أثبتت التطورات الاخيرة التي سجلت على خط لبنان – الدول الخليجية، أن العهد متمسك بخياراته الاستراتيجية الكبيرة: في الخندق الايراني الممانع، الى جانب حزب الله، ولو كلّف ذلك اللبنانيين أثمانا باهظة اقتصاديا وسياديا واجتماعيا وتجاريا.
فبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، لم يضرب رئيس الجمهورية ميشال عون يده على الطاولة – كما فعل في مجلس الوزراء في آخر جلساته 12 تشرين الاول الماضي – ولم يقف في وجه الحزب بصرامة وصراحة ووضوح، مطالبا بإقالة وزير الاعلام جورج قرداحي من منصبه. بل اكتفى ببعض المواقف الكلامية المتمسكة بالعلاقات الطيبة مع الخليج، من دون ان يذهب ابعد.
لهذا الموقف مبرراته، تتابع المصادر. فحتى الساعة، لا يزال الفريق الرئاسي يعتبر ان موازين القوى في المنطقة ميالة لصالح المحور الايراني، وان المستجدات في دول الجوار كسوريا او في الميادين العسكرية في اليمن وفي بحر عمان (…) تؤكد ان التفوق لا يزال للجمهورية الاسلامية. وهو – اي الفريق الرئاسي – يرى ان التفاهم النووي في حال ابصر النور، سيعزز اكثر موقع طهران ودورها في المنطقة.
بغضّ النظر عما اذا كانت هذه الحسابات صائبة ام مخطئة، ولمّا كان هدف العهد، الاول والاخير، الذي يعلو ولا يعلى عليه، تأمين استمراريته في “سدة الحكم”، فإن الرئيس عون يفضّل ان يبقى في صف “القوي” في المنطقة. فالايرانيّ تمكّن من فرضه رئيسا للجمهورية. واليوم، يرى ان “السجادة” ذاتها هي التي ستحمل خلَفَه رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل الى القصر. وللغاية، بقي رئيس الجمهورية، وسيبقى، “ملتحما” بالحزب وبـ”المحور”.
غير ان المصادر تتحدث عن صعوبة في تكرار سيناريو العام 2016 في العام 2022، خاصة وان “الحزب” قد يعتبر ان عليه دينا يجب ان يسدده، هذه المرة، لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي كان وفيا دائما للضاحية وخياراتها. كما ان الانتقادات التي لا ينفك باسيل يوجهها الى الحزب في مسألة “محاربة الفساد”، قد تلعب ضده في الاستحقاق.
في المقابل، يراهن باسيل على ان انتزاعه غالبية مسيحية مريحة في الانتخابات النيابية المقبلة، وان وقوفه الدائم الى جانب الضاحية سيما في الخيارات الكبرى، وإخضاعَه للعقوبات الاميركية بسبب تفاهم مار مخايل، كلّها عوامل يجب ان يأخذها الحزب في الاعتبار قبل ان يحسم هوية مرشّحه للانتخابات الرئاسية، خاصة اذا ما تعهّد له باسيل بالمضي قدما في حماية ظهره وتغطيته، دوليا ومسيحيا، ملتزما نهج “عمّه” وسياساته.
يبقى ان في حال لم يشعر العهد ان رياح “النيابية” ستنفخ في أشرعة “سفنِه” الرئاسية، فمن غير المستبعد ان يطيّر الاستحقاقين معا، تختم المصادر.