كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
الوعود بإعادة فتح أبواب الجامعة اللبنانية بعد تذليل كل العقبات مطلع الاسبوع القادم، اصطدمت في الأمس بإعلان مدرّبي الجامعة الإضراب المفتوح. وباستثناء بعض الكليات التي يخضع مدربوها لـ”الترغيب والترهيب” من قبل عمدائها لحثهم على المداومة، فان 80 في المئة من الكليات ستبقى مقفلة إدارياً.
يغيب مدرّبو الجامعة اللبنانية عن دائرة الضوء عند البحث في مشاكل هذا الصرح التربوي، وكأنهم غير موجودين. وفي حال ملاحظتهم بالصدفة يوعَدون خيراً و”تبقى هذه الوعود حبراً على ورق”، بحسب ما تنقل مصادرهم. و”الدليل عدم تطبيق وعد الرئيس السابق للجامعة البروفيسور فؤاد أيوب قبل شهرين باعطائهم مساعدة إجتماعية بقيمة تتراوح بين 500 و750 ألف ليرة. في حين أقر الرئيس الحالي للجامعة البروفيسور بسام بدران بشكل طارئ نصف راتب للاساتذة بقيمة 2.5 مليون ليرة أنزلت في حساباتهم اليوم (البارحة). وذلك قبل توجهه على رأس وفد منهم لمقابلة رئيس الحكومة يوم الخميس الفائت”.
ينقسم مدرّبو الجامعة اللبنانية إلى فئتين أساسيتين:
– مدرّبون معينون بعقود صادرة عن مجلس الوزراء في مطلع التسعينيات. وهؤلاء يتقاضون رواتبهم بشكل شهري.
– مدرّبو المصالحة، أي الذين أدخلوا في عقود مصالحة. ويتقاضون رواتبهم بشكل سنوي.
يقوم جزء من المدربين بالأعمال الإدارية كتسجيل الطلاب، إصدار النتائج، الإشراف على المختبرات، صيانة أجهزة الكمبيوتر ونظم المعلوماتية… أما الجزء الآخر منهم فيعاون الاساتذة في المختبرات، ويحل مكانهم أحياناً كثيرة. كما يشرف بعضهم على مقررات الاعمال المخبرية TP، ويرافق الطلاب في دوراتهم التدريبية في المستشفيات والمحاكم والمدارس والمختبرات… وغيرها الكثير من الاختصاصات.
مشكلة هذه الشريحة من المتعاقدين لا تنحصر بإهمال أبسط حقوقها فحسب، إنما هي ممنوعة من التوظيف أو التثبيت. ولا سيما بعدما لاحقتها لعنة الإدخال السياسي على قاعدة 6 و6 مكرر. فتحول التعيين في مركز مدرب باباً للتوظيف السياسي والانتخابي. ومع كل اختلال للتوازن الطائفي تتدخل الاحزاب، وتحديداً المسيطرة على الجامعة اللبنانية وتُدخل محسوبيها فرادة وجماعات، حتى وصل عدد المدربين إلى 1200″، يقول المدرب موسى سويدان، “ذلك مع العلم انه لا يوجد تعداد رسمي للمدربين. فبعضهم من المنضوين في المكاتب التربوية للأحزاب لا يداومون. وهناك مدربون بعقود لا تتجاوز 200 ساعة سنوياً. ذلك مع العلم أن الكل مسجل في المالية”.الفوضى تحرمهم التثبيت
هذا الواقع حرم المدربين من فرصة التثبيت وتقاضي رواتبهم بشكل شهري. حيث رد مجلس الوزراء ملف المدربين الذي أرسله رئيس الجامعة السابق البروفيسور فؤاد أيوب إلى مجلس الوزراء، بسبب عدم تطابق ساعات المدربين، إذ من غير المقبول التثبيت بعقود متفاوتة الساعات، ليعودوا من بعدها ويحددوا آلية تبدأ بـ 600 ساعة لكل المدربين، وترتفع مع كل سنة خبرة بمعدل 10 ساعات ليصبح حدها الاقصى 800 ساعة في العام. ذلك أن عقد المدرب ينص على تنفيذ 600 ساعة سنوياً بقيمة 40 ألف ليرة للساعة الواحدة. وترتفع قيمة الساعة إلى 65 ألف ليرة للمدربين الذين يدرّسون في القاعات.
وعلى الرغم من كونهم ملزمون بعقود 600 ساعة سنوياً، زاد الضغط عليهم مؤخراً لتنفيذ ساعات إضافية حتى وصل عدد ساعات بعضهم إلى 2000 ساعة. المبرر كان بحسب سويدان هو الحاجة أولاً، ولاقناعهم بالتثبيت في ما بعد ومعاملتهم كالموظفين المثبتين في الحقوق والواجبات، “فنفذنا المطلوب ولم تنفذ الوعود”، يقول سويدان.
ما كان يمكن الصبر عليه قبل رفع الدعم عن المحروقات ووصول سعر الصرف إلى 23 ألف ليرة لم يعد مقبولاً اليوم. فالمدربون لا يحصلون على أبسط حقوقهم وهو تقاضي راتبهم بشكل شهري. حتى إن راتب شهر أيار الفائت لم يحصلوا عليه بعد بسبب الآلية البيروقراطية المتبعة. حيث تنص على ضرورة ارسال جداول ساعات العمل من الكلية إلى رئاسة الجامعة، ومنها إلى الرئاسة من ثم إلى هيئة التشريع ومن بعدها إلى ديوان المحاسبة. “هذه العملية تتطلب 4 أشهر على أقل تعديل. وهي تخفض قيمة ما نتقاضاه بنسبة كبيرة، خصوصاً مع ارتفاع أسعار المحروقات وانهيار سعر الصرف”، بحسب سويدان.
حل أزمات الجامعة بالمفرق قابله موقف تصعيدي للمدربين نص على:
– “إقرار العقود من مجلس الوزراء مع إعادة النظر بأجر الساعة. الأمر الذي يضمن تقاضي رواتب المدربين بشكل شهري. إلا أن هذا القرار على سهولته يلاقي اعتراضاً من قبل البعض”، بحسب سويدان، “لأنه يحد من قدرة البعض على تمرير التنفيعات، حيث اكتشفنا أن بعض الموظفين في بعض الوزرات هم مدربون في الجامعة اللبنانية”.
– الدخول إلى صندوق التعاضد أسوة بباقي الزملاء. حيث يتكبد من يدخل المستشفى أكثر من قيمة راتبه فروقات.
– إعطاء سلفة على الراتب أسوة بالاساتذة والموظفين، تمكن المدرب أقله من تسديد بدل النقل للوصول إلى الجامعة.
– نقل المدربين إلى الفروع القريبة من مكان سكنهم. حيث يتكبد البعض 200 ألف ليرة يومياً للوصول إلى مركز عمله.
– دفع المستحقات بطريقة عاجلة”.
“إضراب مدربي الجامعة سيشل ثلثي الكليات”، بحسب سويدان. “ذلك أن عملنا مكمل للعمل الأكاديمي. فالمدرب هو من يحضر جدول التعليم، وهو من يضع كلمة الدخول للطلاب، ويقوم بأعمال المكننة والتسجيل”. في المقابل يرى سويدان أن “موظفي الملاك يعجزون عن الحلول مكان المدربين نتيجة عددهم المنخفض. كما أن التدخلات السياسية مع بعض المدربين لن تحض أكثر من 20 في المئة على الحضور. حيث يستعمل بعض العمداء التهديد أحياناً، والترغيب أحياناً أخرى، من خلال وعدهم بساعات مراقبة أو مساعدات ومكافآت من أجل تسيير عمل بعض الكليات”