كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
قبل 24 ساعة من انتهاء مهلة تسجيل المغتربين اللبنانيين للانتخابات النيابية المقبلة، بلغ مجموع المسجّلين 210,033 ناخباً. وتوزّعت الأرقام على الشكل الآتي: أوقيانيا: 20,001، أميركا اللاتينية: 5,249، أميركا الشمالية: 50,499، أوروبا: 64,678، أفريقيا: 17,505 وآسيا: 52,101. ويرجّح المعنيون أن يتخطى الرقم مع اقفال الباب، الـ220 ألفاً سيكونون في عداد المسجلين للمشاركة في الاستحقاق النيابي المنتظر.
فعلياً، يثير هذا العدد، والذي لم يكن متوقعاً، الريبة في أذهان الأحزاب والتيارات الأساسية لكون هذه البلوكات التي انضمت إلى الاستحقاق من خارج الجداول المنقّحة، اسماً اسماً، تحت مجهر الماكينات الحزبية، لا تزال مجهولة الأهواء السياسية، وغير مضمونة في توجهاتها الانتخابية. الأرجح أنّ بعض القوى السياسية لم تكن تتوقع أن تفعل حملات التجييش فعلها، وتشجع غير المقيمين على تسجيل أسمائهم ليكونوا في عداد المستعدين للادلاء بأصواتهم يوم الاستحقاق، خصوصاً وأنّ تجربة العام 2018 لم تكن تغييرية في عمقها وكانت مشاركة غير المقيمين خجولة في بصمتها إن لم نقل معدومة التأثير.
اليوم، تنتهي المهلة، وستسارع الأحزاب إلى سحب نسخ عن لوائح المتحمسين من غير المقيمين للتدقيق في تفاصيلها، وتحديداً للعدد الفعلي المضاف إلى عدد الناخبين المقيمين في كل دائرة، للتأكد مما اذا كان هذا الرقم من شأنه أن يغيّر في نتيجة العملية الانتخابية أو لا، في ضوء الترجيحات الأولية التي تظهرها استطلاعات الرأي المحلية، خصوصاً وأنّ كل الأحزاب باتت تتعاطى مع الاستحقاق على أنه حاصل لا محال، لكن موعده قفز من 27 آذار إلى بداية أيار المقبل مع اصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على التأجيل، بعد إعلانه بشكل واضح وصريح إنّه لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي سيأتيه من وزير الداخلية اذا ما حمل في متنه موعد 27 آذار.
ولكن العدد الذي سيسجله غير المقيمين نهاية هذا اليوم، لا يعني أبداً أنّ هؤلاء جميعاً سيشاركون في الاستحقاق، على ما يؤكد مسؤول إحدى الماكينات الحزبية الذي يجزم أنّ العدد قد ينخفض إلى النصف، ذلك لأنّه من شروط التسجيل هو ابراز أي وثيقة تثبت لبنانية المتقدم، ولكن يوم الانتخابات سيكون عليه ابراز هوية جديدة أو جواز سفر صالح الاستخدام، وهذا شرط قد لا يكون متوفراً لدى الكثير من اللبنانيين الذين مضى وقت طويل على مغادرتهم لبنان.
ولهذا يؤكد مسؤول الماكينة الانتخابية إنّه لا بدّ من التدقيق جيداً في لوائح المسجلين قبل استنتاج مدى قدرة هؤلاء على التأثير على العملية الانتخابية. ورغم ذلك، يقول أحد الخبراء الانتخابيين إنّ العدد المتوقع أن يكون ضمن لوائح المشاركين في يوم الاستحقاق، سيكون معبّراً جداً ويتمتع الوافدون الى مقار البعثات الديبلوماسية في الخارج بالقدرة على الخروج من تحت سيطرة أحزاب السلطة وقدرتها على التأثير على اتجاه أصواتهم. وهنا مكمن قوتهم.
ولهذا يرى الخبير الانتخابي أنّ هذا الرقم، غير البسيط بنظره، ولو المتوقع انخفاضه يوم الانتخابات، قد يدفع بعض القوى السياسية الى اعادة النظر بموقفها من قانون الانتخابات لا سيما لجهة نواب الاغتراب الستة، الذين تمّ شطبهم من جديد في القانون الانتخابي بعد ادخال التعديلات الأخيرة عليه. وفق الخبير ذاته، فإنّ بعض القوى السياسية قد تسعى الى التأثير على الطعن المقدم أمام المجلس الدستوري من باب اعادة فرض النواب الستة، كون انتخابهم سيكون أقل خطورة من ترك أكثر من 100 ألف ناخب لبناني من شأنهم أن يؤثروا على العديد من الدوائر الانتخابية لا سيما تلك التي ستشهد معارك طاحنة، ليتحكموا بنتائجها. وبالتالي، قد تكون اضافة ستة نواب أقل كلفة من المخاطرة بترك هؤلاء يجولون ويصولون في صناديق كل الدوائر الانتخابية من دون تقدير مسبق باتجاه تصويتهم.