Site icon IMLebanon

مبادرة فرديّة لتأمين الغاز للعائلات الفقيرة: تعبئة “الجرّة” بالكيلو!

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

تنغص الضائقة المعيشية والاقتصادية الخانقة على الصيداويين حياتهم، وهم يسعون للعيش بكرامة مع الغلاء وارتفاع الدولار والاسعار تزامناً مع بدء موجة جديدة من تفشي “كورونا”، ومع رفع الدعم الرسمي عن المواد الاساسية ومنها المحروقات والغاز وآخرها الدواء، وقد بات شراؤه يسبب الداء.

بيد ان مبادرات الخير الفردية منها والجماعية لم تتوقف، وتتواصل كلما اشتدت الازمة لتسد جزءاً بسيطاً من عجز الدولة، مع قلة امكانيات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والاجتماعية. فمع كل ازمة تنطلق مبادرة وآخرها تأمين الغاز للعائلات الفقيرة والمتعففة التي باتت تملأ “الجرة” بالكيلو بدلاً من كامل سعتها نتيجة عجزها وقلة حيلتها وانعدام قدرتها الشرائية.

ويؤكد صاحب المبادرة الناشط محمد آغا لـ”نداء الوطن” انها ليست الاولى “اذ سبقها مبادرة “تسكير الديون” في الدكاكين للعائلات الفقيرة والمتعثرة في صيدا القديمة وبعض الاحياء الشعبية، واليوم اطلقنا مبادرة تأمين الغاز ونواصل حملة “جبر الخواطر” لتوفير الادوية المزمنة من الضغط والسكري والقلب وسواها. الامكانيات المادية قليلة والطلبات للمساعدة كثيرة، ونعتمد على تبرعات الخيرين واصحاب الايادي البيض واستطعنا تأمين 20 جرة لعائلات فقيرة عبر اعطاء بون وتعبئتها من مركز الصفدي في منطقة سينيق – جنوب المدينة، ومن لا قدرة له على تحمل نفقات الانتقال اليه نؤمن له “الدليفري” أيضاً”.

واضاف: “صيدا تعيش حالة من التكافل الاجتماعي في ما بينها وخاصة من بعض المغتربين في الخارج والجمعيات الاهلية. وعدتنا احدى الجمعيات الصيداوية بدعم المبادرة بداية الشهر المقبل لتأمين ما يزيد عن 20 جرة، لا نرد احداً من المحتاجين، وبات مسجلاً نحو 100 طلب مساعدة، ندعو الله ان نستطيع مساعدتها سريعاً”، منوهاً الى مبادرة “جبر الخواطر” عبر “توفير الأدوية المزمنة عن طريق دكتورة صديقة تقدم لنا النماذج المجانية منها ونحن بدورنا نقوم بعرضها على المحتاجين”.

في دكاكين بيع الغاز في صيدا، يتهافت المواطنون على التعبئة بالمفرق لقضاء الحاجة، شطبت عائلات كثيرة من جدول حياتها تعبئة الجرة احتياطاً لعجزها المالي، بل وصل حال الفقر ببعضها الى ملئها بالكيلو فقط بدلاً من كامل سعتها سواء عشرة كيلوات او 12 كيلو ونصف بعدما تجاوز ثمنها الـ 350 الف ليرة لبنانية، وبعضها الآخر استبدلها بالغاز الصغير توفيراً.

ويقول الحاج ابو حسين بسيوني لـ”نداء الوطن”: “يدفعون بنا نحو الجنون وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، عائلات أجبرت على وقف التدفئة بواسطة الغاز في فصل الشتاء وتسعى الى توفيره لاعداد لقمة الطعام والشراب الساخن، لقد ضيعوا لبنان وافقروا شعبه ويريدونه متسولاً”.

وتشتهر صيدا بالتكافل الاجتماعي والترابط المجتمعي وتلعب البلدية مع تجمع المؤسسات الاهلية دوراً بارزاً بتخفيف الاعباء. مع بدء الازمة وزعت قسائم شرائية مرتين بمبلغ فاق المليار ليرة لبنانية، وبينهما اطلقت الكثير من المبادرات الفردية استهدفت الاحياء الشعبية والفقيرة وخاصة صيدا القديمة، ولكن حاجة الناس تبقى كبيرة.

وتقول الحاجة أم محمد سهام وهي ارملة تعيل اسرة مؤلفة من ثلاثة اشخاص لـ “نداء الوطن”، لقد مرت علينا ايام عصيبة كان البيت خاوياً والبراد فارغاً، فجاءت مساعدات البلدية والجعيات الاهلية والمبادرات الفردية لتسد رمق حاجتنا بصمت، كنت أجد احياناً ربطة الخبز معلقة على باب المنزل، لا اعرف من تركها… ولكنني كنت ادعو له من كل قلبي”.

يقول الناشط الاجتماعي والقائد الكشفي في “جمعية الكشاف المسلم” محيي الدين حفوظة لـ “نداء الوطن” ان شعوره بالارتياح لا يوصف وهو يقوم بايصال المساعدات الى مستحقيها من العائلات الفقيرة والمتعففة في صيدا القديمة وخاصة في ذروة الازمتين المعيشية والصحية، ويؤكد لـ “نداء الوطن”، كنت اشعر بفرح عارم ولكن فيه غصة كبيرة وبنوع من المرارة للواقع المأسوي الذي تعيشه الناس في ظل ظروف صعبة جداً”، قبل ان يضيف بحرقة “كنا نلبي احتياجات الناس مرة.. ولكنها كانت تنظر في عيوننا لتقول انها بحاجة دوماً، فيما الدولة هي المسؤولة عن هذا البؤس والفقر في منطقة تعتبر منكوبة ومحرومة من الاهتمام بتوفير الخدمات الحياتية، ولذلك فالمساعدات ما زالت مستمرة”، خاتماً “عندما اسمع الدعاء من الناس الله يخليك ويطول بعمرك، انسى كل التعب”.