دعا النائب نهاد المشنوق إلى “إطلاق المواجهة عبر جبهة سياسية سلمية تقاوم الاحتلال السياسي الإيراني لقرار الدولة اللبنانية، يكون أبناؤها هم أبناء الحياد الذي دعت إليه بكركي، وتبناه كل العقلاء والحرصاء على وطننا ودولتنا ودستورنا، وعقدنا الاجتماعي وعيشنا المشترك”.
وانطلق في دعوته من “ثلاث شرعيات في لبنان لا رابع لها: مبادرة غبطة البطريرك بشارة الراعي عن الحياد، الجيش اللبناني الذي يضم كل اللبنانيين ومعه القوى العسكرية الأخرى المعنية بحفظ وحدة لبنان وحماية أراضيه واستقرار وضعه الأمني، وحماية كل اللبنانيين في كل المناطق ومن كل الطوائف، والشرعية الثالثة هي ما ندعو إليه، أي الجبهة الوطنية السياسية لمقاومة الاحتلال، وليس هناك من شرعية رابعة”.
كلام المشنوق جاء خلال تكريم نخبة من المدافعين عن استقلال لبنان، هم الوزراء السابقون: مروان حمادة، أحمد فتفت، ملحم الرياشي، معين المرعبي وسجعان قزي، إلى جانب الشيخ خلدون عريمط وقناة mtv ممثلة بمدير الأخبار غياث يزبك بسبب سفر ميشال المر، المديرة العامة السابقة لوزارة العدل ميسم النويري، ونقيب الصحافة عوني الكعكي.
وقال المشنوق: “إن لبنان يعيش أزمة سياسية لها نتائج اقتصادية ومالية ونقدية، ولا مخرج من جهنم النتائج إلا بحل سياسي، يبدأ من إيجاد إطار يعيد سلاح الحزب إلى غمده اللبناني باستراتيجية دفاعية وطنية تضع قرار الحرب والسلم في يد الدولة، والدولة فقط”.
ورأى أن “اللبنانيين يقفون اليوم عند مفترق طرق شديد الخطورة، بسبب انهيار النظام السياسي ومعه القطاع المصرفي، والتوازن المالي والنموذج الاقتصادي اللبناني، وأحد الأسباب الرئيسية لكل هذا الدمار هو في السياسة، وتحديدا في الخلل الذي حصل في المعادلة اللبنانية التي ترتكز بالأساس على توازنها على موقع رئاسة مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء مجتمعا الذي أعطاه اتفاق الطائف صلاحيات السلطة التنفيذية”.
كما اعتبر أن “موقع رئاسة الحكومة الذي هو نقطة توازن النظام اللبناني، والإدارة اللبنانية، فاقد للفعالية منذ العام 2009، منذ خروج الرئيس فؤاد السنيورة من السرايا الكبيرة، ومن يومها انحدرنا من تنازل إلى تنازل، وصولا إلى فراغ كامل في موقع السلطة التنفيذية”، لافتا الى أن “ما نواجهه اليوم هو لحظة مصيرية، فإما يبقى لبنان بعدنا أو يزول ويندثر. وأنا وكل الحاضرين هنا وكثير من اللبنانيين، لن نستسلم لليأس، ولو كانت هذه طلقتي الأخيرة”.
وأضاف المشنوق: “نحن هنا أهل وطنية وحق وسلم أهلي وأهل دولة وبناء أمل، بوصلتنا اتفاق الطائف وسيرة أشرف الشهداء رفيق الحريري بوطنيته وعروبته وعقله وانفتاحه وتسامحه وإبداعه. من هذا الموقف في (أساس) نحن الصوت الصارخ لكل من يرى بأن المخرج يكمن في تشكيل جبهة لبنانية عريضة ومتنوعة، يقودها هدف واحد هو استعادة لبنان الدولة من فم الاحتلال الإيراني، واستعادة قرار الدولة اللبنانية نحو الاستقلال الثالث”.
وتوجه إلى المكرمين بالقول: “أيها المقاتلون من أجل استقلال لبنان، ليس صدفة أن تاريخ لبنان الحديث يرتبط بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، وليس صدفة أن الذين سعوا إلى وقف الحرب الأهلية ولم يمولوا أيا من فصائلها هم السعوديون، وليس صدفة أن الاتفاق الذي أنهى الحرب وقعه اللبنانيون في مدينة الطائف السعودية، وسمي على اسمها، وليس صدفة أن السعودية شاركت في تمويل إعادة الأعمار بأحلام رفيق الحريري أولا – رحمه الله، وبالدعم السياسي ثانيا، وبالغطاء العربي والدولي ثالثا، وبالمودة والمحبة رابعا، وبالدعم المالي خامسا وأخيرا. وليس صدفة أنه كلما اعتدى بعض اللبنانيين على بعض العرب، واختلفنا معهم، يختل ميزان لبنان الداخلي والسياسي”.
وتابع: “الذي أغضب العرب هو اعتداءات فريق لبناني عليهم، وهم لا يطلبون منا غير الحياد، ونحن نهديهم على مدنهم الطائرات المسيرة بخبرات لبنانية، والصواريخ الإيرانية على مرافقهم الحيوية بتكليف من فريق لبناني، والهجمات الإعلامية والشتائم في الشوارع وعلى المنابر الإعلامية والسياسية، كل هذه البديهيات ضاعت وسط غضب الناس وخوفهم على مستقبلهم ويأسهم بسبب ضياع جنى الإعمار، وذهولهم أمام هول المأساة العينية التي ضربتهم وضربت كل بيت لبناني في انفجار مرفأ بيروت، بكل ما أنتجه من مآس”.
وكان أول المكرمين الوزير السابق والنائب المستقيل مروان حمادة الذي قال بعد تكريمه: “نحن اليوم أمام القاتل نفسه، وفي حضرة نخبة من آخر القلاع السيادية، وعلى بعد أمتار من موقع استشهاد غازي أبو كروم، صديقي ورفيقي، أول شهداء ثورة الأرز في تشرين الأول 2004، نلتقي في ذكرى أبعد ما تكون عن الاحتفال وأقرب ما تشبه صلاة الغائب، يوم الاستقلال”.
واعتبر أن “جمعية الأشرار كما وصفها المدعي العام لدى المحكمة الدولية، واصفا حزب الله وأدواته، عبر عصابته وأحد أفراده الذي بقي حيا وكثيرا من الذين قضوا على طريق قضية التحقيق في جرية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لم يكتفوا بتحويل لبنان إلى جثة هامدة فقدت حتى معالم التعريف عليها، مع شركائها في الجرم من أبشع ما انتخبته الطبقة السياسية في لبنان. أتحدث عن ناس بلا أصل ولا أخلاق ولا تاريخ ولا حكمة أو رادع، تبوأوا الرئاسة الأولى وحولوها إلى شيكاغو الأعوام السوداء، بمافياتها المالية والنفطية والأمنية والإعمارية، تحمي القتلة، ترهب القضاء، تسطو على الإدارة، تزور واقعنا وتبدد ما يجمعنا، وتقطع صلاتنا بالقريب العربي، تتبعنا لامبراطورية غريبة فاسقة مذهبية متخلفة، تضمر الشر ليس فقط باللبنانيين ولكن أيضا بكل محيطنا العربي. كل أوساط واقعنا تبقى مقصرة عن رسم الصورة الحقيقية لواقع لا يحتمل بعد اليوم دقيقة صمت ولا لحظة تأمل ولا آن من الجمود، وهذا ربما هدف أساس”.
بدوره، قال فتفت: “أننا اليوم أمام واجب أن نسترجع هذا البلد”. وتابع: “إن الجيوش الإيرانية المنتشرة من العراق إلى سوريا وفلسطين ولبنان، وحزب الله الذي أنشأ في لبنان مكانا في ما يسمى الهلال الفارسي في المنطقة، وواجبنا اليوم أن نتصدى، والحمد لله أن هناك من يتصدى ليس فقط بالخطاب السياسي، فمن تصدى في شويا ومن تصدى في خلدة، ومن تصدى في عين الرمانة هو تصدى باسم الشعب اللبناني أجمع، ليكون لبنان عربي الانتماء ووطنا نهائيا”.
كما دعا قزي إلى “إنقاذ لبنان وإنقاذ الشراكة الإسلامية المسيحية، وكل مشروع يطرح خارج إنقاذ هذه الشراكة لا يؤدي إلا إلى أزمات جديدة، لهذا أشاطر تكريمي وأقدمه للشراكة الوطنية”.
أما رياشي فأكد أن “أساس هو إعلام نحن بحاجة إليه في الأساس والشكل والجوهر، خصوصا في زمن انهيارات اللغة قبل انهيارات أي شيء آخر، لأن لغة أساس نقية وراقية وتستحق كل التقدير والاحترام”.
واعتبر أن “مفارقة بين بيان المطارنة والبريستول في العام 2000، لظاهرة حكيمة لحكيم غير حكيمنا هو ألبير مخيبر الذي هز أركان مجلس النواب حين كان يطالب كثيرون بإعادة انتشار، طالب بجلاء الجيش السوري عن لبنان فكانت بداية التفسخ في المجلس القديم وكان الثمن دم رفيق الحريري وبداية الاستقلال”.
وشكر المرعبي المشنوق وأسرة “أساس” “المقاومين والمستمرين بالمقاومة للاحتلال من خلال موقعهم وكتاباتهم وعرض ما لديهم على الرأي العام اللبناني، وهذا التكريم هو تكريم لشهداء الاستقلال الذين سبقونا ونحن على دربهم ان شاء الله”.
وكانت كلمة للنقيب الكعكي الذي اعتبر أن “الشخصيات التي تكرمت ترفع الرأس بوطنيتها وأخلاقها وكفاحها ونضالها وتقديماتها، وقد سبقني الزملاء إلى قول كل شيء. لكن أضيف عليهم أن لبنان لا يمكن أن يكون ضمن ولاية الفقيه، ومهما حاول السيد حسن نصر الله أن يقول إنه جندي، هو حر، لكن لبنان سيبقى لبنان. لن تنتهي الأمور هنا، وستبقى البلاد العربية عربية، وتعود إيران إلى مكانها. المشروع الإيراني يتقهقر، أنظروا إلى انتخابات العراق، وسيبقى العراق الوطني، ولبنان سيعود بلد التعايش بين بعضنا ولا يمكن أن يتغلل فريق على آخر، وسوريا ستعود”.
من جهت، رأى الشيخ عريمط بعد تكريمه أن “خلاص لبنان هو بالخروج من الخنادق المذهبية والكهوف الطائفية والدخول جميعا في ثقافة المواطنة ورحاب الوطن لنبني معا الدولة الوطنية الجامعة لكل أبنائها ليبقى هذا الوطن سيدا حرا عربيا مستقلا بعيدا عن المحاور الإقليمية والدولية وخاصة المشروع الصفوي الفارسي والمشروع الصهيوني، اللذين معا يتنازعان ويتعاونان ويتصارعان أحيانا لامتصاص خيرات هذه الأمة وهذا الوطن”.
وختاما تلا الدكتور رضوان السيد، البيان الختامي بعنوان “نحو الاستقلال الثالث” الذي أكد “التمسك بوثيقة الوفاق الوطني والدستور والشرعيات الثلاث، الوطنية والعربية والدولية”.
وهنا نصه:
“في اليوم الوطني لاستقلال لبنان في 22 تشرين الثاني عام 1943 دعا موقع “أساس” نخبة من المناضلين في سبيل الاستقلال والسيادة الوطنية إلى لقاء في فندق الريفييرا ببيروت للتأكيد على الثوابت الوطنية والدستورية التي من شأنها أن تحافظ على استقلال البلاد والعباد.
هذه الثوابت كانت الأسس التي انطلق منها موقع “أساس”، منذ تأسيسه قبل عامين، ويثابر عبر كتابه ومحرريه على محاولة ترسيخها في الرأي العام اللبناني. وهذه الأسس التي نحن اليوم في صدد جعلها إعلانا وطنيا بعنوان: “نحو الاستقلال الثالث”، وهي الآتية:
أولا: التمسك بوثيقة الوفاق الوطني والدستور، والشرعيات الثلاث التي تقوم عليها الدولة اللبنانية وهي:
– الشرعية الوطنية التي عمادها العيش المشترك والدستور واتفاق الطائف.
– الشرعية العربية التي عمادها الهوية العربية والانتماء لجامعة الدول العربية والالتزام بقرارات الإجماع العربي ونظام المصلحة العربية.
– الشرعية الدولية المتمثلة في عضوية الأُمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وهي القرار رقم 1559، والقرار رقم 1680، والقرار رقم 1701، والقرار رقم 1757.
ثانيا: الدعوة لإقرار “استراتيجية دفاعية” وطنية، بحيث يتوافق اللبنانيون من خلالها على حفظ سيادتهم على كامل حدودهم الدولية البرية والبحرية والجوية، والتأكيد على احتكار الدولة وقواها الأمنية للسلاح. وإلا فلا قيامة للدولة الوطنية.
ثالثا: التأكيد على أن الحياة الوطنية لن تعود إلى سابق عهدها إلا بزوال سلطات الأمر الواقع والفساد وقواها. ولا سبيل لذلك إلا بالنضال السياسي ضمن جبهة وطنية جامعة تضم قوى الاستقلال والسيادة والحرية، شعارها: “تحرير الشرعية، وإزالة الاحتلال، واستعادة الدولة”.
رابعا: إن العلاقات بين لبنان ودول الخليج، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، هي علاقة تتعلق بهوية لبنان العربية، ولا يمكن تحويلها أو اختصارها إلى أرقام الجاليات اللبنانية المتواجدة في دول الخليج ولا إلى أرقام تحويلات مالية وتبادلات تجارية. بل إن خطورة ما يجري اليوم أنه يشكل تآمرا على هوية لبنان العربية. وهذه مسألة حاسمة جازمة ونهائية بالنسبة للبنانيين، وهي أيضا قاعدة دستورية لا حياد عنها مهما كلف ذلك من نضال سياسي ومثابرة في الدفاع عن العروبة وعن اتفاق الطائف الذي حسم أن “لبنان عربي الهوية والانتماء”، وقد كلفت هذه الجملة اللبنانيين مئات آلاف الضحايا.
خامسا: إن التورط المسلح لحزب الله في أكثر من دولة عربية، خصوصا في اليمن، ليس اعتداء على الشعب اليمني الشقيق وعلى المملكة العربية السعودية وحسب، بل هو اعتداء على اللبنانيين وعلى الهوية العربية للبنان. ويستنكر المجتمعون الإساءات المتعمَّدة إلى الأشقاء العرب، وإلى أصدقاء لبنان في العالم، والمحاولات المستمرة لعزل البلاد وحصارها بين السلاح وجهنم من جهة، وبين تعطيل الدولة وارتهان مؤسساتها الدستورية من جهة أخرى. ولذلك فإن النضال من أجل تحرير لبنان يمر عبر استعادة علاقات الأخوة والتضامن والتآزر مع العرب، باعتباره السبيل الوحيد لصيانة الهوية وتجذير الانتماء وتحرير الشرعية. ومن هنا ندعو إلى حياد لبنان، مع استثناء الانحياز المعنوي والأخلاقي والتاريخي إلى قضية فلسطين وشعبها المظلوم.
بعد الاستقلال الأول عن الاحتلال الفرنسي في العام 1943، والاستقلال الثاني عن الاحتلال السوري في العام 2005، والذي تعمد بدماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبرار، ودماء ثلة من الذين سقطوا على درب الاستقلال الثاني وآخرهم الشهيد محمد شطح، ها نحن اليوم نخوض معركة الاستقلال الثالث، عن الاحتلال السياسي الإيراني لقرار الدولة اللبنانية، داعين اللبنانيين للانضمام إلى هذه المواجهة السياسية، باعتبارها السبيل الوحيد إلى استعادة الشرعيات الثلاث التي فقدها لبنان في الأعوام الأخيرة”.