عقد “لقاء سيدة الجبل” مؤتمرا صحافيا، أصدر في ختامه بيانا جاء فيه: “أيها اللبنانيات واللبنانيون في الوطن والمهجر، تمر بلادكم هذه الأيام في أخطر مراحل تاريخها على الإطلاق، وقد وقعت تحت الإحتلال وسلب الإرادة والفقر والنهب المنظم والتجويع، وفقدت مقومات إستقلالها الذي احتفلت به في 1943 وجددت الأمل في استعادته بانتفاضتين متتاليتين، عام 2005 وعام 2019.
لقد ارتضى بعض المسؤولين والسياسيين الإنحناء ومسايرة قوى الأمر الواقع التي أوصلت لبنان إلى تلاشي دولته ومؤسساته وكل ما يرمز إلى الكرامة والحرية والعيش الكريم وفقاً لشرعة حقوق الإنسان، فصرنا شعباً بلا سقف يحمينا ويرد عنّا الحاجة إلى دواء ومأكل ومشرب وضوء ومسكن وتعلّم، وأبسط حاجات الإنسان في هذا العصر السريع التطور.
وقطع الإحتلال علاقاتنا بالعالم العربي، بدوله وشعوبه الشقيقة، والذي نشكل جزءاً أساسياً منه، تاريخياً وبإجماع اللبنانيين وفق وثيقة الطائف التي أصبحت دستوراً لبلادنا، كما فصلتنا قوة الإحتلال عن العالم الأوسع الحر، والذي نرتبط بدوله وشعوبه منذ عمق الأزمان بروابط وثيقة، تضيق بها الذاكرة والمجلدات والآثار.
وفي غفلة من الزمن، استفادت القوة التي تحتل لبنان وتسيطر على دولته، من انكفاء عربي في مقابل هجمة على المنطقة غير عربية، إيرانية في شكل خاص، وبدفع من نظام الملالي الذي لا يؤمن بالحرية لشعبه، فكيف لبقية الشعوب في المنطقة العربية، والذي يتباهى بالسيطرة على أربع عواصم عربية، أقام فيها بقوة السلاح تركيبات سلطوية، لم تنتج سوى الدمار والحروب والفقر والفضائح والأزمات والتخلف، والمآسي على كل المستويات”.
أضاف: “إن صورة بلادكم اليوم ليست صورة البلاد التي تحبونها، والتي ضحيتم وتضحون في سبيلها من أجل أن تسلموها أمانةً إلى أولادكم وأحفادكم، على غرار ما فعل الآباء والأجداد. بلاد تنعم بدولة راقية،، تحمي مواطنيها وتحافظ على أمنهم واستقرارهم وتؤمن مصالحهم وازدهارهم وسعادتهم ودوام ثقافتهم وأسلوب حياتهم.
إن الأسلوب الذي اتبعته قوة الإحتلال قام ويقوم على ذريعة واهية هي أنها تحمي لبنان. الحقيقة أن لبنان تحرر من الإحتلالات الخارجية بخروج جيوش الدول والتنظيمات غير اللبنانية من أراضيه على التوالي، وآخرها جيش النظام السوري في 25 نيسان 2005، لكن حليفه النظام الإيراني سارع إلى الحلول مكانه، وذلك من خلال قوة عسكرية تابعة له ، يحمل أفرادها الجنسية اللبنانية، لكنهم عملياً – وكما أعلنوا بأنفسهم- جنودٌ في جيش إيران،، ومشروعها تصدير الثورة من خلال حرس الثورة الإسلامية في إيران.
وأما لبنان المنفتح بتركيبته، وتراثه المتراكم على كل الحضارات والشعوب، فلا يعدو كونه – بالنسبة إلى هذه القوة المهيمنة – ثُكنة ومخزن سلاح وذخيرة وصواريخ ومكان تدريب للإنطلاق في حروب داخل الدول العربية، وعلى حساب الشعوب العربية ومصالحها. وزعموا أنهم يحولون لبنان متراساً في وجه إسرائيل العدو، في حين أنهم حوّلوا وطننا متراساً في وجه إخوتنا العرب، وأرض قتل وعنف وتهديد لمن يخالف رأيهم من اللبنانيين، ومنطلقاً لأعمال إرهاب في دول عدة من العالم”.
وتابع: “لتكن ذكرى الاستقلال الثامنة والسبعون اليوم فرصة لإطلاق دعوة الى إستعادة هذا الاستقلال وعودة الدولة اللبنانية، التي لها وحدها السلطة المنبثقة من الدستور والقوانين، والحق الحصري في حمل السلاح والدفاع عن مواطنيها ومصالحهم .
وما لم تقم الدولة في لبنان مجدداً وتنهِ سلطة حزب السلاح الإيراني، لن تكون هناك حلول لأزمات لبنان. أزمات هائلة جرفت مؤسسات بلادنا الدستورية والأمنية والقضائية الى هاوية لا قعر لها. ولن تكون هناك حلول توقف الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي. ولن يعود الى السلطة القضائية حقها في إعلان الاحكام باسمكم، أنتم الشعب الذي يكاد يفقد الرجاء بإمكان الوصول الى الحقيقة في جريمة تفجير مرفأ بيروت الرهيبة”.
وختم: “لذلك كله وتحت وطأة واقع الإنهيار الذي يعجز عنه الوصف، ورغم كل الظروف الصعبة التي تضغط على كل مواطنة ومواطن، ندعوكم اليوم إلى التمسك بإيمانكم بوطنكم، والوقوف معاً في مقاومةٍ وطنية مدنية تنبذ العنف وتتمسك بالسلم والديمقراطية، بالدستور والتوافق الذي أنهى صفحة الحرب في اتفاق الطائف، وبالقرارات الدولية والعربية حتى ننقذ وطننا ونعيده حراً سيداً مستقلاً عزيزاً بين الأوطان والأمم.
وإننا لهذه الغاية في صدد تشكيل مجلس وطني يتولى تحديد الوسائل والسبل المتاحة لتحرير لبنان. وسيعلم العالم أجمع أن شعبنا لن يركع ما دام فيه نساء ورجال وأطفال لا يهادنون، ولا يهابون عندما يتعلق الأمر بحرية وطنهم المفدّى لبنان، واستقلاله وحق شعبه في الحياة”.