عادت التحركات الى الشارع الايراني من جديد اعتراضا على الاوضاع المعيشية الخانقة. منذ ايام، نزل سكان اصفهان الى الارض، لرفع الصوت ضد ازمة شح مياه قاسية يعانون منها.
امس، شهدت المدينة الواقعة وسط البلاد تظاهرات حاشدة تخللتها مواجهات مع قوات الامن، وقطعٌ لشبكة الانترنت. وأعلنت مجموعات معارضة عن وقوع اشتباكات فيما أفادت وسائل إعلام محلية بأن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف الأشخاص المطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف. وقد هتف المحتجون “رجال الشرطة عار”، و”الموت لخامنئي”.
وكانت الشرطة في المدينة التي تشهد منذ الأسبوع الماضي، احتجاجات، اثر جفاف نهر “زاينده رود” – بفعل نقل المياه منه إلى الصناعات العسكرية والتجارية الحكومية- شنت فجر الخميس، حملة على خيم المزارعين المعترضين مانعة اياهم من التظاهر مجددا، كما هاجمت قوات الأمن خيم الاحتجاج وأضرمت فيها النيران.
هذا ما يحصل الآن. أما في تموز الماضي، فشهدت خوزستان جنوب غربي إيران تظاهرات احتجاجا على الجفاف ايضا. حينها، انتقلت المظاهرات إلى خارج حدود المحافظة الغنية بالنفط، وقالت منظمة العفو الدولية إنها أحصت ثماني وفيات على الأقل، من بينهم صبي، في صفوف المتظاهرين بعد لجوء الشرطة لاستخدام الذخيرة الحية لقمع الاحتجاجات.
وبين الحدثين، وقبلهما، خرجت تظاهرات عدة في ايران، منددة بتردي الاوضاع المعيشية وبالغلاء وبانقطاع الوقود والمحروقات… تسرد مصادر دبلوماسية هذه المحطات، لتقول عبر “المركزية”، ان الواقع الداخلي المزري الذي تعيشه الجمهورية الاسلامية وشعبها، يجعل السؤال مشروعا عن مدى صوابية حزب الله، في التعويل على مساعدات ايرانية “حقيقية” للشعب اللبناني على شكل محروقات مثلا، وعلى دعوته الدائمة الى القبول بعروض طهران انشاء معامل كهرباء في لبنان…
ففي رأي المصادر، هذه المواقف “دعائية” وسياسية لا اكثر، اذ كيف لِدولة منهارة معيشيا، شعبُها يتظاهر ساعة ويئنّ بصمت ساعات، تحت وطأة الفقر والغلاء والحاجة، ان ترسل الدعم والمساعدات الى دولة أخرى؟! وتضيف: الدليل الساطع على ان الجمهورية الاسلامية اعجز من الوقوف “فعليا” الى جانب بيروت، هو اكتفاؤها بارسال بعض الصهاريج المحملة بالنفط الى لبنان، لم تقدّم او تؤخّر شيئا في ازمة انقطاع المحروقات التي كانت تعاني منها البلاد في الصيف.
وبعد، تتوقع المصادر ان يؤثر الواقع الاجتماعي الشعبي الصعب، على موقف ايران في المفاوضات النووية المرتقب استئنافُها في فيينا نهاية الجاري. هي تتمسك حتى اللحظة، برفع العقوبات التي تخنقها، كمقدّمة لاي اتفاق، الا انها تدرك ان في حال بقيت على شرطها هذا وعلى تصلّبها، فإن المحادثات ستتعثّر و”تنتهي”، وسيكون البديل منها عقوبات اضافية هي بغنى عنها اليوم!