Site icon IMLebanon

تحقيقات المرفأ بخطر… البيطار كبش فداء للحكومة؟

An aerial view taken on August 7, 2020, shows a partial view of the port of Beirut and the crater caused by the colossal explosion three days earlier of a huge pile of ammonium nitrate that had languished for years in a port warehouse, left scores of people dead or injured and caused devastation in the Lebanese capital. The city of Beirut can be seen in the background. (Photo by - / AFP)

كتب جوني فخري في “العربية”:

في خطوة مفاجئة يبدو أنها تحمل في طيّاتها “تسوية” سياسية، تم كفّ يد المحقّق العدلي طارق البيطار عن قضيّة انفجار مرفأ بيروت بشكل موقت قبل يومين إلى حين بتّ محكمة الاستئناف بالدعوى وصدور قرارها النهائي.

ولعل اللافت بقرار طلب الردّ وهو السادس في سجل القاضي بيطار منذ أن بدأت الحملة عليه مطلع شهر تموز من العام الجاري، لأنه ادّعى على سياسيين وضباط أمنيين حاليين ومتقاعدين، أنه صدر عن المحكمة نفسها التي سبق ورفضت طلبات الرد السابقة ضده، وهو ما وصفه مصدر قضائي لـ”العربية.نت” بـ”الفضيحة القانونية”.

وشرح المصدر “أن محكمة الاستئناف التي يرأسها القاضي نسيب إيليا رفضت شكلاً كل الدعاوى التي قدّمها المدّعى عليهم الوزراء السابقون، علي حسن خليل، غازي زعيتر، نهاد المشنوق ويوسف فنيانوس ضد البيطار، لكن بعد أن تم كفّ يد القاضي إيليا عن القضية (بسبب طلب ردّ من الوزيرين المدّعى عليهما في الملف، علي حسن خليل وغازي زعيتر) كُلّف القاضي حبيب مزهر بذلك، وقرر إبلاغ البيطار هذه الدعوى وإعطاءه مهلة 3 أيام، للردّ عليها على أن تبتّ بها محكمة الاستئناف في ما بعد”.

وتبعاً لهذا القرار سيتم إرجاء الجلسة المقررة للنائب والوزير السابق غازي زعيتر (من حركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، في التاسع من تشرين الثاني الجاري.

تسوية سياسية؟!

ومع أن كفّ يد البيطار موقت لحين النظر في طلب الردّ والبتّ فيه، غير أن تنحي إيليا عن القضية وتكليف مزهر تحديداً البتّ بالدعوى ضد البيطار يُفهم منه أن هناك تسوية ما يجري العمل عليها خلف الكواليس من أجل “تطيير” القاضي البيطار عن تحقيقات المرفأ والإتيان بقاضٍ “مطواع” للقوى السياسية المرتابة من عمل المحقق العدلي.

فبحسب المصدر القضائي “عُين القاضي حبيب مزهر منذ أيام عضواً في مجلس القضاء الأعلى بعد تشاور وزير العدل (محسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون) مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، وبرز اسمه بين الأعضاء الأكثر إصراراً للاستماع إلى القاضي طارق البيطار في المجلس، وذلك بعد الحملة السياسية التي شنّت ضده وشكّل الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل رأس حربتها”.

كفّ يد البيطار؟!

وعليه، لم يستبعد المصدر “أن يُشكّل قرار مزهر مقدّمة لبدء “المسار القانوني” لكفّ يد البيطار عن تحقيقات المرفأ”، متسائلاً “من هو القاضي الذي “سيتجرّأ” على استلام ملف التحقيقات بعد إقالة القاضيين فادي صوّان والآن طارق البيطار”؟

يأتي قرار مزهر على وقع اشتباك سياسي بين القوى السياسية المُمثلة بالحكومة أدّى إلى تعطيل جلساتها. واعتبر محللون أن الثنائي الشيعي وضع معادلة أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إما “قبع” القاضي بيطار عن تحقيقات مرفأ بيروت، لأنه يتّهمه بـ”التسييس والاستنسابية” أو أن الحكومة ستدخل في موت سريري ولن تجتمع بغياب المكوّن الشيعي.

الحكومة مقابل القاضي؟

وفي الإطار، اعتبر الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك لـ”العربية.نت” “الأيام المقبلة ستحمل إجابات واضحة حول ما إذا كان قرار مزهر من ضمن عدّة الشغل لإعادة الحكومة إلى الانعقاد مقابل كفّ يد البيطار عن التحقيقات”.

وقال “هناك مؤشرات تدل إلى اتّجاه لكفّ يد البيطار نهائياً عن ملف التحقيق بانفجار المرفأ، لكن المُستغرب القرار الصادر عن مزهر الذي برأيي هو لزوم ما لا يلزم، لأنه كان يكفي أن يتسلّم البيطار تبليغا بوجود طلب ردّ ضده حتى يتوقّف تلقائياً عن متابعة التحقيقات دون الحاجة إلى صدور قرار قضائي بهذا الشكل”.

قرار سياسي

كما أشار إلى “أن هناك قراراً سياسياً بـ”قبع” (التعبير الذي استخدمه مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا في رسالة “تهديد” مبّطنة أراد نقلها عبر وسيط إلى المحقق العدلي بأن يوقف تحقيقاته)، لأن هناك فريقا سياسيا (في إشارة إلى حزب الله ومعه حركة أمل) يشترط العودة إلى طاولة مجلس الوزراء بإزاحة البيطار عن تحقيقات مرفأ بيروت”.

وأمل مالك ألا يكون هذا القرار مقدّمة لإمكانية كفّ يد البيطار خلافاً للقانون، لاسيما وأن محكمة الاستئناف في بيروت سبق وأصدرت العديد من القرارات منها في العام 2007 وفي الأشهر الأخيرة بقضية القاضي البيطار قضت جميعها بردّ دعاوى كفّ اليد”.

يذكر أنه منذ مطلع شهر تموز من العام الجاري، بدأت الحملة على المحقق العدلي بعد ادّعائه على رئيس وزراء لبنان السابق حسّان دياب، إضافة إلى وزراء سابقين وضباط أمنيين حاليين ومتقاعدين. وترافقت الحملة مع تهديدات للقاضي، لاسيما من قبل حزب الله ومواقف مطالبة باستبداله لأنه “مسيس” و”مرتهن لصالح دول خارجية”.