جاء في “المركزية”:
مع ان جبل الازمات الذي يرتفع يومياً في لبنان، لا يفسح المجال للبحث في اي ملف من خارج سياقه، في ظل اوضاع كارثية تسبب بها اداء المنظومة الحاكمة واخفاقاتها المتتالية في المعالجات بما يبقي البلاد عالقة في شباك اهواء قوى الامر الواقع، تبقى بعض الملفات داهمة الى درجة تستوجب المتابعة خصوصا اذا كانت على مستوى أهمية ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل وما قد ينتج عن الاتفاق في شأنها من ايجابيات تلامس انعاش الاقتصاد نتيجة الشروع في استخراج الغاز والنفط من الآبار المتاخمة لهذه الحدود موضع النزاع راهنا.
على هذا الخط، يصول ويجول االوسيط الاميركي في الملف آموس هوكشتاين. فغداة زيارة الى اسرائيل اخيرا اعقبت محطة في لبنان في التاسع عشر من تشرين الاول الماضي، يزور المفاوض الاميركي بيروت خلال الاسبوعين المقبلين. وتشير اوساط مطلعة على الملف لـ”المركزية” الى انه يحمل معه حلا وسطا بين موقفي اسرائيل ولبنان بالعودة الى مشروع فريديريك هوف القاضي بتكليف شركة مقبولة من الطرفين لرعاية مصالح البلدين الى حين البت في الخلاف الحدودي البحري، على ان تتم المفاوضات خارج اطار اجتماعات الناقورة وعبر مفاوضات مكوكية يقوم بها شخصيا خلال فترة محددة لانهاء الخلاف، خصوصا ان ما حمله من حصيلة محادثاته في بيروت وعلى رغم عدم وحدة الموقف اللبناني، كان مشجعاً لجهة القبول بحل وسط، يشكل عمليا تنازلا من الجانب اللبناني ، لان اي اجراء قضائي قد يقدم عليه لبنان في هذا الخصوص سيمنحه اكثر من الحل الذي يرتضيه راهنا والقاضي بمنح حقل قانا كاملا للبنان مقابل ابقاء حقل كاريش القريب من البلوك 9 مع اسرائيل، في ضوء ما خرجت به محكمة العدل الدولية في نزاع مطابق للبناني -الاسرائيلي بين الصومال وكينيا، وقد عدّ قراراً تاريخياً ، يدعم وجهة نظر لبنان في ما يصرّ عليه من خلال الخط 29، وكيفية احتساب نقطة انطلاقه من البر وكيفية توجيهه بحراً.
الطرح هذا يفترض بحسب الاوساط قبولا اسرائيليا ايضا، ما دامت واشنطن تستعجل الحل، على رغم مأخذها على لبنان بأنّه طرح الخط 29 متأخّراً جدّاً في عملية التفاوض، ومثلها اسرائيل كونها ستبدأ في اذار المقبل التنقيب في حقل كاريتش، ولا بد ان تقدم تنازلات لحسم الخلاف والوصول الى اتفاق، من دونه لن تخاطر الشركات النفطية “انرجين” اليونانية و”هالبرتون” الاميركية بالشروع في التنقيب في منطقة متنازع عليها، علما ان تل ابيب حينما قامت بتوقيع العقود مع الشركات العالمية للتنقيب في حقل كاريش كانت تستند الى اعتماد لبنان الخط 23 البعيد نسبيا عنه وليس الـ29 الذي يشكل كامل حق لبنان في المنطقة الإقتصادية الخالصة، والذي طرحه وفد لبنان العسكري المفاوض استنادا الى دراسات ووثائق وملفات استلزم جمعها سنوات طويلة.
لكن الموافقة الاسرائيلية واللبنانية على الحل الوسط الذي يحمله هوكشتاين ان تمت، دونها عقبة اساسية من جانب لبنان، تتمثل في عدم التئام مجلس الوزراء كون اي اتفاق في هذا الشأن يحتاج الى موافقته، فهل يُضاف ملف التفاوض حول الحدود البحرية مع اسرائيل الى سبحة الملفات المتراكمة الممسك بناصيتها حزب الله؟