كتبت كلير شكر في نداء الوطن:
الأكيد، أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون، لم يقصد في لقائه وزير الاتصالات جوني قرم، حين أبدى استعداده لتطبيق القانون 431 وتفعيل دور الهيئة الناظمة للاتصالات من خلال انتخاب مجلس ادارة للهيئة و”ليبان تيليكوم”، أن يتصرّف على طريقة “بحكيكي يا جارة حتى تسمعي يا كنّة”.
و”الكنّة” هنا هي قطاع الطاقة التي يريد له “الإصلاحيون”، ومنهم البنك الدولي، أن تكون له هيئة ناظمة، صاحبة صلاحيات، لا مجرّد هيئة استشارية لا تقدّم أو تؤخر. هكذا، انتظروها من الطاقة فأتتهم من الاتصالات، خصوصاً وأنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعلن بشكل مباشر “استسلامه” للخلافات الحاصلة حول صلاحيات الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، فقرر تجاوز هذا الشرط لوضع خطته على طاولة مجلس الوزراء من دون المرور بمتاهة الهيئة.
والهيئة التي انيط بها تحرير وتنظيم وتطوير قطاع الاتصالات في لبنان، ليست جديدة، لكنها معطلة. أنشئت الهيئة المنظمة للاتصالات بموجب القانون 431/2002، وبدأت أعمالها إثر تعيين مجلس إدارتها في العام 2007. وتعطلت الهيئة نهائياً في العام 2015، مع العلم أنّ ولاية أعضائها انتهت في 2012 من دون أن تشكّل من جديد، بسبب عدم رغبة وزراء الاتصالات بتقاسم جبنة الصلاحيات معها… ولو أنّ الوزراء المتعاقبين كرروا مطالبتهم بضرورة تفعيل دور الهيئة، وآخرهم وزير الاتصالات السابق طلال حوّاط الذي أكد هذا المبدأ في اجتماع له مع أعضاء الهيئة في حزيران 2020. لكن كل تلك الدعوات بقيت حبراً على ورق.
وفي العام 2009، وبسبب عدم إنشاء شركة اتصالات لبنان (ليبان تيليكوم) بحسب المادّة 44 من قانون الاتصالات، أصدر مجلس شورى الدولة قراراً يعتبر أنّ الشقّ المتعلّق بصلاحيّات الهيئة غير نافذٍ الى حين استكمال تنفيذ القانون، وبالتالي أصبحت الهيئة بحكم تصريف الأعمال وقامت بأعمال استشاريّة لصالح وزارة الاتصالات وقدّمت المساعدة في بعض المشاريع القائمة داخل الوزارة.
على الورقة والقلم، تنظّم الهيئة بموجب القانون، قطاع الاتصالات، الّا أنّ “قانون روما من فوق غير قانونها من تحت”. وعلى الرغم من وجود الهيئة في وقت سابق، إلا أنّها لم تلعب يوماً الدور المنوط بها.
وفق قانون الاتصالات رقم 431/2002، يتبيّن أنّ الهيئة هي مؤسسة عامّة مستقلة، تأسّست بموجب قانون ولكنّها باشرت القيام بعمليّاتها بعد تعيين مجلس إدارتها في شهر شباط 2007. تهدف الهيئة إلى تحرير وتنظيم وتطوير قطاع الاتصالات من خلال “إرساء بيئة تنظيمية تعّزز قيام سوق اتصالات تنافسيّة، لتقديم أفضل الخدمات بأسعار معقولة لأوسع شريحة من الشعب اللبناني” على أسس الاستقلاليّة، الشفافيّة، المساءلة والإنصاف، كما ذُكر في “رؤية” الهيئة.
أما واجبات الهيئة كما جاء في القانون فشملت: تشجيع المنافسة في مجال الإتصالات، ضمان شفافية الأسواق، رصد التعرفات ومنع التصرفات غير التنافسية، العمل كوسيط وهيئة تحكيم لتسوية النزاعات التي تنشأ بين المرخّص لهم، إعداد مشاريع المراسيم والأنظمة، تنظيم الإمتيازات، إصدار التراخيص أو تعديلها أو تعليقها أو سحبها، والإشراف على تطبيق هذه الامتيازات والتراخيص، وضع قواعد الترابط ومراجعة عقوده، صياغة المعايير والإجراءات التقنية اللازمة لرصد الامتثال لهذه المعايير، وضع معايير وتدابير لإعادة النظر في الشكاوى و/أو الطلبات التي يمكن أن تنشأ من تطبيق القانون الحالي، والقرارات المتعلقة بها، وتسهيل استخدام الإتصالات بالنسبة لمؤسسات الرعاية التعليمية والصحية والأشخاص ذوي الحاجات الخاصة.
يعني باختصار، تتولى الهيئة تطوير القطاع وتوسعته، وضع استراتيجيات القطاع والإشراف على تنفيذها، سواء اذا كان الهدف خصخصته أم ادخال شركات خاصة كشريكة أو مستثمرة… فهل يقدم عليها الوزير قرم فيتولى تعيين هيئة ذات فعالية؟ مع العلم أنّه سبق له أن زار مقر الهيئة المنظمة للاتصالات في بيروت، “ايماناً منه بدور الهيئة وأهمية تفعيلها من اجل تطوير القطاع وتطبيق الاصلاحات”، وأعلن يومها: “هدفي تفعيل عمل الهيئة المنظمة للاتصالات عبر الاستعانة بخبرات الافراد الموجودين لدى الهيئة، وايجاد آلية تنسيق بينها وبين الوزارة”.
يؤكد قرم لـ”نداء الوطن” أنّه مصرّ على تعيين الهيئة كونها حاجة أساسية لتطوير القطاع وديمومة استقراره وفعاليته، وذلك وفق مقتضيات القانون والآلية التي ينصّ عليها، متمنياً أن يتجنّب الخلافات السياسية لكي ينجح في تأليفها في وقت قريب.