كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
الارتفاعات المتتالية والسريعة وشبه الجنونية بالنسبة الى المواطن، والتي تشهدها اسعار السلع الاستهلاكية، ليست سوى رأس جبل الجليد، وهناك مرحلة أصعب على هذا المستوى، قد تتبلور مع رفع الدعم عن كل الخدمات العامة.
استناداً الى إدارة الاحصاء المركزي، سجل مؤشر اسعار الاستهلاك في تشرين الاول 2021، ارتفاعا قدره 16,42% بالنسبة لأيلول 2021. وسجل خلال تشرين الاول 2021 ارتفاعا بنسبة 173,57% بالنسبة لتشرين الاول 2020. كما بلغ تضخم اسعار الاستهلاك خلال الاشهر العشرة الاولى من السنة 151,6%.
وسجل هذا الرقم ارتفاعا على صعيد المحافظات وفق النسب التالية: في بيروت 14,61%، جبل لبنان 14,55%، الشمال 18,50%، البقاع 20,44%، الجنوب 17,97% والنبطية 20,07%.
في التفاصيل، أظهرت أرقام تشرين الاول 2021 مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2020 ارتفاعا سنويا بنسبة 508.23% في كلفة النقل، وهي النسبة الأعلى المسجلة من ضمن ابواب الانفاق. ويعود السبب الرئيسي في ذلك الى ارتفاع اسعار المحروقات، يليها ارتفاع في اسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية بنسبة 303.66%. وحلّت اسعار المطاعم والفنادق في المرتبة الثالثة بزيادة 301.97%. أما اسعار الماء والغاز والكهرباء والمحروقات الاخرى فزادت 271%، تليها اسعار الخدمات الصحية بنسبة 232.8%، واسعار المشروبات الروحية والتبغ والتنباك التي زادت 220.98% وصولا الى اسعار الالبسة والاحذية التي ارتفعت 209.08%.
أما اسعار السلع والخدمات التي لم تتأثر كثيرا بالتضخم وارتفاع الاسعار فهي حكماً الخدمات التي لا تزال مدعومة من قبل الدولة مثل الاتصالات التي زادت بنسبة 34.5%، الايجارات: القديمة بالكاد زادت بنسبة 2% اما الجديدة فزادت بنسبة 5.4% والقيم التأجيرية للمالكين ارتفعت 2.59%، الا ان هذه الزيادات او على الاقل الايجارات الجديدة مرشحة للارتفاع اعتبارا من مطلع العام المقبل. وسجلت كلفة التعليم ارتفاعا بنسبة 35% وهذه الخدمة مرشحة للارتفاع ايضا في الفترة المقبلة، خصوصا ان بعض المدارس لم تحدد نسبة الزيادة على الاقساط ولا تزال تترقّب الوضع الاقتصادي لتبني على الشيء مقتضاه.
النسب مغايرة للواقع؟
تعليقاً على مؤشر اسعار الاستهلاك، يقول الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الجمهورية» ان هذه الأرقام ورغم ارتفاعها اللافت الا انها لا تزال اقل بكثير من الواقع، فارتفاع اسعار المازوت والبنزين والأكلاف المرتبطة بها رفعت الاسعار أكثر بكثير من 16.4%. فإذا وضعنا جانبا اسعار الكهرباء والاتصالات والايجارات نلاحظ ان بقية اسعار السلع مثل اللحوم والمواد الغذائية وغيرها زادت بنسب مهولة، فكيلو اللحمة الذي كان بـ35 الفا وصل الى ما بين 180 و200 الفا، علبة اللبنة باتت بـ 47 الف ليرة بعد ان كانت بـ 5000 ليرة، سعر صفيحة البنزين كان بـ 25 الفا ارتفع اليوم الى 310 الاف ليرة اي بزيادة 114%. وبناء عليه، أكد شمس الدين ان متوسط ارتفاع اي سلعة شهريا يتراوح ما بين 15 و20% بما يعني ان النسبة العامة للكلفة تتخطى الـ25%، مشددا على ان رفع الدعم عن البنزين هو الذي قلب المعادلة وغيّر التسعير.
أما عن الزيادات المرتقبة على الاسعار في ضوء الحديث عن رفع الدولار الجمركي، فأكد شمس الدين انه لا يمكن التكهن بالزيادة المرتقبة على السلع حينها لأنه حتى الساعة لم يعلن بعد اي سعر دولار سيعتمد: هل هو دولار 3900 ليرة او 12 الفا او 16 الفا او 18 الفا او دولار السوق الذي وصل الى 23 الفا. اضف الى ذلك ان لبنان مرتبط باتفاقيات مع الاتحاد الاوروبي والدول العربية ضمن اتفاقية التيسير العربية وبالتالي، السلع المستوردة من هذه الدول معفية من الرسوم الجمركية. كما تجدر الاشارة الى ان الرسوم الجمركية ليست موحدة وهي تختلف باختلاف السلعة وتتراوح ما بين 5 و 10 و15% وهذه لا تعتبر رسوما مرتفعة. وتساءل: ماذا لو قرر المجلس الاعلى للجمارك خفض بعض الرسوم قبل رفع الدولار الجمركي، على سبيل المثال السلعة التي تصل رسومها الى 50% حاليا قد تخفض الى 30 او 20% والسلعة التي يصل رسمها الجمركي الى 20% قد تخفض الى 5%، مع العلم ان الغالبية العظمى من السلع المستوردة رسمها الجمركي 5%. اضاف: بعض السلع المستوردة سيزيد سعرها على الاكيد مثل اسعار السيارات والعطورات والادوات المنزلية الكهربائية، الخلوي…
تبقى معضلة الدواء التي تخضع لرسم جمركي حاليا نسبته 5% فهل سيبقى هذا الرسم اذا ارتفع الدولار الجمركي؟ ام سيُعفى من الرسوم على غرار المازوت المعفى؟ ماذا عن صفيحة البنزين هل تحمل زيادة اضافية مع العلم ان الدولة تجبي راهناً 5600 ليرة رسوماً جمركية عن كل صفيحة؟
لجنة المؤشر
وعن تأثير هذه الزيادات الشهرية على تحديد الحد الأدنى للاجور الذي لا يزال قيد الدرس داخل لجنة المؤشر، أكد شمس الدين ان اللجنة ومنذ الجلسة الاولى لها فصلت ما بين تحديد حد أدنى جديد للأجور في ضوء التضخم وارتفاع الاسعار وما بين اعطاء مساعدة للعمال وهو ما يتم التركيز عليه حاليا وتحديد حجم المساعدة، ومن يمكنه الاستفادة منها، على ان يبدأ البحث بالحد الأدنى للاجور في مرحلة لاحقة، فهذا الامر صعب جدا في ظل عدم ثبات سعر الصرف وانهيار يومي جديد لليرة.