يقفل اليوم باب التسجيل أمام المغتربين اللبنانيين للمشاركة في الانتخابات النيابية للعام 2022، المرجّح أن يكون موعدها في أيار المقبل. أعداد كبيرة من المنتشرين تتطلع الى احداث التغيير عبر هذا الاستحقاق بعد أن ضاقت الحال بأهلهم في لبنان ووصلت حدّة الأزمات المتشعبة إلى مستويات غير مسبوقة تاريخياً تهدد اللبنانيين المقيمين بلقمة عيشهم وصحتهم وأمنهم… فالعديد من ابناء الجالية اللبنانية حول العالم قرروا ممارسة حقهم الانتخابي للمرة الأولى منذ تغرّبهم، ووصل العدد الإجمالي من المسجلين إلى 210 آلاف منتخب من أصل أكثر من 12 مليون مغترب.
عن موقف المنظمات اللبنانية الاغترابية الناشطة على خطّ الانتخابات يتحدّث رئيس منظمة SOUL أحد أعضاء الائتلاف اللبناني- الأميركي LACC بيار مارون لـ”المركزية” موضحاً، أن “سعينا لتسجيل أكبر قدر ممكن من اللبنانيين في الاغتراب للتأثير على نتائج الانتخابات، فالمغترب لا يعاني من الضغوطات المعيشية والأمنية والنفسية التي يعيشها اللبنانيون وهو مخوّل التصويت للشخص المناسب بحريّة مطلقة. لم يقتصر هدفنا في المدى المنظور على تخطّي الـ250 ألف مقترع في الخارج فقط، فهذه مرحلة أولى مرتبطة بانتخابات 2022، إذ وبغضّ النظر عن الوصول إلى هذا الرقم كانت النتيجة إيجابية لأن الحس الوطني استفاق لدى العديد من المغتربين، بحيث أنهم باتوا يدركون أن مسؤوليتهم لا تقتصر على الاهتمام بشؤون لبنان وعائلاتهم، بل ايضاً بشؤون الحكم والمشاركة فيه عبر التصويت”، لافتاً إلى أن “الائتلاف يقوم بهذه الحملة التوعوية بالتعاون مع عدد كبير من المنظمات اللبنانية حول العالم في دول أوروبا وأوستراليا وكندا. بعد تحقيق أحد أهدافنا الأساسية القاضية بتنشيط الاغتراب وتفعيله كي يؤثّر على الحكم والاقتصاد في لبنان، يرتكز هدفنا الأسمى على المدى الطويل إلى الوصول إلى مليون ناخب منتشرين حول العالم ليكون صوتهم وازناً بشكل إيجابي في الانتخابات. ويكون المغترب قادرا على التأثير على كل الانتخابات في لبنان وعلى 128 مقعدا نيابيا”.
يؤكّد مارون أن “الائتلاف يبذل جهوداً جبارة في ملف تسجيل المغتربين ويتواصل مع مسؤولين في حكومات دول الاغتراب كافةً للضغط على الدولة اللبنانية ولجم أي محاولة لعرقلة الانتخابات. فالطعن بالقانون الانتخابي والتلميحات بإمكانية تطييرها خروج فاضح عن الدستور يفوق بخطورته موضوع حصر الأكثرية بجهة معينة في المجلس النيابي”، معتبراً أن “المغترب الذي يضع اهتماماته وأمواله وأشغاله وكل علاقاته في خدمة لبنان، من حقه أن يصبح عضواً فاعلاً في الحكم فيه، ومغادرة شخص لبلده الأم بغية العمل لا يجرّده من هذا الحق”.
وتوازياً، يتطرّق إلى موضوع الجنسية، قائلاً “صحيح أن الملايين من اللبنانيين يعيشون في الاغتراب، إلا أن العديد منهم لم يحصل على الجنسية لأن أمهاتهم تزوجن من أجانب، أو لأن ما من تسهيلات لازمة لاكتساب الجنسية. من هنا، نعمل على منح المرأة اللبنانية حقّها في إعطاء جنسيتها لأولادها عبر إقرار قانون لا يؤثّر على التوازن الطائفي، من دون إجحاف في حقّ النساء”.
أما بالنسبة إلى تهديد فريق سياسي بالطعن في الانتخابات ما يؤدي إلى تطييرها تخوفاً من النتائج، فيعّلق مارون لافتاً إلى أن “الجو العام في الاغتراب بأغلبه تغييري بامتياز، والجالية بمعظمها لا تريد الطبقة الحاكمة الفاسدة ولا سيطرة الميليشيات ولا لبنان العاجز، القاصر، المرتهنة سيادته إلى قوى خارجية لا سيما إيران. بالتالي، من الممكن أن يكون البعض متخوّفا من الجو التغييري”.
ويطمئن إلى أن “لا عودة لسوريا إلى لبنان. وليبقَ النظام في سوريا إن كانت له القدرة على ذلك”، مشدداً على أن “إيران لن تحصل على هدية في لبنان الذي سيبقى دولة سيادية ديمقراطية مستقلّة والميليشيات “ستنضب” على غرار ما فعل البعض في التسعينات”.
وفي ما خصّ دور الاغتراب في إخراج لبنان من مأزق الأزمة الخليجية المتدهورة، يشدد مارون على أن “الائتلاف ناشط على الخط والتواصل مستمر للبحث في إمكانية الخروج من هذه المشكلة. الأمور الدبلوماسية تتطلب وقتاً عادةً، والعديد من المشاكل توالت طيلة 15 سنة إن لم تكن 30 و40 منذ تأسيس “حزب الله” وتمدد أذرعه في الشرق الأوسط. نلاحظ أن حدّة المواجهة هدأت بعض الشيء بغض النظر عن التصعيد من بعض البلدان عبر ترحيل اللبنانيين المشكوك في انتمائهم للحزب أو حتى “التيار الوطني الحرّ”. وسبب التهدئة يعود إلى أن التصعيد لدرجة ترحيل الرعايا أو قطع العلاقات مع لبنان ليس من مصلحة الخليج والغرب ولا من مصلحة بيروت. فهم يحاولون ردّ سوريا إلى الحضن العربي ولن يخسروا لبنان في المقابل”.
ويكشف عن ان “وفد الكونغرس الأميركي الذي وصل إلى لبنان ستسمترّ زيارته حوالي الأربعة أيام وستشمل لقاءاته مجموعات ثورية إلى جانب المسؤولين. وستُنقل رسالة الاغتراب الدائمة للكونغرس حول لبنان وضرورة مساعدته والتوسّط بينه وبين الخليج لحلّ المشاكل لا سيما المالية ومواصلة دعم الجيش. نأمل التوصل إلى نتائج إيجابية في أسرع وقت، خصوصاً أن البلد على أبواب الشتاء وبحاجة إلى حل وتأمين الدعم المالي المطلوب”.
ويختم مارون “على اللبنانيين المقيمين أن يكونوا على دراية ويطمئنوا إلى ان الاغتراب يعي جيداً المأزق الذين هم فيه، وعندما يكون أخواتنا وأقاربنا وأصدقاؤنا موجوعين لا يمكن إلا أن نشعر معهم. لم ولن نترك لبنان وشعبه، والموضوع بحاجة فقط إلى وقت”.