Site icon IMLebanon

سطوة “الحزب” تشتد… و”النقمة” عليه أيضاً!

سطوة حزب الله على القرار آخذة في الاشتداد يوما بعد يوم. هو لم يعد فقط مسيطرا على المؤسسات الدستورية كلها من رئاسة الجمهورية حيث أوصَل مرشحه الرئيس ميشال عون الى القصر، الى مجلس النواب حيث يملك وحلفاؤه في ٨ آذار الاكثرية وصولا الى الحكومة التي لم تُشكَّل الا بضوء أخضر ايراني، وقد انتقد سيد بكركي امس “خضوع” الرؤساء للحزب، بل كثّف في شكل غير مسبوق في الآونة الاخيرة، ضغوطَه لتدجين القضاء وإخضاعه، ولتشويه صورة الجيش اللبناني وتخوينه، محاولا ضرب آخر معالم الشرعية في لبنان، الصامدة حتى الآن في وجه دويلته وسلاحه، وذلك بعد ان انهك القطاع الاقتصادي المالي، باقتصاده ومصارفه الموازيين، وبالحدود السائبة التي يرفض مجرد “فكرة” ضبطها، وبإمساكه بمرافق البلاد الحيوية من المرفأ الى المطار…

عملية صبغ لبنان بـ”الاصفر”، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، كانت أخطر تداعياتها قطيعة خليجية مع الدولة اللبنانية وانفجار العلاقات بين الجانبين إشكالا دبلوماسيا وتجاريا وسياسيا، منذ شهر تقريبا. ففي رأي الخليج، باتت بيروت مقاطعة ايرانية، وقد حوّلها حزب الله الى ساحة يصدّر منها السلاح والمسلحين والمخدرات، نحو الميادين العربية، والى منبر تُطلق منه يوميا مواقف التخوين والتهديد في حق قياداتها.

والانكى، تتابع المصادر، هو ان الحزب لا يخوض معاركه الاقليمية، بينما يترك المؤسسات (التي يسيطر عليها في الداخل)، تعمل، مؤمّنا لها البدائل والحلول الصالحة، فتساعدَ الشعب اللبناني الفقير والمريض القابع في الظلمة والبرد، على مواجهة واقعه اليومي المزري… بل هو يأسر هذه المؤسسات ويشلّها ويستخدم وايران، معاناةَ اللبنانيين كورقة ضغط في الاشتباك الاقليمي والمفاوضات الدولية.

لكن تماما كما تشتد سطوة الحزب، يشتد عود الحركات السيادية الرافضة سياساته ووصاية او “احتلال” ايران للبنان. في الاسابيع الماضية، بدأ يعلو اكثر الصوتُ المنادي بكف يد طهران، وهو عابر للطوائف والمذاهب والمناطق، ذلك بالتزامن مع تحركات على الارض تطالب بتطبيق القرارات الدولية وبنزع السلاح غير الشرعي: القوات اللبنانية رأس حربة في هذه القضية وتعوّل على الانتخابات لقلب موازين القوى في البرلمان وتحرير الحكم في لبنان من هيمنة الحزب. لقاء سيدة الجبل وحركة المبادرة الوطنية يطالبان ايضا باخراج الاحتلال الايراني من لبنان، شأنهما شأن عدد من النواب المستقيلين والمستقلين والشخصيات السياسية.

السبت، عقد لقاء في بيت مري لمُناقشة تداعيات “عزل لبنان عن مداه العربي”، اعتبر خلاله المجتمعون ان “ما يحصل اليوم هو أخطر حملة تُشَنّ على لبنان وانتمائه العربي وهناك خلل كبير في موازين القوى والمعركة ليست مجرّد الدفاع عن عروبة لبنان بل عن الهويّة العربيّة”. ورأوا ان “لبنان لا يعرف العزلة أو التقوقع وعروبته هي مداه الاستراتيجي وصمّام أمانه وهذه المعادلة تصون حقيقته وهويّته ومعناه والبلد ليس مجرّد رقعة جغرافية بل كيان أصيل والحياد ليس انسحاباً من أيّ التزام تجاه القضايا العربية بل هو فعاليّة وقوّة وليس ضعفاً وتخاذلاً”… بالتزامن، كانت “المجموعات السيادية اللبنانية” تنفذ وقفة رمزيّة أمام صخور نهر الكلب، سجّلت حضورا شعبيا لا بأس به، حيث ألقيت كلمات ابرز ما جاء فيها: لبنان تحت الاحتلال الإيراني المباشر من خلال هيمنة حزب الله. نعاهدكم اليوم ومن أمام لوحات الجلاء أنّنا سوف نقاوم وإياكم مقاومة مدنيّة حتى جلاء هذا الاحتلال كما تمّ جلاء كلّ الاحتلالات السابقة.

هذه المعطيات، تعطي اشارات قوية الى ان صدور اللبنانيين ضاقت بالحزب وممارساته، وبأن ثمة تغييرا كبيرا آتيا في المستقبل القريب. وكلّما ذهب الحزب أبعد في تضييق الخناق على رقاب المؤسسات والناس، كلما كبرت نقمة الناس عليه، بعضهم سيظهر هذه النقمة في العلن كما هو الحال مع المجموعات المذكورة اعلاه، وكما حصل في شويا وخلدة وعين الرمانة، وبعضهم الآخر سيبقي هذه النقمة صامتة. الا ان هؤلاء كلّهم يتحضرون ليقولوا “لا” كبيرة للحزب في الانتخابات المقبلة، لاعادة لبنان دولة مستقلة سيدة حرة عربية لا فارسية… فهل يترك الحزب الاستحقاق يحصل؟ وإن حصل، هل يقبل بعملية تصويت وفرز شفافة نزيهة، وهل يرضى بنتائجها؟! للبحث صلة.. لكن ما جرى في نقابة اطباء الاسنان امس، وقول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد منذ ايام “لِمَن ينتظرون الانتخابات” ان “لبنان لا يًحكم بالاكثريات، بل بالتوافق”، والتجربة العراقية في هذا الخصوص، غير مشجعة…