Site icon IMLebanon

الاستقلال الثالث… وإلا! (بقلم رولا حداد)

يقف لبنان في الذكرى الـ78 لاستقلاله الأول عند مفترق خطير جداً. فبعد أن كان أنجز الاستقلال الثاني في 26 نيسان 2005 بانسحاب جيش الاحتلال السوري وأجهزة استخباراته، تبدو معركة الاستقلال الثالث للتحرّر من الاحتلال الإيراني عبر هيمنة “حزب الله” بسلاحه على كل المؤسسات الدستورية وكامل مفاصل القرار الوطني أهم معركة في تاريخ لبنان منذ أكثر من 100 سنة، وربما الأخطر منذ 500 سنة.

إن خوض المعركة ضد أي احتلال أو وصاية خارجية، سواء كان عثمانياً أم فرنسياً أم فلسطينياً أو سورياً أم إسرائيلياً، يبقى أسهل بكثير من خوض المعركة ضد الاحتلال الإيراني المتمثّل بأدواته وميليشياته التي تحمل الهوية اللبنانية وتحاول مصادرة قرار طائفة لبنانية كاملة هي المكوّن الشيعي في لبنان. ولذلك فإن المعركة القائمة في لبنان تبدو أكثر من مصيرية ولا بدّ أن تكون على أكثر من مستوى في وقت واحد وبالتزامن:

1- المستوى الشيعي الداخلي لأنه لا إمكانية لنجاح معركة التحرّر من سلاح “حزب الله” من دون انتفاضة شيعية على مستوى النُخب أولاً لأن الحزب الإيراني الانتماء يعمل على تشويه الانتماء الشيعي للبنان، كما وثقافة وتقاليد الشيعة اللبنانيين عبر تحويلهم أشبه بجالية إيرانية في لبنان، وهذا يؤدي إلى انقسام مجتمعي خطير في العمق اللبناني. وثانياً على المستوى الشعبي بعدما أثبت “حزب الله” أن خياراته أودت بلبنان وبالشيعة اللبنانيين إلى الكوارث، وخصوصاً أن منطق الاستقواء بالسلاح وبعدد الصواريخ لم يتمكن من “تقريشه” بازدهار اقتصادي وفرص عمل ورخاء معيشي لأبناء بيئته الحاضنة، لا بل على العكس نقلهم إلى أسوأ مراحل تاريخهم في الداخل اللبناني وجعلهم منبوذين في الخارج حيث يتم تصنيفهم إرهابيين، وقد بدأ التخطيط لترحيل عدد كبير منهم من دول الخليج العربي بدءًا بالكويت.

2- المستوى الإسلامي في لبنان حيث لا يمكن لأبناء الطائفة السنية البقاء على الحياد في معركة الاستقلال الثالث تحت شعار الخوف من فتنة سنية- شيعية. وبالتالي فإن معركة التحرّر من هيمنة “حزب الله” وسطوة سلاحه تتطلب انتفاضة إسلامية شاملة بهدف تأمين استعادة لبنان إلى الحضن العربي واستعادة الثقة مع السعودية ودول الخليج العربي، ما يمهّد لإنقاذ لبنان مالياً واقتصادياً، ولحماية “الطائف” وكل الصلاحيات التي صادرها “حزب الله”.

3- على المستوى اللبناني الشامل بما يعني المسيحيين بشكل مباشر، فينتقلون من هاجس الخوف والسعي إلى الانفصال عن شركائهم إلى الانخراط في معركة مواجهة سلاح “حزب الله” من منطلق لبناني صرف، وبعيداً من الهواجس التقليدية. وعلى المسيحيين أن يدركوا أنه إن كان قسم منهم يريد البحث في النظام لتطويره بما يضمن التنوّع اللبناني، فإن ذلك لا يمكن أن يحصل بظل هيمنة “حزب الله”.

4- على المستويين العربي والدولي، بحيث تنجح انتفاضة اللبنانيين الأحرار في الضغط خارجياً والسعي لخلق “لوبي” داعم للبنان وهادف لفرض تطبيق قرارات الرعية الدولية بدءًا بالقرار 1559 بما يعني نزع سلاح “حزب الله” وحصر السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية الشرعية اللبنانية.

إن معركة الاستقلال الثالث تفترض أيضاً مواجهة بقاء الرئيس ميشال عون على رأس الدولة اللبنانية بما يؤمن غطاء لـ”حزب الله” من خلال التبريرات التي يقدّمها على المستوى الرسمي والدبلوماسي كمثل ادعاء أن الحزب يحترم القرار 1701 ويتجنّب مهاجمة سفارات الدول التي تصنّفه منظمة إرهابية. والأهم أن معركة الاستقلال الثالث تفترض حكماً المرور بمواجهة مشروع رئيس الجمهورية الساعي إلى عدم تسليم السلطة إلا لصهره جبران باسيل، تحت شعار رفض تسليم رئاسة الجمهورية إلى الفراغ، بما يعني انطلاق مشاريع استدراج العروض من عون إلى جميع المعنيين وفتح معركة مصير رئاسة الجمهورية.

باختصار عناوين معركة الاستقلال الثالث واضحة ولا لبس فيها، وعلى جميع السياديين واللبنانيين الأحرار الانخراط فيها، وإلا لن يبقى من لبنان واستقلاله غير الذكرى والبكاء على الأطلال!