جاء في المركزية:
تحرّك الشارع من جديد اليوم. تحت وطأة الاوضاع المعيشية الآخذة في التدهور، عمد محتجون منذ الصباح الباكر، الى قطع الطرق، رافعين الصوت، من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة وصولا الى البقاع، ضد الغلاء الفاحش الذي حوّل اكثر من نصف اللبنانيين الى فقراء اذلاء، عاجزين عن شراء ربطة خبز او حبّة “بانادول” وعن تزويد سياراتهم بالوقود وعن الدخول الى المستشفى في حال احتاجوا الى ذلك… ولتكتمل “المذلّة”، يعيش اللبنانيون بلا كهرباء وفواتير المولدات تكويهم، فيما البرد القارس يُقعدهم لأن المازوت يُباع بالدولار، واسعار الحطب “نار”.
في مقابل هذا الوضع المأسوي، تشير مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية”، الى ان السلطة السياسية التي يقع على عاتقها ايجاد الحلول، لا تعمل إلا بـ”المفرّق”، عبر لجان تجتمع بين الفينة والاخرى، من دون ان تنتج شيئا. كما ان البطاقة التمويلية التي يتحدّث عنها اهل الحكم منذ سنوات، لا تزال في دنيا الغيب. اما ما اعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من مساعدات مالية سيحصل عليها العاملون في القطاعين العام والخاص في شهرَيّ كانون الاول والثاني، فتآكلت قيمتها قبل ان تصل الى جيوب الناس بفعل التحليق المستمر للدولار.
بدلا من فك أسر الحكومة لتعاود نشاطها، وتسرع في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي الذي لن تأتينا المساعدات الا من خلاله، وتطلق ورشة اصلاحات جدية ووازنة تعطي هذه المفاوضات زخما، والدولَ المانحة اشاراتٍ مشجّعة، أهل الحكم يتلهّون بمعارك خاصة وحزبية واقليمية…
الأحد، هاجم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حاكمَ مصرف لبنان رياض سلامة، فهل يصبّ التصويب على الولايات المتحدة اليوم وتحدّيها، في مصلحة الحكومة والدعم المرجو لانقاذ لبنان مثلا؟ وهل إجراء تعديل في منصب حاكم مصرف لبنان، خاصة في هذا الظرف الدقيق نقديا وماليا، سيساعد على خفض الدولار وإنعاش الليرة، أم سيؤدي الى العكس، سيما اذا كان البديل منه شخصية مقربّة من التيار الوطني الحر وحزب الله؟!
لا خروج من الورطة المعيشية الاقتصادية، قبل تفعيل نشاط مجلس الوزراء أولا، وقبل الذهاب الى صندوق النقد ثانيا، وقبل المصالحة مع الدول المانحة ثالثا، التي تشكّل في الواقع، العمودَ الفقري للصندوق. ففي ظل القطيعة الخليجية والتصويب على واشنطن، لن يكون لا دعم ولا انقاذ ولا مساعدات.. فهل المطلوب ابقاء الشعب فقيرا، فيسهُل على المنظومة “التحكّم” به، فَشراؤه في الانتخابات النيابية، بـ”تراب المصاري”؟!