كتبت زينب حمود في الأخبار:
بفضل دعم عائلتها، تمكّنت لين الرمح من أن تتقبّل إعاقتها وتبني ثقة عالية بنفسها. ابنة الستة عشر ربيعاً اصطدمت بمن ينظرون إلى ما يملكونه وينقصها، ما يجعلها مضطرة باستمرار إلى أن تثبت أنها «مختلفة وليست متخلّفة». وعندما وجدت أن أترابها المكفوفين غير المحصّنين من سهام المجتمع يشعرون بالدونية، ويعانون من عدم تقبّل الآخر لهم، قررت أن تساعدهم من خلال مشروع تقبّل الذات والآخر، وتعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال المكفوفين، وإظهار مواهبهم التي يقمعها المجتمع. واختير مشروعها للمنافسة في مسابقة جائزة السلام الدولية للأطفال لعام 2021 التي تنظمها مؤسسة Kidsrights الدولية في أمستردام.
لين هي المرشحة اللبنانية الوحيدة للمسابقة، بحسب ما أبلغت وزارة التربية مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل، حيث تدرس وتتلقى الدعم لمشروعها. في 13 الجاري، ستنافس 169 مرشحاً عالمياً، ولن تكون هذه المرة الأولى التي تخرج فيها لين إلى الأضواء، إذ شاركت «النحلة النشيطة»، بحسب المشرفة على مشروعها في مؤسسة الهادي رنا حمام، «في عدد من النشاطات التي تُعنى بحقوق الإنسان، واليوم العالمي للعصا البيضاء، وفي مقابلات تلفزيونية تحدثت خلالها عن الأطفال المكفوفين»، ما وفّر لها الظروف المناسبة لبلورة فكرة مشروعها وتطورها بدعم من أساتذتها وأصدقائها في المؤسسة.
بعد توزيع استبيان على الأطفال المكفوفين في المؤسسة حول مدى تقبلهم لذاتهم، وآخر على الأهالي حول مدى تقبلهم لأطفالهم، حددت لين والفريق الذي وفرته المؤسسة من يحتاج إلى الدعم النفسي والمعنوي. وانطلق المشروع بعد تعيين مجموعة من الاختصاصيين النفسيين والمرشدين الاجتماعيين لتقديم الدعم اللازم للأطفال وأهاليهم. وإذا توفرت الإمكانات المادية، تحلم لين بأن «تتسع رقعة المشروع وتشمل أكبر عدد من الأطفال المكفوفين خارج المؤسسة». وهي تعي بأنه، إلى جانب تحصين المكفوفين وأهاليهم، يبقى العمود الفقري لمشروعها، الذي يحتاج إلى جهة داعمة وممولة، هو توعية المجتمع الذي «يمارس الضغط النفسي بحق المكفوفين وغيرهم من ذوي الإعاقة ويحبطهم»، فكثيراً ما تسمع لين من الآخرين أنها «فاشلة»، وإن كانت ذات «شخصية قوية وواثقة بنفسها»، إلا أنها لا تستطيع أن تمحو النقد الجارح الذي تسمعه من ذاكرتها. وقد أنشأت لين على «فايسبوك» صفحة خاصة بالمشروع لتنشر أفكارها بين أفراد مجتمعها.
الهدف الذي تسعى الفتاة إلى تحقيقه هو تمكين الأطفال المكفوفين من تحويل إعاقتهم إلى مصدر قوة وإرادة وعزيمة، «ليكونوا سعداء وناجحين». بدأت من نفسها، و«استغلّت» إعاقتها لتصنع من ذاتها إنساناً صاحب رسالة تحملها طوال حياتها، وهي: «نحن مختلفون ولسنا متخلّفين، وهذا الاختلاف غير معيب وإنما هو أمر أساسي ومهمّ وتحتاج إليه كل المجتمعات، لذا يجب أن نتقبّله جميعنا».