كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
يترقّب اللبنانيون بحذر الأسباب الأبرز التي سيحملها الطعن المقدّم من قِبل تكتل «لبنان القوي» الى المجلس الدستوري، في وقت تتحدث المعلومات عن نقاط غير معلنة تمّت أضافتها الى الاسباب الرئيسية. فماذا يمكن ان يحمل الطعن المؤلف من 32 صفحة الذي قدّمه امس «التيار الوطني الحرّ» الى المجلس الدستوري من مفاجآت؟
في الوقت الذي استبق بعض الخبراء الدستوريين قرار المجلس الدستوري مؤكّدين حتمية ردّه للطعون ورفضه بالشكل، لفتت مصادر «التيار الوطني الحر» الى اسباب أخرى لم يتمّ التداول بها، تصيب القانون المعدّل وتؤدي الى الطعن به.
أوساط «التيار الوطني الحر» تقرّ بأنّ هناك اسباباً تحتّم الطعون بالتعديلات على القانون، وقد تمّت مناقشتها بدقّة ولم يتمّ الاعلان سوى عن البعض منها في المؤتمر الصحافي الاخير لرئيس «التيار»، معوّلة على عدالة المجلس الدستوري ومتأملة عدم تعطيل عمله.
فما هي هذه النقاط؟
في المعلومات، تم إرفاق الطعن المؤلف من 7 نقاط اساسية برسائل ومحاضر وكتب موثقة وأدلة قانونية تستند الى الدستور، من شأنها ان تعزز إبطال التعديلات الجديدة لقانون 2017 ابرزها:
تعديل المادة 40
وهي المادة التي تُعنى بتعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، والتي تصدر عادة بناءً على اقتراح من وزير الداخلية ووزير العدل.
وبحسب مصادر «التيار»، تمّ صدور قرار غامض، أزاح وزير العدل وأبقى مهمة تعيين الهيئة حصراً بيد وزير الداخلية، وبالتالي، عوض ان تصدر بشكل مرسوم من مجلس الوزراء أُبقيت حصراً بيد وزير الداخلية ورئيس التفتيش، من دون علم النواب أو طرحها على مجلس النواب وفي اللجان المشتركة، ومن دون التصويت او طرحها على الرئيس، الامر الذي يعتبره «التيار» في طعونه سابقة في لبنان، أي ان يعيّن وزير داخلية القضاة في الهيئة. وتساءلت: «اين دور وزير العدل الذي له وحده حق الوصاية لتعيين القضاة»؟.
هذا، وتمّ رفق الطعون بالمادة 40 قبل وبعد التعديل. فقبل التعديل تنص على: «يُعين رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية واعضاؤها ومقرّروها لدورة انتخابية واحدة، قبل الاول من شباط من السنة التي تجري فيها الانتخابات النيابية العامة، وذلك بمراسيم تصدر بناءً على اقتراح وزيري العدل والداخلية والبلديات».
أما بعد التعديل، فأصبحت المادة 40 على الشكل التالي: «يُعيّن رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية واعضاؤها ومقرّروها لهذه الدورة الانتخابية قبل الاول من كانون الاول من العام 2021، وذلك بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات».
وفي العودة إلى المستندات المرفقة ربطاً:
– المستند الاول عبارة عن محضر جلسة مجلس النواب التي طالب فيها «التيار» بالنقاط التي تمّ الطعن فيها، والتي تتضمن دليلاً على ردّ الرئيس بري وعلى ردّ الكتل النيابية في هذا الموضوع. وهو محضر ردّ كتاب رئيس الجمهورية الذي ارتكز الى ثلاث نقاط: الدائرة 16 والنواب المنتشرون، المِهل والبطاقة الممغنطة.
المحضر يوضح انّ كتلة «التيار» طالبت بالبطاقة الممغنطة فأُسقطت دون مناقشة، الامر الذي تعتبره مخالفة دستورية لأنّه من النقاط الاساسية التي طالب رئيس الجمهورية بمناقشتها.
2- الاحتمال بأن تأخذ بعض الدول في الخارج إجراءات صارمة بالإقفال، بعد الاعلان الرسمي عن تجدّد تفشي وباء كورونا. فإذا اتخذت تلك الدول اجراءات الإقفال العام في التاريخ المعدّل، اي في اذار وهو شهر العواصف بشكل عام، ستكون هناك صعوبة في إتمام الانتخابات في الخارج. وقد أُرفق هذا الكتاب بالإثباتات مع الطعن المقدّم.
3- كتاب دراسة حضّرها رئيس التيار شخصياً، مرفقة ربطاً بحالة الطقس في العشر سنوات الماضية، مذكّراً بعواصف الكسا، سيرج وغيرهما…
كذلك أرفقت الطعون برسالة وجّهت من قِبل وزير الخارجية الى وزير الداخلية، يوضح فيها استحالة حصول الانتخابات في التاريخ المعدّل، لأنّ الخارجية ليست جاهزة لا لوجستياً ولا ادارياً لا في الداخل ولا في الخارج بإتمام الإجراءات، ولأنّ الكادر الوظيفي الذي يعمل عملياً قليل جداً، بالإضافة الى انّ الموظف الذي يتقاعد في السفارات في الخارج لا يتمّ تعيين أحد مكانه.
وفي العودة الى الطعون التي قدّمها أمس «تكتل لبنان القوي»، فقد علمت «الجمهورية»، أنّه استند الى 7 اسباب:
– السبب الاول: هو آلية التصويت التي خالفت المادة 57 من الدستور، والتي تقول ان تُحسب للأكثرية المطلقة عدد النواب الذي يتألف منهم المجلس قانوناً، إلّا أنّه تمّ احتساب عدد النواب الذي يتألف منه المجلس واقعاً. الامر الذي ادّى الى احتساب الأكثرية المطلقة بشكل مخالف للدستور، علماً أنّ الامر أُسند الى هيئة التشريع والاستشارات في الماضي، التي أكّدت على الامر، فتمّ تعديله ليصبح كما هو عليه. وفي هذا دليل على انّها كانت نية المشرّع الدستوري، اي كانت نيته التوضيح والتأكيد، انّ الصواب هو الأكثرية المطلقة التي يتألف منها المجلس قانوناً وليس واقعاً.
– السبب الثاني: تفسير الدستور يتبع نفس الإجراءات التي يتبعها تعديل الدستور، أي بموجب دعوة خاصة. وهناك دور للحكومة وهناك اكثرية معينة يجب ان تكون موجودة، وهو امر لم يكن متوفراً، لذلك تمّ اتباع آلية خاطئة لتفسير الدستور وتعديله، وهذا مخالف للدستور، وبالتالي يقتضي استبعاد هذه الفكرة الفرضية.
– السبب الثالث: هو الحق المكرّس للمغتربين، وهو حق في التمثيل المباشر الذي كرّسته المادة 12 من القانون. وتمّ تكريس هذا الحق من خلال قانون 44 /2017 إلّا أنّه جاء التعديل الحالي ليلغي هذا الحق، وهذه ممارسة ممنوعة في القانون، واستناداً إلى أحكام كل من المجلس الدستوري اللبناني والفرنسي. وبالتالي يقتضي إبطال او توقيف العمل في دائرة المغتربين التي لها حق في التمثيل وليس في الاقتراع، لأنّ حق المغتربين في الاقتراع هو حق موجود ومحفوظ، انما التمثيل المباشر الخاص فقد أُعطي لها بالقانون 44 /2017 لكن الناخبين حُرموا منه بعد التعديلات وهذه مخالفة. والمخالفة هنا هي في التمثيل وليس في الاقتراع.
– السبب الرابع: فصل السلطات. الحق في دعوة الهيئات الناخبة وتنظيم العمل يدخل في صلب مهام السلطة التنفيذية وليس السلطة التشريعية. وبمجرّد ان تتمّ مناقشة هذا الأمر في مجلس النواب، ويأخذ المجلس توصيات بتعديل المِهل، بطريقة أعطى مجالاً للحكومة لتقريب موعد الانتخابات، من خلال الضغوط التي مورست بالمناقشات وبالتوصية، بعد تدخّل غير مباشر في عمل السلطة التنفيذية وتعدّي وترهيب هذه السلطة للذهاب باتجاه معين، فهو أمر يشكّل مخالفة للدستور. ودأب المجلس الدستوري الفرنسي واللبناني على إبطال هكذا مخالفات. وبالتالي يقتضي إبطال المواد التي قصّرت المهل.
– السبب الخامس: صدقية العملية الانتخابية وانتظام العمل الانتخابي، اي ضرب نية الناخب الحقيقية. من بينها احتمال تقريب موعد الانتخابات او إغفال البطاقة الممغنطة والـ MEGA CENTER وتقريب مدة المِهل التي سوف تحرم عدداً كبيراً من المواطنين الذين لن يصلوا بعد التعديلات للعمر الانتخابي من التصويت.
– السبب السادس والأساس، فيتعلق بضرب صلاحيات وزير العدل لصالح وزير الداخلية. هذا القرار لم تتمّ مناقشته في اللجان، وهو الامر الذي يضرب مبدأ صلاحيات الوزير والمادة 64 و 66 من الدستور، لأنّ الوزير هو رأس الهرم الوزاري في ادارته، وتقع عليه مسؤولية سياسية وادارية، وبالتالي هو المعني في ما يختص بوزارته.
وهنا تسأل مصادر «التيار»: «كيف تتألف لجان القيد التي يرأسها قاضٍ، والتي كانت قبلاً تصدر من خلال مرسوم يوقّعه وزيرا العدل والداخلية ويصدر من خلال مرسوم عادي يوقّعه رئيسا الجمهورية والحكومة؟»، مشيرة إلى أنّه و»بسحر ساحر تمّ التعديل من دون استشارة، واصبح صدور تحديد وتعيين لجان القيد بقرار فردي يصدر من وزارة الداخلية وهي مخالفة جسيمة، تخالف أولاً وصاية وزير العدل المعني بالقضاء، وتضرب ثانياً صلاحية رئيسي الجمهورية والحكومة من خلال حرمانهما من إصدار المرسوم ومن الرقابة عليه. كما تضرب مبدأ استقلالية السلطة القضائية، فيُسمح لوزير في السلطة التنفيذية التدخّل في عمل القضاء من دون اقتراح او اي قرار من وزير العدل».
– وسابعاً، وأخيراً، تبقى الكوتا النسائية التي ذكرها الطعن، وذلك لتسجيل موقف وللقول انّ التعديل لا يحمل اصلاحات جذرية، لأنّه لو حملها كان اقله تمت مناقشة الكوتا النسائية في المجلس النيابي الّا انّه تمّ اقصاؤها