كتبت جويل رياشي في صحيفة الأنباء:
يتصدر النقل وتعرفته ولائحة مطالب العمال نتيجة تراجع قيمة العملة الوطنية وتدني قيمة اجورهم جراء الضائقة الاقتصادية التي يمر بها لبنان منذ نهاية 2019 حديث الناس في لبنان.
وتحظى هذه المطالب برضا الهيئات الاقتصادية وجمعية الصناعيين اللبنانيين أي أرباب العمل، الذين عرضوا رفع بدل النقل وتقديم إعانات مادية مقطوعة للعمال، من دون إدخالها في صلب الراتب الأساسي، ما يشكل ايضا موضوع اخذ ورد على اعتبار ان زيادة بدل النقل «حيلة» للهروب من زيادة الاجور.
وتتصدر أحاديث الصالونات والشارع اللبناني حكايات أسعار بدل النقل، خصوصا في المدارس للتلامذة المسجلين بالباصات المدرسية، وكذلك بالنسبة الى الموظفين على اختلاف قطاعاتهم. ولم يعد سرا أن كلفة نقل التلميذ الى مدرسته تتخطى القسط المدرسي لأنها تحسب «على الدولار» فيما بقيت الاقساط المدرسية محسوبة «على الليرة».
ياسر تلميذ في مدرسة تابعة لإرسالية أجنبية أوروبية، تبلغ كلفة حافلته المدرسية شهريا 150 دولارا أميركيا، وهي قابلة للزيادة وفق السلم المتحرك لأسعار النفط، في حين دفع ذووه ما يعادل زهاء 200 دولار قيمة القسط المدرسي الفصلي.
في هذا الاطار، تكثر الحكايات عن شراكة بين الأهل في نقل أولادهم carpooling الى المدارس تفاديا للأكلاف المادية العالية للحافلات المدرسية والأخرى الخاصة. وقد تحدثت مارال الموظفة في شركة كبرى لبيع السيارات «عن دوام يومي اتقاسمه وأهالي لإيصال أولادنا الى إحدى مدارس الأشرفية».
كذلك بادرت ادارة احد المصارف الى تأمين باصات لنقل الموظفين لتفادي دفع بدلات نقل إضافية. في حين بادرت شركات أجنبية ومؤسسات تتبع جمعيات دولية الى تسعير بدل النقل لموظفيها بالدولار الأميركي، «حفاظا على جودة العمل»، بحسب مدير أجنبي لإحدى المؤسسات. الا ان الحالة الأخيرة تدرج في خانة النوادر من اليوميات اللبنانية.
وكثرت أيضا التحليلات من زملاء يتعاطون الشأن الاقتصادي، عن تعمد إدارات وقطاعات رسمية وخاصة منح مساعدات دون إدراجها في صلب الراتب الأساسي للعامل، وبينها رفع قمية بدل النقل الى 65 الف ليرة يوميا (زهاء دينار)، الى رفع قيمة المنح المدرسية ومنح مساعدات مقطوعة لاصحاب الرواتب المتواضعة، لتفادي زيادة الاجور بشكل جذري.
ويتفق الجميع على ان الحلول المطروحة كلها، لا تتعدى إعطاء جرعة مسكن او حبة بنادول، دون التعويل عليها لحل مشكلة اجتماعية – اقتصادية خانقة، تهدد القطاع العمالي في لبنان.
في بلد تزداد فيه معاناة المواطنين يوما بعد يوم، تبدو اقتراحات الحلول عابرة وغير جذرية، علما ان عائلات لبنانية كثيرة تعتمد على تحويلات مالية تتلقاها من أفراد لها في الخارج: تحويلات تقي السكان شر العوز، وتعينهم على تسديد مصاريفهم الضرورية من فواتير كهرباء بشقيها الرسمي وخدمات المولد، ومياه والأساسيات من المواد الغذائية، وما هو متوافر من خدمات التعليم والرعاية الصحية.
مشكلات اقتصادية عدة تطالع اللبنانيين، وحلول جذرية مستبعدة وغير واردة حتى الآن. وفي أحسن الأحوال تهدف الاقتراحات المطروحة الى عدم اصابة قطاع الانتاج بالشلل التام، وليس تحسين وضع العمال والموظفين.