رأى عضو تكتل النائب بيار بو عاصي أن “حديث أركان الدولة عن حصار كذبة لأن ما نعيشه عزلة من جراء سوء أداء داخلي”، معتبرا أن “طرح المؤتمر التأسيسي الذي سيقود إلى المثالثة هو “بعبع” ولد ميتا ولا حظوظ له”، مشددا على أن “منظومة متكاملة تبدأ بإيديولوجيا وتستمر بارتبط خارجي وتترجم بالسلاح، لا يمكنها أن تتعايش مع لبنان”.
وقال بو عاصي في حديث عبر “لبنان الحر”: “إذا استمررنا في هذا النهج، فنحن متجهون إلى مزيد من التحلل. كل اقتصادنا قائم على دول الخليج من التصدير بقيمة نحو مليار دولار سنويا إلى إقامة أكثر من 350 ألف لبناني يعملون فيها ولديهم اكبر عدد من الشركات مقابل السياحة الخليجية في لبنان والودائع والاستثمارات. هذا ما يشكل أوكسيجينا للبنان. فأين المصلحة الوطنية العليا باستعداء دول الخليج؟”.
وتوجه إلى “حزب الله” قائلا: “إذا كان الأمر عنتريات، فيجب أن تتوقف لأنه لا يحق لك أن تتعنتر من كيس الشعب اللبناني. أما إذا كان الأمر إرضاء لإيران، فأحد لم يمنحك وكالة لبيع لبنان لمصلحتها”.
واوضح بو عاصي أنّ “الجرح عند الخليج يكمن في أن لبنان اصبح دولة لا تمتلك قرارها السيادي، وهم يريدون التعاطي من دولة إلى دولة”، واضاف: “إن قلب الخليج على الشعب اللبناني وغضبه على حزب الله ولديه عدم اكتراث بسبب ممارسات الطبقة السياسية الحاكمة التي لا تملك رؤية ولا قدرة على فرض أي شيء”.
وتابع: “ليس فقط دول الخليج، بل كل دول العالم – باستثناء إيران وربما بشار الأسد – تنظر إلى لبنان كدولة فاقدة للرؤية، لا تمتلك قرارها السيادي ولا نية لديها للنهوض والقيام بالإصلاحات ومحاربة الفساد. يجب أن يدرك لبنان أنه لم يعد في استطاعته التصرف كالطفل المدلل مع المجتمع الدولي والعالم العربي”.
ورأى بو عاصي “إن الخطوات التي اتخذتها دول الخليج موجعة، لكننا لم نصل بعد إلى أسوأ السيناريوهات، فالبعض عندنا أخذ خطوة سحب السفراء باستخفاف. الطبقة السياسية هي التي تغرق الشعب أكثر اليوم، وهناك تراجع هائل في نوعية رجالات الدولة، إضافة إلى الخوف الهائل، خصوصا من الحزب. التغييرات الكبيرة في مسارات الشعوب تبدأ بالكلمة والشجاعة، والمفصل الفعلي هو في الانتخابات المقبلة حيث القرار بيد الشعب”.
كما اعتبر أن “أخطر مشكلة نعانيها في لبنان هي انتهاك السيادة منذ ما قبل اتفاقية القاهرة عام 1969″، مؤكدا أن “الحل يبدأ حين يتوقف وجود ميل من قبل بعض اللبنانيين للاستقواء بالخارج”.
وأردف: “نحن في ورطة. ومع احترامي لشخصه، فمن هو (وزير الإعلام) جورج قرداحي ليعرض مصالح شعب بكامله للخطر؟ فالمشكلة ليست بما صرح به قبل تعيينه وزيرا، بل بتوزيره في حكومة هدفها الأول إعادة ربط لبنان بالعالم العربي، والاستعانة بوزراء كقرداحي معادين للعالم العربي. لقد انتظرنا سنة لتشكيل الحكومة، وفق نماذج كهذه؟ فالواقع اليوم والتخبط الدائم أثبتا فشلا مطلقا لمنظومة حزب الله في لبنان”.
ولفت بو عاصي الى انه “ثمة قيادتان متلازمتان ومتواطئتان اليوم في لبنان، التيار الوطني الحر وحزب الله. التيار يغطيه مسيحيا ورئيس الجمهورية يغطيه شرعيا، فيما الحزب عبر قدرته العسكرية وبرنامجه لإقامة دولة إسلامية في لبنان وترهيب الطبقة السياسية كافة وعبر الإفلات التام من العقاب. وبالتالي، هذا التناغم هو تعريف الكارثة الواقعة على لبنان”.
وتابع: “الشرخ الفعلي بيننا وبين حزب الله ليس سياسيا، بل ثقافيا، فأولوية حزب الله إيديولوجية ذات طابع سياسي وليست المشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية من انهيار الليرة إلى ارتفاع البطالة وازدياد الفقر وهجرة الشباب. التسلسل الفكري السليم هو عند الانطلاق من فرضية صحيحة والوصول إلى استنتاج صحيح. أما المشكلة مع حسن نصرالله هي انطلاقه من فرضية خاطئة، لكنه يتبعها بتسلسل أفكار منطقي، وبعده استنتاج خاطئ، والناس يتوقفون عند التسلسل. حزب الله يحاول قتل فكرة الدولة اللبنانية. الحلم اللبناني المسيحي أي قيام دولة لكل مكوناتها هو المهدد اليوم”.
وردا على سؤال، أجاب: “مشكلة لبنان ليست كبيرة، لكنها خطيرة، وسؤال “إلى أين” مسموح للمواطن، لكنه ممنوع على السياسي. وللأسف، الكثير من السياسيين الموجودين في سدة القيادة لم يبرهنوا قدرتهم على القيادة”.
واعتبر بو عاصي أن “كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خلال أحداث الطيونة كان عبارة عن تصرفات لا أخلاقية ولا مسؤولة وحقيرة”، وقال: “فيما الوضع على كف عفريت، وعين الرمانة تتعرض للهجوم، والقتلى يسقطون، كان يبحث كيف يجمع صوتين للانتخابات في البترون، فبصفتك رئيس أكبر كتلة نيابية، برأيك، هل أتى كلامك في وقته المناسب؟”.
وأضاف: “التظاهرة دعت إليها حركة أمل والحزب. وفي لحظة واحدة، دخلوا عين الرمانة بأعداد كبيرة وعدائية كبيرة، وسقط أول أربعة جرحى من أبناء عين الرمانة، اثنان منهم موقوفان، ولا نعلم مطلقي النار أين هم. الجيش تدخل ولو متأخرا وخيرا فعل، فهناك استشراس في التحقيق لناحية عين الرمانة بسبب ضغط من الحزب على القضاء العسكري من أجل خلق نوع من التوازن بين مسلحي حزب الله وأمل وبين الشباب أصحاب النخوة الذين كانوا واقفين عند أبواب مساكنهم. أسوأ شيء أن يفقد الإنسان ثقته بالدولة والقضاء. وأسوأ شيء أيضا الدولة الجبانة والظالمة”.
أما عن العلاقة مع “التيار” واتفاقية معراب، فقال: “هل كانت بنود اتفاق معراب جيدة؟ نعم، لكنهم لم يلتزموا تنفيذها. المصلحة الوطنية العليا تم رسمها عبر البنود الـ16، وإلى جانبها كان الملحق السياسي، فلا أحد كاريتاس، ومن حق كل فريق أن يوسع تمثيله، لكنهم لم يحترموا أي بند لسببين، الاستمرار في نهجهم في ملف الكهرباء والحفاظ على سلاح حزب الله. لو احترم باسيل الاتفاق لوفر الكثير على البلاد وعلى المسيحيين ولضمن حقوقهم، لكنه بدى الصفقات على المصلحة الوطنية وأضاع على لبنان فرصة تاريخية. نحن جاهزون لأي محاسبة أمام الناس والتاريخ”.
وعن ترسيم الحدود البحرية، اشار الى “أنّ ملف الحدود البحرية موضوع منذ سنوات على طاولة البحث، ولبنان ارتكب أخطاء كبيرة في التفاوض بين الانطلاق من الخط 23 أو الخط 29، وعليه أن يحدد من أين سينطلق بالتفاوض. حتى الآن، لا نعرف مدى امتلاكنا ثروة نفطية وما حجمها. لدينا إمكانية بأن تكون لدينا ثروة وطنية، وهي ملك الشعب اللبناني، لكن لا جدية في التعامل مع الموضوع ولا أهمية لها، وذلك لعدم استثمارها في وقت نحن بحاجة ماسة إليها”.
وانتخابيا، أكد بو عاصي أنه “لا يؤمن إلا بالانتخابات النيابية، ولا تغيير فعليا إلا عبرها”، وقال: “من المستحيل أن تحصل الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل هذا المجلس، فهذا الأمر خط أحمر ممنوع التلاعب به”.
وختم: “بعيداً عن أي تمييز طائفي، فالمسؤولية الكبرى في الانتخابات عند المسيحيين، فإذا كانوا يعتبرون أن تحالف حزب الله والتيار إيجابي فعظيم. أما إن وجدوا أنه أدى إلى عزلة ورتب كوارث على لبنان، فعليهم ان يأخذوا المبادرة. أول حق للمسيحيين هو بناء دولة قادرة على الاستمرار، عكس ما يحصل اليوم، فاستراتيجية الحزب اليوم، هي: غطيلي السلاح بغطيلك الفساد”.