جاء في “المركزية”:
كأنه كُتِب على اللبناني أن تكون كل محطة تغيير في تاريخ الوطن ممهورة بالدم والتضحيات. هذه المرة كل القوى السيادية تعوّل على الإنتخابات لرسم خارطة التغيير والرافعة ستكون حتما من خلال التصويت بكثافة سواء من المقترعين في الداخل أو الإغتراب.
كل المؤشرات تدل حتى اللحظة أن انتخابات 2022 إذا حصلت ستحدث تغييراً ما في المشهد السياسي وخروقات من شأنها اعادة خلط الاوراق التمثيلية نتيجة التبدل في المزاج الشعبي وجلوس مجموعات الثورة والمجتمع المدني على طاولة للانتخابات. وهذا ما بدأ يحسب له أفرقاء الممانعة حسابا سيما وأن استطلاعات الرأي تتحدث عن احتمالات خرق كبيرة للمجتمع المدني اذا خاض الاستحقاق موحداً، ومن الطبيعي أن تسعى السلطة لتطيير الانتخابات.
المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ يرسم خارطة الإنتخابات وفقا لمنهجية تعتمد على أربعة خيارات، ويقول” “لبنان اليوم يواجه خطرا على الكيان والوجود والهوية. والإنتخابات النيابية محطة دستورية ويجب أن تجري في موعدها وأن يجهد اللبنانيون لمنع تعطيلها أو تأجيلها أو تفخيخها تزويرا أو ضغطا”.
ويضيف:” هناك أربعة تحديات يجب أخذها في الإعتبار. التحدي الأول يقوم على إنجاز أوسع تفاهم حول القضية اللبنانية بعناوينها الأساسية، هوية لبنان، دوره سيادته، صيغة العيش الواحد فيه إنتماؤه إلى الأسرتين العربية والدولية ميثاق لبنان اللاشرق واللاغرب مع الإلتزام بالقضايا العربية المحقة. على أن يكون هذا التفاهم قائما على قاعدة بناء مشروع الدولة وليس إمكانية تقاسم النفوذ الإنتخابي”. وأكد الصائغ أن ” هذا التفاهم يشكل نقلة نوعية يجب تحقيقها في هذه اللحظة التاريخية”.
التحدي الثاني هو “أن يضع اللبنانيون الذين يشبهون هذا اللبنان بصيغته الحضارية النموذجية المزاجيات والأنانيات والكبرياء الجماعي والشخصي والحزبي والمناطقي تحت عنوان واحد، المواجهة لصون الهوية والكيان والميثاق الصيغة حتى في ظل غياب الدولة ووجود سلطة تحتل الدولة”
ويركز الصائغ في التحدي الثالث على ضرورة” خوض معركة مشتركة تأخذ في الإعتبار حجم المخاطر وليس حجم إمكانية تحصيل عدد أكبر من النواب”. وأخيرا “عدم التركيز على لحظة الإنتخابات إنما على ما بعد هذه المحطة المفصلية والذهاب إلى العمل الجدي للبحث في كيفية ضمان استمرار العمل المشترك على أن يكون المشروع الأساس هو بناء الدولة”.
الخلاصة الأهم التي يركز عليها الصائغ هي ” ألا يكون مفهوم القيادة تقليديا إنما جماعياً لاستيعاب خطورة المرحلة والقدرة على مواجهتها وليس ما يمكن تحصيله من هذه المرحلة في المواقع السياسية، وهنا يجب أن يحصل توازن بين لبنان المقيم والمغترب”.
ماذا لو عطلت المنظومة الإنتخابات؟ وكيف سيتم التعامل مع هذه اللحظة؟ “السيناريو وارد”، يقول الصائغ “لكن الإنتخابات هي الأساس ويجب إجراؤها”. فهل يكون ذلك عن طريق رفع سقف الخطاب السياسي ؟ وهل يكون الخطاب بمثابة مؤشر لرسم خارطة التحالفات أم أنه من أساس عدة الشغل الإنتخابي؟ ” ليس بالضرورة ان يكون كذلك. فالأساس يرتكز على البحث في القواسم المشتركة في الخطاب الذي بدأ اليوم يتكلم عن تهديد الوجود والكيان والرسالة والدور اللبناني بغض النظر عن سقف الخطاب ومستواه. المهم ان يكون مبنيا على الثوابت وهذا الأمر يحتاج إلى عمل هادئ والكثير من الحكمة وإلى أشخاص منزّهين . وبالتالي يجب أن يتفهم كل من يقوم بالمسعى هواجس الجميع وطروحاتهم على ان يكون التفاهم ذو بعد أخلاقي ومرتبط بإنقاذ لبنان واللبنانيين”.
” اليوم ليس وقت العمل السياسي خصوصاً أننا لم نمارس السياسة التقليدية كما يجب وقد كانت في كثير من الأحيان خارج سياق السياسة نفسها والسياسات العامة ولم تأخذ في الإعتبار الأمن القومي للبنان ولا الأمان الإنساني للشعب اللبناني ولا الدستور ولا دولة المؤسسات ولا مفهوم المواطنة ولا صيغة التنوع. على العكس فقد اخذت البلاد إلى مواقع نفوذ وبناء متاريس وقيام تحالفات من وراء هذه المتاريس بطريقة خبيثة”. هل هذا الطرح مؤهل لأن يبصر النور؟ يختم الصائغ:” المطلوب العودة إلى البورصة الأخلاقية. وهناك عناصر لإمكانية ولادته لكن علينا حتما انتظار كل المساعي التي تبذل لتحقيق التحدي الأول أي التفاهم حول القضية اللبنانية . نحن أمام لحظة تاريخية تنقل الأزمة إلى فرصة إعادة إنتاج القضية اللبنانية والهوية اللبنانية والشخصية اللبنانية على قاعدة استعادة الأخلاق إلى الشأن العام للخير العام”.