جاء في “المركزية”:
بعدما وصل لبنان إلى المرحلة الأولى من التفشي المجتمعي لوباء كورونا، أي التعافي، عاد منذ حوالي الأسبوعين إلى المرحلة الثالثة وهو مرشّح إلى قفز المزيد من المراحل، إذا بقي الاستخفاف على حاله، رغم أن المناعة المجتمعية وصلت إلى 60%، إلا أن نسبة فحوص الـ PCR الإيجابية عالية بحيث وصلت إلى 5.7%. وعودة العام الدراسي حضورياً لم تساعد على ضبط الانتشار، خصوصاً وأن نسبة عالية من الجهاز التعليمي والطلاب لم تتلق اللقاح الذي يمنع المتحورات من الانتشار.
وفي مقابل تخوّف الأطباء من موجة جديدة فتّاكة تضرب لبنان، يقف النظام الصحي على مشارف الانهيار الكامل، فالخدمات الاستشفائية شبه معدومة وأكثر من 75% من أقسام كورونا أقفلت، أما الأدوية إن وجدت فبأسعار خيالية.
وكان نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف شرح أن “فيروس كورونا بمتحوراته lambda وmu السريعي الانتشار لا يزال حاضرا بقوة ولم تتم السيطرة عليه، لا سيما عند الفئات العمرية 20-50 عامًا، وبنسبة عالية جدا عند غير الملقحين. اعداد الوفيات يوميًا تتراوح بين 5 و8 متوفين، 99% منهم غير ملقحين و1% فقط من الملقحين”، مؤكداً أن “الوضع ينذر بأخطار”. فما واقع الحال الوبائي اليوم؟ وكيف يمكن ردع التفشي السريع؟
يرى أبو شرف في حديث لـ”المركزية” أن “الوضع الصحي إلى مزيد من التأزّم والأسباب بات متعارفا عليها، من جهة نسبة الملقحين لا تتعدى الـ 35% ومن أخرى التقيد بالتدابير الوقائية لا يتوافق مع المطلوب نتيجة الاستخفاف، ومن ناحية ثالثة تتفشى المتحورات الجديدة التي للتلقيح مفعول عليها لكن ليس كالسابق. كل هذه العوامل مجتمعةً تساهم في ازدياد أعداد الإصابات خصوصاً أننا دخلنا موسم الشتاء حيث ما من تهوئة كافية على غرار الصيف. من هنا نشدد على دعوة المواطنين إلى التلقيح لأن مشاكله، إن وجدت، تبقى أقل بكثير من المشاكل الناتجة عن عدم تلقي الطعم، كما أنه يقي من التقاط الفيروس ونقله إلى الأهل والأحباء”.
وعن الإجراءات الممكن اتخاذها راهناً للحدّ من تسارع التفشي في ظلّ صعوبة العودة إلى الإقفال وسط الوضع الاقتصادي المتدهور، يلفت إلى أن “المطلوب التوعية للتقيد بالإجراءات الوقائية إلى جانب التشجيع على التقليح. واللقاحات باتت متوافرة بكميات كبيرة وفي مختلف المناطق، لكن لا تزال نسب التطعيم في بعضها متدنية جدّاً مثل الشمال وتحديداً في عكّار حيث 4% فقط من السكان حصلوا على اللقاح”.
وفي ما خصّ تلقيح الطلاب ودوره، يوضح أبو شرف أن “التطعيم يحميهم رغم أن مناعتهم أعلى من فئات عمرية أخرى لكنه يساعد بالتوازي على حماية محيطهم. اليوم نشجع على البدء بعمر 12 سنة وما فوق لأن الكميات لا تكفي للفئات الأصغر ويجب البدء بحماية الأكثر عرضة لخطر العدوى”.
وعن قدرة المصابين على شراء الأدوية، يشير إلى أن “الأصناف الأساسية متوافرة، لا سيما في مراكز الرعاية الصحية، طبعاً باسثتناء الأدوية التي لا تحتاج الى وصفة طبية. اللبنانيون غير معتادين الحصول على الدواء منها، لذا يجب تخطّي الثقافة التي تعتبر أن المركز الصحي “ليس من قيمتنا”، ففتح ملفات للمرضى في المراكز يساعدهم على الحصول على الدواء مجّاناً. في البلدان المتقدمة يعتمد أولاً على المستوصفات بعدها يأتي خيار المستشفى أو الصيدلية”.
أما بالنسبة إلى احتمال تكرار سيناريو السنة الماضية خلال الأعياد، فيؤكد “يمكن أن يكون أسوأ لأن البلد فقد كلّ وسائل الحماية والمحاربة، فعدد الأطباء والطواقم الطبية تراجع كثيراً وكميات الأدوية أصبحت معدودة والغلاء لا يرحم على أي صعيد. لذا، تبقى الوقاية الخيار الأوفر والأسهل، من هنا نكرر أن ما من مصلحة للمواطن في الاستهتار”.