كتب عمر حبنجر:
أخمدت حرائق الاحراج والغابات، في جنوب لبنان والجبل والبقاع، وبقيت حرائق السياسة تتنقل من تعطيل جلسات مجلس الوزراء، الى إرباك المباحثات مع صندوق النقد الدولي، إلى العجز عن «فرملة» الدولار الأميركي، أو بالتالي السيطرة على الأسعار التي أكلت أخضر اللبنانيين ويابسهم.
الرئيس نجيب ميقاتي متفائل بحذر، بشأن عودة جلسات مجلس الوزراء قريبا، معتمدا على وساطة مفترضة يقوم بها وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي سيصل الى بيروت قريبا، ووزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو الذي وصل الى بيروت مساء أمس.
وربما كان منشأ الحذر، البرودة الظاهرة في علاقات حزب الله مع التيار الحر، بسبب تعطيل جلسات الحكومة، والعلاقة العاصفة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«إصراره على استنفاد العهد حتى آخر يوم من ولايته».
وضمن إطار الاهتمام الأميركي بالوضع المتدهور في لبنان، يصل الى بيروت هذا الأسبوع وفد من الكونغرس الأميركي، يضم عددا من النواب الأميركيين من أصول لبنانية في زيارة استطلاعية لاستقصاء المعلومات حول ما يجري في لبنان وانعكاساته على المنطقة.
وتقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان زيارة وفد الكونغرس وقبله زيارة وزير الخارجية التركي ثم نظيره القطري، تؤكد على أنه لا حلول ناجعة في لبنان، قبل اجتماع فيينا بين الفرنسيين والإيرانيين يوم 29 الجاري لمتابعة النقاش حول ملف إيران النووي، فضلا عن القضايا الإقليمية والدولية المرتبطة بهذا الملف. وتتركز المساعي الداخلية، على ضرورة فك أسر الحكومة اللبنانية الممنوعة من الانعقاد، بسبب إصرار حزب الله على الإطاحة بالمحقق العدلي طارق البيطار، متسلم التحقيق بتفجير مرفأ بيروت.
وفي هذا السياق، كشف النائب طوني فرنجية عن اتصالات لاستقالة الوزير جورج قرداحي، المحسوب على تيار المردة، خلال هذا الأسبوع مقابل ضمانات، ولا أحد من الناس أكبر من بلده كما قال.
ويبدو أنه بعد تعذر إزاحة القاضي العدلي طارق البيطار عبر السلطة القضائية بفعل الممانعة الشرسة التي يبديها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود مع مجموعة من القضاة أصحاب الضمائر، يجري الإعداد لمحاصرة البيطار من خلال قضاة موالين للممانعة، اما بقانون يصدر عن مجلس النواب يسلبه حقه في ملاحقة الوزراء المتورطين او المهملين في قضية خزن النيترات المتفجرة في المرفأ، او من خلال اختراق مجلس القضاء الأعلى بالطريقة التي تمت فيها السيطرة على المجلس الدستوري، وذلك تحت شعار أن البلاد لم تعد تحتمل تعليق جلسات مجلس الوزراء.
وأمام عدم تراجع حزب الله عن تعطيل الحكومة قبل إبعاد القاضي بيطار عن ملف التحقيق بتفجير المرفأ، تم الشروع بتطبيق هذه الخطة. وفي اعتقاد المنظومة الحاكمة، أن استئناف جلسات مجلس الوزراء سيتيح للحكومة إطعام الجائعين، وتطبيبهم وتأمين القروض لصغارهم!
القوى السياسية المعنية بعودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد تراهن على أمر آخر، يصدر عن محكمة التمييز فيما خص دعويي مخاصمة الدولة عن القاضي بيطار اللتين قام بهما كل من الرئيس السابق للحكومة حسان دياب ووزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق، ويبدو أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي يعول على هذين القرارين، ويتوقع أن يكون لمصلحة دياب والمشنوق، بحيث تنفذ الخطة المرسومة، وتتم تنحية البيطار قضائيا وتسقط أي حجة لمنع انعقاد مجلس الوزراء.
أما عن استقالة قرداحي فتبدو بعدئذ حاصلة بهدوء، حيث قرر رئيس الحكومة ألا يدعو لجلسة لمجلس الوزراء، يتلو قرداحي مقرراتها، ما يعني أن استقالة قرداحي يجب أن تسبق انعقاد الحكومة.