جاء في “المركزية”:
يدور منذ اشهر في ايران صراع خفي بين الحرس الثوري والجيش. بعد ان كان طرفا الكباش “الكبير” في الجمهورية الاسلامية المحافظين من جهة، والاصلاحيين من جهة اخرى، ويبدو أنه تمدد اليوم، بفعل التطورات الاخيرة الداخلية الاقتصادية من ناحية والاقليمية والدولية العسكرية و”النووية” من ناحية ثانية، ليتحوّل نزاعا حادا بين قيادة الجيش وقيادة الحرس الثوري، حول مَن يملك حق “الحسم” في الملف النووي.
مصادر دبلوماسية غربية تكشف عبر “المركزية” ان المؤسسة العسكرية تتطلع الى استعادة دورها في المفاوضات الجارية في فيينا وفي مسألة ادارة عمليات تخصيب اليورانيوم وسواها من القضايا المتفرّعة من القضية “النووية” الايرانية، بعد ان “خطفه” منها الحرسُ الثوري الذي يهيمن على السلطة وعلى القرار وعلى كل شيء في البلاد، سيما غداة وصول المتشدد ابراهيم رئيسي الى سدة الرئاسة.
المصادر توضح هنا، ان التنافس بين المؤسستين ليس جديدا، بل عمره عقود، تارة يحتدم وتارة يهدأ. وتعود بدايات هذا الصراع إلى عام 1979، في أعقاب قيام الجمهورية الإسلامية حين أصدر المرشد علي الخميني مرسومًا بتشكيل هيئة عسكرية موازية للقوات النظامية، والتي تم اعتبارها من بقايا نظام الشاه. فتشكّل الحرس الثوري الإيراني، وحصل على امتيازات جمة، جعلته متفوقا على القوات المسلحة، سواء في ما يتصل بميزانيته التي تتضاعف سنوياً وبفارق كبير عن “الجيش”، او على صعيد نفوذه السياسي وإمكانياته الاقتصادية الضخمة، والقدرات العسكرية والموارد البشرية الهائلة، خاصة لناحية حمايته “الثورة” ونظام “الولي الفقيه”… والاهم، عمله على توسّعه وتمدده في المنطقة.
من هنا، تتابع المصادر، تسعى الدول الكبرى في مشاوراتها مع ايران الى “الاستثمار” في هذا الكباش. وتكشف ان هذه النقطة حاضرة في المحادثات الاميركية – الايرانية غير المباشرة وفي المفاوضات السعودية – الايرانية ايضا، حيث تسعى واشنطن والرياض، الى لعب ورقة “تقوية” الجيش الايراني وتعزيز قدراته، في مقابل اضعاف “الحرس الثوري”. فالاخير هو من يصدّر السلاح والمسلّحين والثورة الى الميادين العربية، وهو من يجنّد المقاتلين، ويموّل الاذرع العسكرية في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن، لتنفّذ الاجندة الايرانية في هذه الدول. كما ان الحرس، هو من يتشدد في المفاوضات النووية ويرفع سقف الشروط والمطالب.
وبالتالي، تضيف المصادر، طرحُ مسألة توسيع صلاحيات الجيش الايراني ومهامه وقدراته في الجمهورية الاسلامية، خلال المحادثات، ومفاوضةُ “ايران” على هذه النقطة، يعتبر مربحا للخارج. فهو قد يؤتي ثماره، وإن لم يفعل (الامر المرجّح)، فهو قد يوسّع الشقاق بين المؤسسة العسكرية والحرس الثوري، بما يضعف ايران اكثر، ويضيف مصيبة جديدة الى مصائبها الكثيرة، الامر الذي يناسب تماما المجتمع الدولي…