كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
يتوقع “حزب الله” أن تشتد الضغوط والمزايدات عليه في الداخل، كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية التي ستؤجج، في رأيه، الحملات والهجمات ضدّه، لقطف المردود في صناديق الاقتراع كما يظن الخصوم.
صحيح انّ هناك انطباعاً لدى كثر بأنّ الانتخابات قد لا تتمّ في موعدها مطلع الربيع المقبل، لكن معظم القوى السياسية تستعد لها على إساس انّها حاصلة، حتى يثبت العكس، وبالتالي فإنّ الحسابات المتعلقة بهذا الاستحقاق ستطغى، من الآن وصاعداً، على المواقف والتموضعات العائدة الى كل طرف معني بالانتخابات.
من هنا، يرجح الحزب ان تزداد محاولات البعض في هذه المرحلة لتوظيف كل واقعة، مهما كانت هزيلة وهشة، في لعبة الاستثمار الانتخابي وتعبئة القواعد ضد الحزب، سعياً الى شدّ العصب الطائفي والمذهبي واستجرار أصوات الناخبين بأي وسيلة، حتى لو كانت تعتمد على التحريض والتحوير.
ويلاحظ الحزب انّ جانباً من خصومه ذهب بعيداً في التماهي مع هذه اللعبة، الى حدّ انّه أصبحت تتهيأ له أمور هي من نسج الخيال السينمائي ولا تربطها أي صلة او خيوط بالواقع.
ضمن هذا السياق، يندرج وفق اوساط قريبة من الحزب «ما حصل من تضخيم مفتعل لتفصيل عابر في منطقة عيون السيمان»، لافتة إلى انّ «كل السيناريوهات والاستنتاجات، السياسية والأمنية، التي جرى ضخها ربطاً بهذا التفصيل ليست صحيحة ولم ترد على خاطر الحزب لا من قريب ولا من بعيد».
وتشير الأوساط إلى انّ «حقيقة الأمر تتعلق بمرور عابر في المنطقة لأحد المواكب التي كانت ترافق رئيس المجلس التنفيذي للحزب السيد هاشم صفي الدين خلال زيارته الى بلدات في البقاع، لافتتاح مشاريع إنمائية»، موضحة انّ «تواجد ذاك الموكب على طريق عيون السيمان أتى في سياق تأمين الحماية لتحرّك السيد صفي الدين، مع العلم بأنّه لم يُنصب أي حاجز في المكان، ولم يتمّ التدقيق في هويات المارة كما روّج البعض، وأساساً لم يكن هناك ظهور مسلح علني لأفراد الموكب، بل هم بقوا ضمن سياراتهم «المفيّمة»، وبالتالي فإنّ معظم الذين أدلوا بدلوهم في هذه المسألة من بعيد، تنطبق عليهم مقولة «لا مين شاف ولا مين دري»، لكنهم دخلوا على الخط بقصد الاستغلال الانتخابي والسياسي ليس إلاّ».
وتنفي الأوساط وجود مراكز عسكرية ثابتة او انتشار دائم لعناصر الحزب في نطاق عيون السيمان، لافتة إلى انّ العمق العسكري الحيوي للحزب هو في الجنوب والسلسلة الشرقية التي جرى تحريرها من الجماعات التكفيرية.
وتشير الاوساط القريبة من الحزب، إلى أنّ رئيس مجلسه التنفيذي «لقي خلال توجّهه نحو البقاع استقبالاً مشكوراً في بلدة حدث بعلبك المسيحية، حيث استمع من فعالياتها الى كلام إيجابي ومريح، يعكس الحسّ الوطني العالي لديها، خلافاً لوضع أصحاب المصالح الخاصة ممن يسعون الى تحريك النعرات الطائفية».
وترجح الأوساط، ان تكون الطريق التي تربط قرى جبيل بالمحيط البقاعي هي «أحد اسباب التوتر الذي تشعر به قلة، يبدو أنّها كانت تفضّل ان تبقى جبيل معزولة او محاصرة جغرافياً».
وفي إطار خياره بتفادي الإنزلاق الى «الرمال المتحرّكة» التي تحيط به، عُلم انّ قيادة «حزب الله» كانت قد قرّرت عدم الردّ على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، واكّد فيها نفاد صبره على الحزب، متهماً إيّاه بتخريب بيوت اللبنانيين نتيجة دوره في الأزمة المتفاقمة مع السعودية وأغلب الخليج.
وتكشف الأوساط المحيطة بالحزب، انّ ما صدر عن الحاج غالب ابو زينب قبل أيام من تعليق حاد على مواقف جنبلاط، «لم يكن بتوجيه او بقرار مركزي من القيادة، انما هو اجتهاد شخصي ناتج من الاحتقان الذي تسببت به حملة رئيس «التقدمي» على حزب الله».
وتشدّد الأوساط إيّاها على انّ الحزب ارتأى تجاهل ما صرّح به جنبلاط، الذي يبدو أنّه «مزنوق» في هذه الفترة، «وهذا التجاهل عكسه الخطاب الاخير للأمين العام السيد حسن نصرالله، الذي أهمل كلياً الهجوم الجنبلاطي المستجد».