جاء في نداء الوطن:
بجلد التماسيح مسحت السلطة استطلاع “اليونيسف” حول تفاقم تأثيرات الأزمة اللبنانية على الأطفال، فكفكفت دموعها من دون أن يرف لها جفن إزاء ما كشفه التقرير عن مدى صعوبة “البقاء على قيد الحياة من دون أساسيات العيش” في لبنان، حيث سجّلت نسبة الأطفال الذين يعانون الجوع “ارتفاعاً جديداً” خلال الأشهر الستة الماضية، لا سيما وأنّ الأرقام بينت أنّ 40% من الأسر اضطرت إلى بيع أثاث وأدوات منزلية لشراء الطعام، وأنّ “7 أسر من كل 10” باتت تلجأ إلى الاقتراض المباشر لتأمين قوتها اليومي، مع توثيق عيش “ما يزيد عن 8 أشخاص من أصل 10” في حالة فقر، وتصنيف 34% ضمن خانة “الفقر المدقع”.
لكن وعلى قاعدة “منكمل باللي بقيو”، تواصل الطبقة الحاكمة تلقيم نار “جهنم” وتسعير لهيبها باللحم اللبناني الحيّ، وهمّها الأوحد يتركز على كيفية تحصين مكتسباتها السلطوية، رئاسياً ومجلسياً وحكومياً، ومنع أي انقلاب في موازين البلد لصالح قوى المعارضة والثورة. ومن هذا المنظار تشخص الأعين نحو الاستحقاق الانتخابي المقبل باعتباره محطة مفصلية على مفترق طرق بين “أكثريتين، قائمة وداهمة”، وفق تعبير مصادر مواكبة لكواليس التحضيرات الانتخابية، مؤكدةً أنّ نسبة المغتربين المرتفعة التي سُجّلت على قوائم الاقتراع “أرعبت السلطة وخلطت الأوراق والمواقف بعدما خلقت نوعاً من التقاطع المصلحي بين “التيار الوطني الحر” وأحزاب وتيارات سياسية متعددة باتت تميل إلى إعادة النظر بمسألة احتساب صوت المغترب في كامل الدوائر الانتخابية، وضرورة حصر مفاعيله بالمقاعد الستة المنصوص عليها بالقانون النافذ قبل تعديله، ربطاً بالقناعة السائدة لدى الأكثرية القائمة بأنّ صندوق اقتراع المغتربين في حال اعتماد نتائجه على مستوى انتخاب الـ128 نائباً فإنه سيصبّ بمجمل أصواته في مصلحة مرشحي أحزاب وقوى المعارضة والحراك المدني”.
وعلى هذا الأساس، تُرجّح المصادر أن تنتفي الحاجة إلى لعبة “فقدان النصاب” التي كانت تلوح بها قوى السلطة في معرض التهديد بإجهاض تأمين النصاب القانوني اللازم لبتّ المجلس الدستوري بموضوع الطعن بمواد قانون الانتخابات المعدلة، وأبرزها بند الصوت الاغترابي، ولفت في هذا السياق اجتماع المجلس بحضور كامل الأعضاء للتدارس في الطعن المقدم من قبل تكتل “لبنان القوي”، على أنّ المصادر كشفت أنّ اجتماع الثلثاء لم يكن الأول بهذا الصدد “إنما سبقه اجتماع نهار الخميس الفائت للمجلس الدستوري عيّن بموجبه مُقرراً لدرس الطعن وبنوده ووضع تقريره حياله خلال مهلة 10 أيام، بينما أهمل المجلس طلب “وقف التنفيذ” ولم يأخذ به، بعدما كان “لبنان القوي” قد أرفق طعنه بالقانون الانتخابي المعدّل بطلب وقف تنفيذ مفاعيله فوراً بانتظار البت بالمواد المطعون بها”.
ونقلت أوساط دستورية لـ”نداء الوطن” أنّ المجلس الدستوري بات في “حالة انعقاد دائم وورشة عمل مستمرة”، واصفةً أجواء مداولاته الأولية في ملف الطعن الانتخابي بأنها كانت “إيجابية وديمقراطية”. وأوضحت في ما يتصل بآلية عمل المجلس حيال الطعن المقدم أمامه أنه “من المفترض بالمقرر الذي تم تعيينه في موضوع الطعن وضع تقريره خلال مهلة 10 أيام، ليعمد بعدها رئيس المجلس إلى تعميم نسخ من التقرير على الأعضاء ليتدارسوه خلال مهلة 5 أيام قبل العودة إلى الهيئة للبت به ضمن سقف زمني لا يتعدى 15 يوماً، علماً أنّ القرار النهائي يجب أن يحظى بأكثرية 7 أعضاء من أصل 10، وفي حال عدم التوصل إلى قرار قبل انتهاء هذه المدة، لفقدان النصاب أو لعدم توفر الأكثرية اللازمة، تصبح حينها مواد القانون المطعون بها نافذة حكماً”.
وعما يتم تداوله حول احتمال أن يشكل الطعن الدستوري مدخلاً لتطيير الاستحقاق الانتخابي، شددت الأوساط الدستورية على أن “هناك قانون انتخاب نافذاً وتعديلات طرأت عليه وجرى الطعن بها، ولا تأثير لذلك على مصير الانتخابات، وبجميع الأحوال في غضون شهر كأقصى حد سيكون قرار المجلس الدستوري قد صدر وحدد مصير القانون الانتخابي بكامل بنوده”.
قضائياً أيضاً، برز قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، والذي قضى بإعادة ملف الدعوى المقدمة من المدعى عليه في جريمة انفجار المرفأ الوزير السابق يوسف فنيانوس، والتي يطلب فيها رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار الى رئيس الغرفة 12 لدى محكمة الاستئناف القاضي نسيب ايليا للنظر فيها.
وأوضحت مصادر قانونية أنّ القرار يعني عملياً “كف يد” القاضي حبيب مزهر عن ضمّ ملف “كف يد” القاضي البيطار إلى دعوى فنيانوس طلباً لرد القاضي إيليا، لافتةً الانتباه إلى أنه على الرغم من ذلك سيبقى التحقيق العدلي “معلقاً” ولن يستأنف القاضي البيطار جلساته بانتظار بت الغرفة 12 برئاسة القاضي إيليا بدعوى الرد الأصلية المقدمة بحق المحقق العدلي بعد فصل الدعويين بموجب قرار القاضي رزق الله.