جاء في “المركزية”:
تبعث التطورات العراقية الاخيرة على القلق جديا، ليس فقط على بلاد الرافدين ومصيرها سياسيا وامنيا، بل على مصير كل دولة فيها حلفاء لايران وأذرع عسكرية تابعة لها، لناحية قدرة مواطنيها على تقرير نمط حياتهم بأنفسهم ورسم معالم المستقبل الذي يريدون، والبلد الذي يطمحون للعيش فيه.
فبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، أثبتت الحوادث العراقية المتوالية فصولا منذ الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد الشهر الماضي، ان لا مكان للديموقراطية في قاموس “الممانعين”، وانهم يرفضون سماع صوت الناس او احترام كلمتهم وخياراتهم ان لم تكن مؤيدة لهم.
ذلك ان منذ لحظة اعلان النتائج التي أظهرت تقدما للتيار الصدري الرافض اي تدخل اجنبي في الشؤون العراقية، وتراجعا كبيرا لخط داعمي طهران في العراق، توعد هؤلاء بالطعن مشككين في الاستحقاق ونتائجه ونزاهته… وبعد ان أكدت اعادة فرز الاصوات على الارقام الاساسية، حركت ايران الخطة ب ، فنزل مناصروها الى شوارع بغداد ومحيط المنطقة الخضراء في تظاهرات احتجاجية لم تخل من العنف والمواجهات مع القوى الامنية.
وشارك عدد من قادة الميليشيات الموالية لإيران، بينها حزب الله وبدر والنجباء والعصائب، في تلك الاحتجاجات التي أدت إلى سقوط قتيل من بين المتظاهرين، وإصابة العشرات أغلبهم من القوى الأمنية.
وبما ان هذه الفوضى بدت غير كافية لاسقاط نتائج الانتخابات، وساعات بعيد توعد قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، رئيسَ الوزراء مصطفى الكاظمي “بالرد”، بعد طرد أنصاره من المنطقة الخضراء، تعرّض مقر إقامة الاخير فجر الأحد لاستهداف بواسطة طائرة مسيرة مفخخة، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية، وإصابة عناصر من فريق حمايته. واكد رئيس الوزراء الذي نقل الى المستشفى اثر اصابته بجروح طفيفة، عبر تويتر أن “صواريخ الغدر والمسيرات لن تثبط عزيمة العراقيين، ولن تهزّ إصرار القوات الأمنية على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه”.
في لبنان، الشبيه كثيرا بالعراق من حيث الوضعية الاستراتيجية والتوازنات المحلية، سبق لحزب الله ان فرض عبر عراضة بالقمصان السود، انقلابا على نتائج الانتخابات عام ٢٠٠٩ فنقل الاكثرية من فريق ١٤ الى ٨ آذار بعد ان قررت المختارة التي فهمت رسالة الضاحية جيدا، تبدية الاستقرار على اي امر آخر. فما الذي يضمن الا يُكرّر الحزب التجربة ذاتها في الانتخابات المقبلة؟ هو سيستخدم قبلها كلَ فائض قوته ، في مناطق نفوذه وخارجها، ليعزز فرص فوز فريقه، لكن إن لم ينتصر ، فإن بيروت ستكون على الارجح امام سيناريو شبيه بذلك الذي يدور اليوم في بغداد… هذا اذا حصلت الانتخابات ولم يفضّل الحزبُ تطييرها بحدث امني ما مثلا.. هذه التطورات، من بغداد الى بيروت مرورا بصنعاء، تؤكد ان لا انقاذ او خلاص لهذه الدول الا بتخليصها من الميليشيات المسلحة وتحويلها الى احزاب سياسية مجرّدة من السلاح شأنها شأن كل الاحزاب الطبيعية الاخرى.. فهل يمكن ان يتحقّق ذلك يوما ما؟!