جاء في العرب اللندنية:
تستمر الكويت بتصعيد إجراءاتها ضد اللبنانيين الموجودين على أراضيها بشكل يظهر أن هذا التصعيد مدعوم مباشرة من السعودية التي تريد أن تؤكد للطبقة السياسية المرتهنة لحزب الله أن ضغوطها لن تتوقف وأنها ستكون أكثر إيلاما بدءا من الكويت التي تحتضن جالية لبنانية تفوق الخمسين ألفا.
وقالت تقارير إعلامية محلية إن الكويت طلبت من مئة مقيم وأسرهم مغادرة البلاد لارتباطهم بحزب الله اللبناني، وأغلب هؤلاء من الجنسية اللبنانية والبعض منهم من إيران والعراق.
وأكدت مصادر كويتية مطلعة أن من تمّ إنهاء معاملاتهم فئة محدودة، وهم معروفون بشكل مسبق لدى جهاز الأمن الكويتي، لكن المرحلة القادمة ستشمل قائمة أخرى من المرتبطين بشبكات دعم حزب الله وفق ما تكشف عنه تحقيقات أمنية كويتية تتم بتنسيق تام مع الأجهزة الأمنية الخليجية وخاصة السعودية.
وكشف مصدر كويتي لـ”العرب” أن المرحلة القادمة ستشهد تضييقات أوسع على أنشطة المتعاطفين مع الحزب الموالي لإيران، وأن الكويت جادة في تفكيك شبكات الدعم التي تقدم للحزب سواء أكانت تبرعات بشكل مباشر أو عبر الجمعيات الخيرية التي نجحت في خداع الكويتيين خاصة من الطائفة الشيعية تحت عناوين دينية وإنسانية براقة للتغطية على أجندتها الخفية.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الكويت لا تتحرك بشكل منفرد، وهي تنسّق بشكل مباشر مع السعودية في ما يتعلق بالخطوات القادمة، وأن الرياض تريد أن تظهر من خلال القرارات الكويتية المتشددة في موضوع التمويلات أنها لا تتحرك بمفردها، وأن أغلب الدول الخليجية مستعدة للتفاعل مع ما تريده المملكة بما في ذلك التي ينظر إليها حزب الله على أنها خاصرة رخوة، وأنه بإمكانه الاستفادة من التسامح الذي تظهره الأسرة الحاكمة تجاه المجموعات السياسية والمذهبية في اختراق المجتمع الكويتي.
وتعتبر الكويت مركز ثقل بالنسبة إلى التمويلات التي تأتي إلى الحزب من دول الخليج، حيث يوجد حوالي 50 ألفا من العمالة اللبنانية في الكويت لوحدها، ويرسلون مبالغ طائلة إلى ذويهم في البلد الغارق في المصاعب الاقتصادية، لكنّ جزءا منها يذهب إلى تمويل الحزب وأنشطته وحروبه الخارجية.
وأشارت تقارير محلية إلى أن الكويت ستلجأ إلى خطوة إضافية ضمن سلسلة إجراءاتها تشمل وضع رسوم على التحويلات المالية إلى لبنان، وكذلك وقف حركة التوريد والتصدير إليه، مشددة على أن سلسلة الخطوات التي بادرت إليها الكويت هي جزء من توجه خليجي أوسع لوضع لبنان أمام المعادلة الصعبة: أن يكون في صف حزب الله وإيران، أو أن ينحاز إلى مصالحه ويحافظ على الامتيازات التي تحصل عليها عمالته في الخليج التي تعود عليه بالفائدة.
وكانت الكويت أعلنت وقف تحويل الأموال الخيرية إلى لبنان معللة ذلك بعدم استقراره على الصعيدين السياسي والمالي. لكن الخطوة جاءت وفق محللين بعد الوقوف على معطيات تظهر أنه يتم تحويل جزء من تلك الأموال إلى حزب الله، وهو ما يتعارض مع قرارات خليجية تمنع وصول أيّ دعم لحزب مصنّف في الخليج كمنظمة إرهابية.
ويأتي الحزم الكويتي بعد الكشف الأخير عن خلية في الكويت تعمل لصالح حزب الله اللبناني في جمع أموال وتبرعات، إلى جانب تجنيد شباب للقتال تحت ألوية أذرع إيران في المنطقة. وكشفت التحقيقات الأولية مع عدد من المتهمين أنهم حوّلوا أموالا طائلة إلى الحزب اللبناني الموالي لإيران على مدار 30 عاما بزعم دعم الأيتام وكفالتهم في لبنان.
ويقول متابعون للشأن الخليجي إن انطلاق الضغوط السعودية على لبنان بات أمرا مفهوما لاعتبارات من بينها أن تجربة الديمقراطية في الكويت سمحت في السنوات الماضية بتشكيل مجموعات سياسية وطائفية لا يخفي بعضها ولاءه للخارج، واستفاد من ذلك لبناء شبكات مالية وأمنية مشبوهة باتت تهدد أمن البلاد، وإن المسؤولين الكويتيين يجدون في الحزم السعودي تجاه لبنان غطاء مثاليا لتفكيك مختلف الشبكات والخلايا الناشطة في بلادهم أو خارجها والهادفة إلى خدمة أجندة حزب الله وإيران.
ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن سفراء لبنان في الخليج قد بلّغوا حكومة بلادهم بتحذيرات واضحة من جهات خليجية رسمية بأن استمرار لبنان في السير وراء أجندة حزب الله وإيران قد تكون له تأثيرات بالغة على مصالحه وعلى أوضاع الجاليات اللبنانية في الخليج.
وكانت صحف كويتية أكدت الأربعاء أن حكومة بلادها “أوقفت” تجديد إقامات لبنانيين يشتبه بانتمائهم لتنظيم حزب الله ضمن الإجراءات الضاغطة على لبنان من دول خليجية وفي مقدمتها السعودية.
وذكرت صحيفة “السياسة” أنه “تم إيقاف تجديد إقامات وافدين غالبيتهم يحملون الجنسية اللبنانية يُشتبه بانتمائهم أو انتماء أقاربهم من الدرجة الأولى، أو الثانية، لحزب الله تمهيداً لإبعادهم عن البلاد”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر تأكيدها “وجود تعليمات صريحة من القيادات الأمنية بعدم التهاون في هذا الملف، وعدم الاستجابة لأيّ ضغوط”.
من جهتها، نقلت صحيفة “القبس” عن مصادر أمنية قولها إن جهاز أمن الدولة لن يسمح لأيّ مقيم ينتمي إلى أحزاب مصنفة بأنها إرهابية بالتواجد داخل البلاد، مشيرا إلى “صدور تعليمات صريحة وواضحة بعدم التهاون في هذا الملف، وعدم الاستجابة لأيّ ضغوط أو وساطات مهما كانت، فأمن الكويت خط أحمر”.