جاء في نداء الوطن:
لا تزال الصالونات السياسية تضجّ بالأحاديث والتحليلات حول الخطوات المرتقبة في الإنتخابات النيابية المقبلة لبعض القوى الاساسية.
وإذا سارت الأمور على نحو إيجابي ولم يحدث أي عامل يسمح بتأجيل الإنتخابات فان كل القوى السياسية بدأت اعداد العدة لخوض الإستحقاق المنشود.
وفي السياق، فإن تيار “المستقبل” يخوض قتالاً تراجعياً في الدوائر ذات الأغلبية السنية، فقد أكل لكمات عدّة كان ابرزها فشل الرئيس سعد الحريري في تأليف الحكومة واعتذاره لاحقاً ونجاح الرئيس نجيب ميقاتي بالمهمة، واستمرار إقفال باب السعودية أمامه.
من هنا كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن احتمال إعتزال الحريري العمل السياسي واستقالته من رئاسة تيار “المستقبل” وعدم رغبته في خوض الإستحقاق النيابي.
ومع إقتراب موعد الإنتخابات، تؤكّد مصادر مستقبلية أن كل الأحاديث والسيناريوات التي ترسم وتُروّج ليست صحيحة، فالتيار الأزرق بانتظار عودة الحريري إلى لبنان لتحديد بوصلة الإنتخابات.
وتشدد المصادر على أن ترشيح الحريري أو عدمه إلى النيابة يقرّره هو شخصياً، وحتى لو لم يترشّح فهذا لا يعني اعتزاله العمل السياسي، فرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ليسوا نواباً ويمارسون العمل السياسي بشكل طبيعي، لذلك يجب فصل النيابة عن اعتزال السياسة.
ومن جهة ثانية، فان “المستقبل” يجزم بأنه لن يحلّ نفسه بنفسه كما يحلو للبعض، والأكيد أنه سيخوض الإنتخابات النيابية في كل دوائر لبنان مثل الدورات السابقة، وسيكون له لوائح بالعلامة الزرقاء، وكل سيناريوات خروج “المستقبل” من الحياة السياسية خيالية وأمنيات لن تتحقّق.
أما بالنسبة إلى الخطاب السياسي والتحالفات على مستوى الوطن وأسماء المرشحين فان كوادر “المستقبل” تضع هذا الامر عند الرئيس سعد الحريري، فكل تلك التفاصيل هي من إختصاصه، في حين ان الخط السياسي بات واضحاً وهو مواجهة كل تصرفات العهد وسلوكه التدميري الذي أخذ لبنان إلى جهنم حقيقي، والعمل الجاد على الحفاظ على علاقات لبنان العربية وتصحيحها وعدم التدخل في شؤون الخليج وإعادة لبنان إلى الخريطة العربية والعالمية.
وأمام كل هذه التحديات تنتظر “المستقبل” أيام مصيرية لتحديد بوصلة الإتجاه الإنتخابي والسياسي ورسم ملامح المرحلة المقبلة مع كثرة المنافسين على الساحة السنية والطامحين لوراثته. واللافت في هذا المجال أن هناك حالاً من البلبلة داخل التيار بسبب غياب الرئيس سعد الحريري عن السمع وكثرة الإشاعات المتعلقة بخياراته السياسية.
لا يمكن أن تجد رأياً واحداً لدى نائبين في المستقبل مثلاً حول ما سيفعله الحريري. ثمة من يتحدثون عن عودته ولكن من دون معلومات دقيقة. صمته يتركهم للضياع. بعضهم قال إنه سيعود هذا الأسبوع ولكنه لم يعد بعد. بعضهم يطلق تمنيات أكثر مما هي معلومات. قليلون الذين يمكنهم التواصل معه من دائرة ضيقة. أحد نواب التيار يعترف أنهم لا يتحدثون معه. كانوا يعقدون اجتماعاً معه بتقنية “زوم” كل أسبوع تقريباً ولكن منذ أكثر من أسبوعين لم يحصل أي تواصل. يتوقع النائب المستقبلي أن يعود ولكنه يضيف: “لن يبقى هنا. مش جايي على طول. ما عرفنا قرارو بعد. عنده ظروفه الخاصة وهو يعطي اهتماماً كبيراً لوضعه المالي. لماذا؟ لأنه يريد أن يحصل على مزيد من الإستقلالية في عمله السياسي”.
ولكن هل يمكن أن يتاح له هذا الأمر قبل الإنتخابات؟ يضحك النائب ولا يعلّق. كيف سيمكنه أن يخوض الإنتخابات؟ يجيب النائب: “وهل تعتقد أن هناك انتخابات؟ عندما يتأكد الرئيس سعد الحريري أن هناك انتخابات يتحرك”. ما بيعود يلحق. غيابه ينعكس سلباً على كل التيار. الإنتخابات تحتاج إلى شد عصب وأجواء وعناوين وطريق واضح. يجيب النائب المستقبلي موافقا لكنه يضيف: “نحن نتحرك كنواب”. ولكن هل يكفي تحرككم؟ ماذا ستفعلون إذا لم يأت أو إذا قرر ألّا يخوض الإنتخابات؟ لا جواب.