جاء في “المركزية”:
تنهار يوما بعد يوما قدرة اللبنانيين على تحمّل اعباء الازمة المعيشية، تماما كما تنهار قيمة الليرة امام الدولار. التقارير والدراسات الدولية تثبت بالارقام، كم ان الواقع بات مزريا ومقلقا ومخيفا.
الثلثاء، اشارت منظمة “اليونيسف” إلى أنه “في ظلِّ عدم وجود ضوء في الأفق يوحي باقترابِ إيجاد الحلول للأزمة اللبنانية، يشتدّ تأثير تلك الأزمة على الأطفال في شكلٍ تدريجي، حيث أظهر إستطلاع جديد إرتفاعا في عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع، والذين اضطرّوا للعمل لإعالة أسرهم، والأطفال الذين لم يتلقّوا الرعاية الصحية التي كانوا في أمسّ الحاجة إليها. وفي تقرير بعنوان “البقاء على قيد الحياة بدون أساسيّات العيش: تفاقم تأثيرات الأزمة اللبنانية على الاطفال”، لفتت المنطمة إلى ان “المعطيات تشير الى تدهور هائل في الظروف المعيشية على مدى الأشهر الستة الماضية، حيث أن أكثر من نصف الأسر تخطّى طفل واحد لديها على الأقل وجبة طعام في شهر أيلول الماضي، في حين كانت النسبة تعادل 37 بالمئة في نيسان. وقد أفادت 30 بالمئة من الأسر التي شملها الإستطلاع عن خفض نفقات التعليم بعد أن كانت نسبة تلك الأسر 26 بالمئة في نيسان الماضي”. وشددت على ان لبنان يعاني من أحد أسوأ الكساد الإقتصادي في العالم في التاريخ الحديث، يُضاف الى البلاء الذي أصاب البلاد جراء جائحة كوفيد-19 وتأثير تفجيرات مرفأ بيروت الهائل في آب 2020. وتشير التقديرات الأخيرة، الى أن ما يزيد عن 8 من كل 10 أشخاص يعيشون في فقر، و34 بالمئة واقعون في فقر مدقع.
في مقابل هذه المعطيات التي تعكس مدى “المعاناة” التي بات يقبع فيها اللبنانيون، والتي لم ترحم الاطفال حتى، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، ان مجلس الوزراء معطّل، لا بل هو ممنوع من الاجتماع، بفعل موقف اتّخذه “حزب الله” حرّم فيه على الحكومة الانعقاد قبل ان يتم “قبع” المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، فانصاع الجميع وما عاد رئيسها نجيب ميقاتي يجرؤ على الدعوة لجلسة مخافة إغضاب الحزب.
هذا الفيتو، أثبت بالدليل الحيّ، كم ان الضاحية منفصلة عن “الارض” اللبنانية، وعن نبضها ومأساتها لمصلحة راعيته الاقليمية ايران. فالحزب، في سبيل تحقيق مشاريعه الخاصة، التي تناسبه هو وحده، قرّر أسرَ اللبنانيين كلّهم، ومَنَع مَن يُفترض ان يساعدهم بالحد الادنى، اي الحكومة، من الاجتماع! هو لم يكتف بالاعتراض على اداء البيطار في القضاء وفي مجلس النواب وفي الشارع عبر التظاهرات التي تحوّل آخرها الى مواجهات عسكرية اثر “غزوة” مناصريه عينَ الرمانة، بل ذهب نحو “إحراق” خشبة الخلاص الوحيدة التي لا يزال اللبنانيون يتمسّكون بها لعدم الغرق نهائيا في امواج الازمة الاقتصادية الخانقة التي تتقاذفهم منذ اشهر، عنينا “حكومة معا للانقاذ”.
في الاثناء، ومنذ اللقاء الرئاسي الثلاثي الاثنين الماضي في بعبدا، يكثر الحديث عن مساع حثيثة تبذل في الكواليس ستقود في نهاية المطاف، وفي غضون ايام، الى فك اسر مجلس الوزراء. فهل فعلا سيتحقق ذلك؟ وهل فعلا أدرك حزب الله حجم الوجع الشعبي الذي يطال “ناسه” كما كل اللبنانيين؟ وهل سيعلن امينه العام السيد حسن نصرالله في اطلالته مساء غد تحريره الحكومة؟ ام انه سيُبقي مصلحته ومصالح راعيته الاقليمية ايران، في الصدارة، ويستمر بتعطيل الحلول حتى يأتيه الضوء الاخضر من طهران؟