خاصة وان السعودية تركز على حزب الله وهمها الاساسي اليوم حرب اليمن. لهذا تأخرت العلاقات السورية السعودية بعد ان كانت السعودية متقدمة بالمشاورات مع الجانب السوري، وأعتقد انها توقفت في الوقت الحاضر بينما الامارات تتقدم بسرعة”.
ولفت جابر الى ان السعودية تتخذ موقفا من جماعة ايران او ما يسمى بالتنظيمات العسكرية غير النظامية. ايران غير موجودة بشكل جيش ايراني او حرس ثوري في سوريا مباشرة بل كخبراء وقادة من الحرس الثوري وعدد محدود من العناصر يديرون التنظيمات العسكرية غير النظامية التي تدعم النظام السوري والموالية لايران ومنها حزب الله والزينبيون والفاطميون وغيرهم، موجودون بالالاف. السعودية تريد التخفيف من وجود حزب الله والتنظيمات العسكرية الموالية لايران”.
وكانت الرياض سحبت سفيرها لدى دمشق عام 2011، وجمدت علاقاتها الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد، على خلفية قمع قوات النظام للمظاهرات الشعبية السلمية ما خلف أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى. وتبعتها بذلك بقية دول مجلس التعاون الخليجي عام 2012، إلا أن الإمارات والبحرين أعادتا فتح سفارتيهما في دمشق نهاية عام 2018، على مستوى القائمين بالأعمال. وفي تشرين الأول 2020، أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء.
ووفقا لتقارير إعلامية، أعادت السعودية في أيار الماضي، فتح قنوات مباشرة مع النظام، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي خالد الحميدان، لدمشق ولقائه الأسد، ورئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك، إلا أنه لم يصدر تأكيد أو نفي سعودي لهذه التقارير.
أما في ما يتعلق بالسعودية، فقد صرح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أن بلاده لا تفكر في التعامل مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، في الوقت الحالي. وقال في معرض رده على سؤال في مقابلة مع قناة CNBC الأميركية، الإثنين الماضي، حول إن كانت السعودية تفكر في التواصل مع الأسد أسوة بالعديد من الحكومات، قال بن فرحان: “السعودية لا تفكر بذلك حاليا”. إلا أنه أشار إلى أن الرياض تدعم العملية السياسية في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة بين النظام السوري والمعارضة، وأنها تريد المحافظة على الأمن وتدعم ما يحقق مصلحة الشعب السوري.
فهل تستجيب سوريا وتستعيد مقعدها في الجامعة العربية وتعود الى الحضن العربي؟