حقّق المعرض المشترك بين طلاب الصفوف الابتدائية في مدرسة جبل الكرمل في الفنار وطلاب من مدارس البندقية، الذي أنجزته السيدة ناديا ده لازري بالتعاون مع راهبات الكرمل، نجاحًا كبيرًا في معرض البندقية، وضم 500 لوحة أنجز طلاب لبنان نصفها وطلاب البندقية نصفها الآخر، بالإضافة إلى عمل مشترك بين سبعة فنانين لبنانيين وسبعة إيطاليين.
والسيدة ده لازري أم حقيقية وهبت حياتها للأطفال في العالم، ويعرفها الجميع في المدينة العائمة، البندقية، وكل من يدرك مأساة الأطفال الذين يعانون ويلات الحرب والفقر والظلم. تقوم برحلة عطاء منذ 30 عاما، إذ جالت في المناطق الأخطر في العالم، وخاطرت بحياتها مقابل إيصال صوت الذين لا صوت لهم. عملت مع الفقراء والمهمشين، ولاقت أعمالها تكريما من رئيس الجمهورية الإيطالية سرجو ماتريللا وأمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وحصلت على تكريم من عمدة البندقية، ووصفتها السفيرة اللبنانية في روما ميرا ضاهر ب”سيدة العطاء”.
وللمناسبة، التقت “الوكالة الوطنية للاعلام” ده لازري في البندقية وكان لقاء معها تحدثت فيه عن بداية مشوارها وقالت: “بدأت قبل ثلاثين عاما، في العام 1992، في سراييفو. اتخذت القرار بعد رؤية أطفال تلك المدينة يلعبون الحرب بالحجارة والعصي والأسلحة. كانوا يقنصون الأطفال عمدا بإصابات مباشرة في الظهر أو الساق من دون قتلهم. وعندما عدت إلى البندقية ورويت ما شاهدته، تعاطف الناس معي بشكل رائع، ولا سيما رئيس البلدية آنذاك ماسيمو كاتشياري، الذي أعربت له عن حاجتي للقيام بشيء من أجل هؤلاء الأطفال ولأطفالنا، أي تربيتهم على محبة الغير والسلام، فانضم الى المشروع وحصلت توأمة بين البندقية وسراييفو، وبدأنا عبر الصليب الأحمر بإرسال المساعدات مع مواجهة خطر الألغام المزروعة في كل مكان في البلد المنكوب”.
وأضافت: “أما الجمعية التي أنشأتها “البندقية سمكة السلام” فعملت بكل جهد، ونظمت في المدارس معارض رسم للأطفال لتغطية جدرانها التي نخرتها القذائف. وأتذكر أن اللوحات كانت جميعها بالأبيض والأسود، لتعذر توفر أقلام التلوين. فحملت معي الرسومات من سراييفو إلى المدرسة الابتدائية سان جيرولامو في البندقية، وكان يوم عيد القديس مارتن في 11 تشرين الثاني، وهكذا ولدت الفكرة. تذكرت أن القديس مارتن استخدم معطفه مع متسول، فأخذت ورقة بيضاء، وقمت بطيها إلى اثنين، جزء أردت أن يرسم عليه طفل من البندقية يعيش ظروفا طبيعية خالية من الاضطرابات، وآخر من سراييفو يعيش الاضطرابات والظروف القاسية. بعض الأطفال رسم شرفة مزهرة والقسم الآخر شرفة أصيبت بالقذائف. ومع الوقت، توسع عمل الجمعية وقمنا بالتجربة عينها بالإضافة إلى مشاريع إنسانية في الكونغو والمغرب وتونس وباكستان ومنغوليا، حيث قدمنا، بالإضافة إلى جمع الأطفال من عوالم مختلفة، مساعدات عينية كالأدوية والمواد التعليمية للمدارس، واليوم شملت تجربتنا لبنان البلد الذي أحبه”.
وردا على سؤال عن بدايتها في لبنان قالت: “حصل كل شيء بشكل عفوي. بعض أفراد عائلتي من الرهبان الكرمليين يترددون الى لبنان للعمل التبشيري مع آباء كرمليين في لبنان. وهكذا بدأت علاقتي بلبنان منذ العام 2006. تواصلت مع الراهبات الكرمليات اللواتي ساعدنني على فهم مختلف الجوانب، وكذلك مع الكتيبة الإيطالية في اليونيفيل، وكانت تعمل في ذلك الوقت كتيبة سان ماركو، المعروفة باسم لاجوناري. عشقت لبنان والفضل يعود لراهبات الكرمل. تعاونا مع منظمات مختلفة، وحققنا شبكة تعاون واسعة وتعرفنا على الظروف الصعبة للأطفال الذين يعيشون الظروف الصعبة، وكنت أشارك قلق الراهبات على مستقبل هؤلاء الأطفال، وكنت أفكر كيف يمكنني أن أكون بجانب الأطفال لمساعدتهم في تحصيل حقوقهم وعيش طفولتهم والحفاظ على استقرارهم”.
وتابعت: “يعيش لبنان اليوم تداعيات أزمة عميقة ومأساة، وبخاصة بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020. وبالنسبة إلى عملنا، يواكبه كل من قنصل لبنان الفخري في البندقية وسفيرة لبنان في ايطاليا ميرا ضاهر التي تريد نقل المعرض المشترك لأطفال لبنان والبندقية إلى السفارة اللبنانية في العاصمة روما”.
وردا على سؤال عن الرسوم وعمل الفنانين الشباب، أجابت: “اخترنا سبعة رسامين من البندقية وسبعة من اللبنانيين في مشروع أطلقنا عليه اسم “رسومات بألف يد”. لم يكن الأمر سهلا بسبب الوباء، فانتظرنا أشهر عدة من دون أن نستسلم. رسم أطفالنا نصف الورقة ورسائل الصداقة والتشجيع والأخوة، ثم أرسلنا الرسوم إلى بيروت ومن هناك أكمل العمل. حصلنا أيضا على مساعدة كبيرة من العائلات والمعلمين. ومع المعرض، نشر كتاب وكانت تبرعاته للأطفال، بدعم من عمدة البندقية لويجي بروجنارو وبطريرك البندقية فرانشيسكو موراجليا ووزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بيترو بيرولين. هناك أيضا كتاب آخر قيد التحضير يحتوي على رسائل صداقة من الأطفال. وساهم تلفزيون لبنان في بث مباشر معنا بالتعريف بهذا الحدث، وتقوم الوكالة الوطنية للاعلام بمواكبة خطواتنا والتعريف بما نقوم به”.