جاء في “المركزية”:
اعتاد اللبنانيون ان تنام الملفات القضائية في أدراج قصور العدل، وتطرح في غياهب النسيان، إلا تلك التي تجد من يحركها من وقت الى آخر علها تصل الى خواتيمها. فكيف بالأحرى إذا كانت مقدمة ضد “حزب الله”؟
يكشف معنيون في أكثر من ملف ان القضاء يضع عددا من الاخبارات المقدمة من قوى سياسية ضد حزب الله في مواضيع شتى وضد مجهول في عمليات التهريب وفي المعابر غير الشرعية في الادراج متجنبا سبر غوارها لتسلك مسارها الطبيعي في غياب الضمانات من جهات مسؤولة، لتأمين الحماية الكافية او المظلة السياسية والرسمية الواقية في ظل الفوضى القائمة وخضوع الدولة الى منطق فائض القوة، الامر الذي يحمل اكثر من مسؤول قضائي على التريث في اتخاذ اي خطوة قد ترتد عليه، فلا يتمكن من تحمل تبعاتها وما يجري على حلبة تحقيقات جريمة المرفأ خير دليل. فهل يعطل فائض القوة هذا كل الملفات المتصلة بحزب الله في حين ان ما يقدمه الحزب يسري بسرعة البرق واستدعاء النائب السابق فارس سعيد نموذج حي؟
المحامي مجد حرب الذي قدم سلسلة اخبارات في ملفات عدة معني بها الحزب يقول لـ”المركزية”: “لنكن واقعيين، ليس هناك من خوف لدى القضاء إنما خضوع قسم كبير منه، وهذا الأمر اصبح للاسف القاعدة، والاستثناء هو ما نرى مع المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار وليس العكس. لم نعد نفتش لنجد قاضيا يتصرف بطريقة غير قانونية بل بتنا نبحث في القضاء عن قاضٍ غير خاضع. هذه المشكلة الكبرى التي نواجه”.
ويتطرق حرب الى تجربته الشخصية، فيقول: “قدمنا عدة اخبارات، وقمنا بجولة على القضاة، بدأنا مع النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، حيث تقدمنا منذ أكثر من سنة، بإخبار له علاقة بالتهرب الضريبي لحزب الله، لكن حتى اليوم لم يُتخذ اي إجراء في هذا الملف. ثم تقدمنا بملف الادوية الايرانية في النيابة العامة التمييزية، رُفض الملف في غضون اربع ساعات رغم انه ملف تقني يحوي اكثر من 15 مستندا. ثم بعد فترة، وكانت حينها المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون همّتها كبيرة وتتخذ اجراءات أحب البعض تسميتها بالـ”الجريئة” آنذاك، فقررنا ان نتوجّه إليها، وهذا ما حصل. قدمنا لها ملف الادوية الايرانية والقرض الحسن وهو الملف نفسه الذي قدمناه سابقا وتم رفضه من النيابة العامة، وايضا للاسف تمت إحالة الملف الى أمن الدولة. مضى نحو السنة ولم يتخذ أي إجراء بعد”.
هل من أمل؟ يجيب حرب: “صحيح ان هناك خضوعا للقضاة لكن هناك ايضا في المقابل بعض الاستثناءات المشرفة ولكن القاعدة هي خضوعهم وخوفهم. لكننا لن نملّ وسنعيد التجربة مراراً وتكراراً وسنحاول مجدداً علنا نصادف قاضيا كالقاضي طارق بيطار. لكن القاعدة الاساسية هي ان الاكثرية اصبحت خاضعة وبالتالي في غياب التفتيش القضائي وعدم اكتمال النصاب في مجلس القضاء الاعلى، تصعب مسألة محاسبة هؤلاء القضاة”.
ويؤكد حرب “ان المنظمات الدولية التي تساعد في موضوع مكافحة الفساد والتهريب كالذي يقوم به حزب الله، تشترط قبل التوجه لطلب مساعدتها ان نكون قد استنفذنا كل الاطر الداخلية المتاحة في هذه المعركة في وجه الفساد. لذلك، نحاول ان نبرهن للجميع اننا في الداخل وفي هذه المعركة نستنفد كل الاجراءات الداخلية ولا نصل الى نتيجة ضمن القضاء المحلي”.
ويختم حرب: “سنستمر في المحاولة لأننا كلما حاولنا أكثر وفتحنا ملفات جديدة، لا بد من ان نصادف قضاة نزيهين والاهم جريئين في هذا المجال”.