متى يبدأ بركان المواجهة الكبرى في الشرق الأوسط والخليج العربي يقذف حممه ليشعل مواجهة حتمية حاولت الدول العربية والغربية تفاديها؟
الثابت أن المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فجر الأحد في منزله في قلب المنطقة الخضراء في بغداد عبر 3 مسيّرات تشكل الإنذار الأكثر خطورة لقرب الانفجار الكبير.
محاولة اغتيال الكاظمي لم تأتِ من العبث، إنما تندرج في سياق سياسي ودبلوماسي وعسكري متكامل تتكبّد فيها إيران وميليشياتها سلسلة هزائم غير مسبوقة في المنطقة.
إيران مأزومة بفعل تعرضها لضربات إسرائيلية متتالية وموجعة في سوريا بمباركة روسية ما يضيّق الخناق على وجودها العسكري هناك، وهو ما دفعها إلى الردّ عبر استهداف التواجد الأميركي في قاعدة النتف بمسيّرات تشبه التي حاولت اغتيال الكاظمي.
إيران مأزومة بفعل القرار السعودي إنهاء المفاوضات معها، ورفض استمرار التفاوض قبل انسحابها من كل الدول العربية.
إيران مأزومة بفعل خسارتها الانتخابات النيابية في العراق والتراجع الهائل لحلفائها في الحشد الشعبي في ظل الخطوات الجبارة للكاظمي.
إيران مأزومة بعدما هددتها الولايات المتحدة قبل أيام بأن ممارساتها تعقّد أي عودة إلى المفاوضات النووية، ما اضطر وزير خارجية طهران حسين أمير عبد اللهيان إلى الهجوم واعتبار أنه لا يحق لواشنطن الحديث عن المفاوضات قبل رفع العقوبات.
إيران مأزومة بفعل القرار الإسرائيلي الواضح بمنعها من امتلاك القنبلة النووية سواء عبر الهجمات الالكترونية على منشآتها أو عبر الإعلان عن الاستعداد لضربات عسكرية إن اقتضى الأمر وفشلت المفاوضات النووية في لجمها.
إيران مأزومة أيضاً في مياه الخليج العربي رغم العراضات البوليودية للحرس الثوري في ظل القرار الأميركية بالتضييق على حركة ناقلات النفط الإيرانية.
إيران مأزومة أيضاً في لبنان بعد اشتداد الضغط على ذراعها “حزب الله” في التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت وعجز الحزب عن الإطاحة بالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار رغم هجوم السيد حسن نصرالله مباشرة على البيطار ورغم كل المحاولات القضائية والسياسية وحتى في الشارع حيث مُني بهزيمة مدويّة في عين الرمانة.
في مقابل سلسلة النكسات يبدو أن القرار الإيراني اتُخذ بمحاولة إشعال المنطقة في محاولة يائسة للحفاظ على “مكتسباتها” عبر استراتيجية العنف والاغتيالات في مسعى لقلب الوقائع. في لبنان حاولت استباق ما كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يسعى إليه من خلال توحيد القوى المعارضة لسياساتها وللهيمنة السورية فكان الاغتيال الكبير في 14 شباط 2005، لكن النقمة الشعبية ارتدت عليها وعلى حليفتها يومذاك دمشق فدفعا الثمن بالانسحاب العسكري السوري. واليوم حاولت عبر السعي لاغتيال الكاظمي للإطاحة بنتائح الانتخابات وبقيادة الكاظمي بعدما عملت على تخريب نتائج الانتخابات ففشلت في المحاولتين.
ومن يراقب الصورة الإقليمية يدرك تماماً أن المنطقة برمتها باتت على فوهة بركان خطير وربما بدأت بالانزلاق إلى قلب البركان، وبات على الجميع أن يعدّ العدة للمواجهة التي باتت حتمية.
لعل الخطيئة الكبرى في الأعوام الماضية تتمثل في محاولات المجتمعين العربي والغربي تفادي المواجهة أو تأخيرها، في حين اتضح اليوم أنه لا بدّ منها للحفاظ على استقرار المنطقة وحماية دولها وشعوبها في مواجهة الغطرسة الإيرانية وجهود نظام الملالي للتخريب والتمدد من اليمن إلى لبنان.
لكن ما بات واضحاً ولا لبس فيه أن أكثرية المعنيين بوضع المنطقة أدركوا أنه لا مفرّ من خوض المواجهة على مختلف المستويات، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً أيضاً حيث يلزم للجم طهران ووضع حدِ لسياساتها العدائية قبل فوات الأوان.
حمى الله شعوب العراق واليمن وسوريا ولبنان!