Site icon IMLebanon

خلوة بعبدا: “ما بعدها كما قبلها”!

جاء في “نداء الوطن”:

على رأس دولة منقوصة السيادة، مسلوبة القرار ومشلولة الحركة والإرادة، احتفل العهد بذكرى الاستقلال الأخيرة في ظله وكنفه وسط بصمات درامية باتت تطبع مختلف جواتب الحياة في البلد، حيث خيمت المأساة أمس فوق أجواء عرضي “اليرزة” و”شارل الحلو” على حد سواء، انطلاقاً من المصيبة اللبنانية الجامعة بين كافة شرائح الشعب ومكوناته المدنية والعسكرية… ولبّ المصيبة، كما لخّصها البطريرك الماروني بشارة الراعي، يكمن في أن اللبنانيين يعيشون تحت سطوة “مسؤولين وقادة وأحزاب غير مستقلين (…) ولاؤهم لغير الوطن، يعرقلون سير المؤسسات الدستورية، واستقلالية القضاء، وفصل السلطات، ويخرقون السيادة والوحدة الوطنية”.

لكن وعلى دارج عادتها في التنكر للواقع والتعامي عن الوقائع المأسوية لمسلسل الانهيار، بدت الطبقة الحاكمة أمس منسجمة مع انفصامها، فجسّدت دور القيادة والريادة على أطلال الاستقلال، مزهوّة بجوّ الوئام الرئاسي على خشبة اليرزة، مروراً برحلة “الليموزين” ثلاثية الأبعاد الرئاسية من وزارة الدفاع إلى القصر الجمهوري، وصولاً إلى انعقاد خلوة بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي على نية فكّ أسر مجلس الوزراء وتحريره من قيود التعطيل… فكانت النتيجة مزيداً من الرشقات “الخلبية” في عيد الاستقلال على وقع ما نقلته مصادر مواكبة من أنّ “الخلوة نجحت شكلياً في كسر الجليد الرئاسي لا سيما بين الرئيسين عون وبري بعد فترة من التراشق الحاد بينهما، لكن عملياً بقي ما بعد الخلوة كما قبلها، إذ لم تسفر عن أي تفاهمات ناجزة خارج إطار التمنيات والتوافقات المبدئية على الحاجة إلى الإسراع في حلحلة الأوضاع وإعادة لمّ الشمل الحكومي”.

وأشارت المصادر إلى أنّ الخلوة الرئاسية “لم تخرج عن هامش البحث في عموميات الأزمة دون الغوص في أي طرح أو حل متفق عليه لرفع الفيتو “الشيعي” على انعقاد مجلس الوزراء”، موضحةً أنّ حصر رئيس المجلس مفاعيل الخلوة بعبارة “إن شاء الله خير” عكست حقيقة الوضع لناحية “بقاء كل طرف على موقفه من دون التوصل بعد إلى أرضية مشتركة تتيح التأسيس لاستئناف العمل الحكومي”. وهو ما عكسه أيضاً، استمرار رئيس الحكومة في العزف على وتر “المناشدات والدعوات إلى التفاهم والحوار” مكتفياً إثر خلوة بعبدا بالإعراب عن تمنياته بأن “تؤدي إلى خير”، في إشارة لمست منها المصادر، تأكيداً على كون “الحلول المنشودة لم تنضج صيغتها بعد، سواءً في ما يتصل بقضية المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار أو بمسألة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي”.

أما على ضفة دوائر الرئاسة الأولى، فحرصت أوساطها على تعميم نظرتها التفاؤلية لنتائج الخلوة الرئاسية الثلاثية، مشددةً على أنها تناولت “المواضيع العالقة وضرورة حلها”، وأكدت أنّ “الجو كان إيجابياً لناحية وجود إرادة حل مشتركة لدى الرؤساء الثلاثة وقناعة متقاطعة بأنّ الظرف الراهن في البلد يحتاج إلى حلحلة سريعة للعقد والعراقيل”، مشيرةً انطلاقاً من ذلك إلى أنّ “الاتصالات سوف تستمر خلال الأيام المقبلة وسط توافق على وجوب استمرار المعالجات القائمة عبر المؤسسات المعنية بالنسبة إلى أسباب تعطيل مجلس الوزراء”.

وعن عودة مجلس الوزراء، آثرت الأوساط عدم الخوض في المواعيد الزمنية واكتفت بالقول: “فكرة دعوة مجلس الوزراء مطروحة لكن تحديد الموعد لم يحصل بعد”، مضيفةً: “أما من ناحية رئيس الحكومة، فأصبح من الواضح أنه ينوي توجيه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء بعد عودته من روما”.

وعلى خط موازٍ للاستعراض العسكري الرمزي الذي أقيم في باحة وزارة الدفاع في اليرزة، أحيت فعاليات المجتمع المدني ذكرى الاستقلال بطريقة اعتراضية رمزية في وسط بيروت، حيث نظمت عرضاً ميدانياً مدنياً عند جادة شارل الحلو بمشاركة حاشدة ومتنوعة من شرائح المجتمع والقطاعات والمهن، وسط حضور ثوار 17 تشرين كتفاً إلى كتف مع أهالي ضحايا انفجار 4 آب من المدنيين والعسكريين وفوج الإطفاء والدفاع المدني تحت شعار “شعب، جيش، قضاء”، فرفع المشاركون في العرض المدني لافتات تدعو الى “تحقيق الاستقلال الحقيقي ومحاربة الفساد وسرقة المال العام، والوصول الى الدولة المدنية ومحاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت”.