كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
تتسارع فصول الأزمات على اللبنانيين وتتزاحم عليهم الملفات التي ترافق حياتهم اليومية، ومعها يعجزون عن تدبّر امورهم، يصارعون باللحم الحي من أجل البقاء وكل مستلزمات العيش، من أدوية وتدفئة وغذاء باتت بعيدة المنال وللمقتدرين فقط حتى اصبحوا يعيشون من قلة الموت.
دخل فصل الشتاء فعلياً في بعلبك الهرمل وبدأ الصقيع ينخر في أجسام المواطنين غير القادرين على شراء المازوت لتدفئة عائلاتهم وأولادهم، منتظرين المازوت الإيراني الذي كان من المفترض أن تبدأ آلية توزيعه منذ أسبوعين مع مراعاة أحوال الناس وأوضاعهم وقدرتهم الشرائية، لا سيما أن محطات الأمانة كانت حددت في آخر بيان لها سعر صفيحة المازوت بأقل من التسعيرة الرسمية بـ10%. وبانتظار أن تتبلور الامور يتساءل الناس عن مصير المازوت الإيراني وهل انتهت مفاعيل استقدامه إلى لبنان وكان ما حدث خلال الأشهر الماضية سبقاً اعلامياً وتحدياً للعقوبات والدولة معاً، أم أن الأمور تسير وفق الآلية التي أشار اليها السيد حسن نصرالله في أوقات سابقة وينتظر أن تترجم على الأرض خلال الأيام القادمة.
ومع بدء موسم البرد وغياب التدفئة، تنتشر في بعلبك الهرمل منذ أسبوعين ظاهرة انفلونزا حادة تصيب الأطفال والكبار معاً، وهي تشبه في عوارضها وآثارها فيروس “كورونا”، حيث تبدأ بالحرارة والسعال وبآلام في الصدر استدعت نقل العديد من المصابين الى المستشفيات التي غصّت أقسامها بالأعداد المرتفعة، وأقفلت بعض المدارس أبوابها بعد ارتفاع العدوى والغياب في صفوف التلاميذ، فيما تكابر مدارس أخرى وتكمل أيامها الدراسية بشكل عادي في ظل غياب الدور الرقابي لوزارة التربية التي لم تثمر مناشدة الأهالي والجمعيات في حثها على اتخاذ القرار المناسب لحماية الأطفال والأهل معاً.
وأثارت الظاهرة الهلع بين المواطنين نتيجة تزامنها مع ارتفاع معدل الاصابات بفيروس “كورونا” في المنطقة وارتفاع معدل الوفيات، حيث سجل الأسبوع الماضي أكثر من 365 اصابة و3 حالات وفاة ارتفعت مطلع الأسبوع الحالي.
واوضح مصدر طبي لـ”نداء الوطن” أن “العوارض المتشابهة بين الانفلونزا وفيروس “كورونا” دفعت الناس الى القلق، سيما أن إنتشار الموجتين في البقاع ستكون له تداعيات صحية سلبية، وضيق التنفس وآلام الصدر والسعال والحرارة المرتفعة أحد أبرز العوارض التي استدعت إدخال العديد من الأطفال إلى المستشفيات، وحالات العدوى تتزايد بشكل يومي نتيجة الاختلاط في المدارس والتجمعات”، وطالب وزارتي الصحة والتربية باتخاذ اجراءات سريعة لمنع تفشي هذه الظاهرة، موضحاً بأن توجه المواطنين إلى الصيدليات للحصول على العلاج اللازم من دون الرجوع للطبيب مرتفع أيضاً، ونسبة الاصابات تفوق الـ 70 اصابة يومياً، خاتماً بأن الانفلونزا هي رشح عادي موسمي يصيب الناس في مثل هذه الأوقات ولكن الأمر يتطلب معالجة سريعة.
من جهتها تشير د. ص. وهي أم لولدين الى أن بداية مرض أولادها كان من خلال وجع الحلق وعدم القدرة على الحركة، بعدها بدأت الحرارة بالظهور ورغم اعطائهم مخفضات حرارة لم تنزل عن الـ 38 درجة، وخلال الأيام الثلاثة الأولى بدأ السعال بقوة وآلام في الصدر، مضيفةً بأن المشكلة الأهم هي في الأدوية التي ارتفعت أسعارها بشكل هستيري، حيث وصل ثمن فاتورة علاج أولادها الى مليون ليرة لبنانية، وكيف بمن لديه خمسة أولاد والفيروس منتشر في البقاع بقوة، وهي شاهدت بأم العين في احدى الصيدليات أماً تراجعت عن شراء الدواء لمعالجة أولادها بسبب ثمنه المرتفع، واوضحت انه اضافة الى تكلفة الدواء وتغيّب أولادها عن المدرسة لأسبوع، اضطرت لأخذ اجازة من العمل لمتابعة وضعهم الصحي وبالتالي حُسم من معاشها الذي تحتاج أضعافه لتمضية الشهر.