كتب ألان سركيس في نداء الوطن:
باتت لكلّ دائرة حساباتها الإنتخابية الصرفة بغضّ النظر عن التحالفات الكبرى في السياسة أو الخطّ الوطني العام.
تُعتبر دائرة المتن من بين أكثر الدوائر حدّيّة في أي إنتخابات، واكتسبت أهميتها القصوى بعد “الطائف” لأنها شكّلت المعقل لزعامة النائب الراحل ميشال المرّ والذي قيل وقتها أنه “حَكم لبنان من العمارة”.
وبعد انسحاب جيش الإحتلال السوري من لبنان، عادت اللعبة السياسية إلى سابق عهدها مع دخول تسونامي “التيار الوطني الحرّ” عام 2005 إلى الخريطة الإنتخابية وعودة “القوات اللبنانية” إلى الساحة.
وشكّل حزب “الطاشناق” بأصواته المرصوصة “بيضة القبّان”، فقلب كل الموازين وِفق النظام الأكثري، وكان المرّ قبل الـ2005 يتّكل بشكل كبير على القوّة التجييرية للحزب الأرمني، وفي انتخابات 2005 صبّت كل أصوات الطاشناق للوائح “الإصلاح والتغيير”، وأسقطت هذه الأصوات الرئيس أمين الجميل في معركته العام 2007 بعد استشهاد نجله بيار وأدّت إلى فوز مرشح “التيار” كميل خوري.
وعلى رغم امتهان المرّ الحسابات الإنتخابية ومعرفته النتيجة قبل صدورها، إلا أنه “انغشّ” في انتخابات 2009 بقدرة “الطاشناق” على الإستعانة بمغتربين أرمن، فكانت النتيجة فوزه وحيداً مع النائب سامي الجميل وخسارة لائحة 14 آذار حينها.
هذا بالنسبة إلى القانون الأكثري، أما بعد اعتماد القانون النسبي الذي جعل من المتن دائرة لوحدها بثمانية مقاعد، فقد انقلب السحر على الساحر، فمن كان يركض لاهثاً وراء التحالف مع “الطاشناق” بات يقيم ألف حساب لمثل هكذا تحالف، لأنه ببساطة، لا يملك الحزب الأرمني حاصلاً لوحده في المتن.
في انتخابات 2018، إقترع 89844 ناخباً متنياً، وكان الحاصل الأولي 11230 صوتاً، والحاصل هو عدد المقترعين مقسوماً على عدد المقاعد النيابية، وبعد عدم قدرة لائحة “كلنا وطني” المدعومة من المجتمع المدني الوصول إلى حاصل بعدما نالت 5027 صوتاً، بات الحاصل في المتن 10602 صوت، وقد نال مرشّح حزب “الطاشناق” النائب أغوب بقرادونيان الذي سيترشّح مجدداً في المتن 7182 صوتاً، أي أقلّ بـ 3420 صوتاً من الحاصل. وأمام كل هذه الأرقام، فإن “الطاشناق” سدّ الفارق من لائحة “لبنان القوي” من أجل الفوز بمقعد، وبالتالي فان كل الأرقام تدلّ على أن أي لائحة سيتحالف معها “الطاشناق” يأكل من صحنها لكي يؤمّن فوزه، فلو كان منفرداً ولم يمدّه “التيار الوطني الحر” والحزب “السوري القومي الإجتماعي” بـ3420 صوتاً كان حلّ به مثلما حلّ بمرشّح “حزب الله” عن المقعد الشيعي في جبيل والذي خسر على رغم حصده الأغلبية الشيعية من أصوات شيعة جبيل لأن لائحته لم تصل إلى الحاصل.
وعلى رغم أنّ الإحتمال الأبرز هو تحالف “الطاشناق” مع “التيار الوطني الحرّ”، إلا أن كل الإحتمالات مفتوحة على مصراعيها، فتحالف “الطاشناق” مع ميشال الياس المرّ غير ذي فائدة على المرّ الذي ستشكّل أصواته رافعة لـ”الطاشناق” من دون أن يكون قادراً على الفوز بحاصل ثانٍ، و”القوات” تخوض المعركة لوحدها بالتحالف مع بعض المستقلين، و”الكتائب” تعمل على التحالف مع شخصيات من المجتمع المدني، لذلك تضيق الخيارات أمام “الطاشناق” الذي يحتاج إلى وضع خطة “ب” إذا لم تتطابق حسابات حقل “التيار” مع بيدر إنتخابات المتن، في وقت قد يستطيع “الطاشناق” رفع رقم مرشّحه إذا ما قام بحملة مكوكيّة لتسجيل المغتربين الأرمن الموالين له مثلما استقدمهم في إنتخابات 2009 بالطائرات.