Site icon IMLebanon

كاريتاس تكشف عن حالات انتحار يومية: أرشدونا الى الفقراء

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

«كيف استطعنا إطعام مليون ونصف سوري من دون اي موارد من لبنان ولا نستطيع إطعام مليون فقير في لبنان؟ من أولى بطرح هذا السؤال الكبير والاجابة عليه أكثر من الاب ميشال عبود رئيس مؤسسة كاريتاس لبنان الذي استلم مهامه منذ سنتين وهو منذ ذلك الوقت «منخطف» في عالم آخر يعمل وسط «خلية ازمة» يعتبرها عائلته، اسمها يختصر معنى عملها وسبب وجودها هي «كاريتاس» اي المحبة باللاتينية.

يُسهب الأب النشيط في سرد حكايات العطاء التي لا تنتهي فصولها، ويكشف عن ذكريات نصّبت رابطة كاريتاس منارة في تلقين فنون التطوع والمحبة والعطاء، لا سيما في مراحل المحن، فتشعر من حديثه أنه مدرك بأن الله اختاره في وقت الازمات الكبرى لأنه يخبئ له مهمة كبرى وصعبة غير أنها ليست مستحيلة في قاموسه.

منشغل الاب في المرحلة الحالية بالبحث عن «الفقر المدقع» في لبنان وبشكل لافت عن «الفقراء المستجدين» والمختبئين من هذا التسونامي الذي يجتاج لبنان… «جائحة الفقر المستجد» تستحوذ حواسه فيما هو فخور بوفاء عائلته وهم المنتسبون والعاملون والمتطوعون في كاريتاس. هو فخور بما تنجزه كاريتاس في عهد الازمات ولا يتفاجأ بمن وقفت يوماً الى جانبه وعاد اليوم في وقت الشدة للوقوف الى جانبها، بل متفاجئ وحزين من حالة أبناء الوطن من اداريين ومعلمين وشخصيات شكلت في الماضي القريب سندا ماديا ومعنويا لكاريتاس «تقف في الطوابير متكئة الرؤوس لطلب المساعدة…».

جائحة الفقر

يتكلم الاب عبود وكأنه في عالم آخر، قلبه مليء بالامل وناسه هم فقراء أوَتهم المؤسسة وكانت سنداً لهم فعادوا بعد غيبة أغنياء حاملين شعار «كنّا مرضى فداويتمونا، كنّا ظمأى فرويتمونا، كنّا عراة فكسيتمونا، ونحن هنا اليوم في عهد الازمات لنرد الجميل».

لكن والحقيقة تقال لم تتفاجأ كاريتاس بمن عاد ليردّ الجميل اكثر من تفاجئها بمن عاد منحنياً يسأل بتردد وحزن عن «سَندة» لتمرير المرحلة في وقت كان في الماضي السبّاق لدعم كاريتاس…

يقسم الاب الرئيس ان كاريتاس أخذت عهداً على نفسها بمواجهة جائحة الفقر. وعنها يقول الاب عبود: قد يتمكن الوباء من اجتياح العالم والانسان، إلا أن كاريتاس مصممة على مواجهة وباء الفقر المستجد في لبنان. ويتساءل: «كيف استطعنا إطعام مليون ونصف سوري من دون اي موارد في لبنان ولا نستطيع اطعام مليون فقير لبناني؟! فلبنان بلد صغير والفقراء فيه قليلون والمعطاءون كثيرون».

حالات انتحار يومية

أكثر ما يشغل بال الاب عبود هو حالات الانتحار اليومية الموثّقة وغير المعلنة التي تأكّدت منها كاريتاس، وهي إن لم تكن يومية الا انه يؤكد بأنّ لبنان يشهد أقله حالتي انتحار اسبوعياً، وذلك ليس فقط بسبب الفقر المدقع بل لأسباب عديدة، وجديدها الحالات النفسية المعقدة وهي كثُرت بعد انفجار المرفأ وعندما لحظت كاريتاس تزايد اللجوء اليها لطلب المساعدة النفسية ارتأت انشاء خلية ازمة مؤلفة من اطباء نفسيين وهم يتابعون اليوم المواطنين المُتعبين في المراكز التي خصصت لهذا الغرض… إيماناً منها بشعار الآب «تعالوا اليّ يا متعبي القلوب فأنا أريحكم» تُطلق ايضا كاريتاس نداءها الى المتعبين «لا تختبئوا وتواصلو معنا».

الموت بصمت

لم يتمكن الاب عبود من إخفاء دمعة لمعت في عينيه عند الحديث عمّا يقلقه، وهو الموت بصمت… عن هذا الموت يقول: «انفجار المرفأ أمات الضحايا «بَس اللي بِقيوا» يموتون يومياً بصمت مطبق ونحن لم نكن نتخيّل يوماً ان يلجأ معاونونا الى طلب المعونة».

لماذا الاعلام ؟

وفق قول المسيح «ليضئ نوركم للناس فيروا أعمالكم الصالحة» اطلقت كاريتاس مؤتمرها السنوي هذا العام بعد الاحتفال باليوبيل الخمسين، وسط تغطية اعلامية لافتة ومتجددة. وعن السبب يوضح الاب عبود: «اخترنا الاعلام لأسباب كثيرة اهمها للقول للمتبرّع والمانح اين ذهبت عطاءاتك. ولكي يعلم الانسان انه ما زال هناك اناس لا يتوقفون عن المساعدة ولكن الأهمّ ان يتظهّر عمل المؤسسة وليس عمل الانسان وهذه وصيتي الى كل المانحين، لا تستعملوا الله للاضاءة على أنفسكم وهذا المنهاج الذي يجب ان يتبعه ايضا الاعلام المسيحي والجمعيات الخيرية».

ويضيف: «اخترنا الاعلام للقول «انّ نَفس العطاء لم يمت في قلب الانسان بل ما زال ينبض وبقوة في قلوب اشخاص لا يحبون الظهور وبإطلالتنا الاعلامية نعطي لهؤلاء فرصة لعمل الخير… ويروي الحادثة التالية كمثال.

«تواصلت سيدة لبنانية مع كاريتاس مؤخراً وتبرعت بستين الف دولار fresh طلبت تخصيصها للعمليات الجراحية. وسِر هذه الهبة أنني في احدى إطلالاتي رويت حكاية احد الاشخاص الذي لجأ الى المؤسسة حاملاً معاينة طبية تقضي بوجوب اجرائه عملية لعينيه في اقصى سرعة، وهو لا قدرة مادية لديه لإجرائها. وبعد إتمام العملية بمساعدة كاريتاس قَصَدنا، وما قاله كان معبّراً: «أشكركم لأن الله رزق ابني طفلاً ولم استطع رؤيته. اليوم، بفضل كاريتاس رأيت حفيدي للمرة الاولى فأشكركم من قلبي».

تأثرت السيدة المتصلة بهذه الشهادة وتواصلت على اثرها مع كاريتاس طالبة تخصيص الستين الف دولار للعمليات الجراحية المماثلة.

كما يروي حكاية أحد المتبرعين بمبلغ 18.500 دولار اميركي fresh، الذي قال: إحتجتُ خلال الاحداث اللبنانية الى عناية طبية وكان عمري 18 عاماً، ولم يكن والدي يملك المال لإدخالي الى المستشفى فلجأ الى مسؤول كاريتاس في القرية ودخلت على حسابها الخاص للمعالجة. ومنذ تلك السنين قطعت وعداً على نفسي بردّ الجميل يوماً ما، وهذا ما أفعله اليوم بعد عشرين سنة على الحادثة».

تكثر الامثلة المشابهة، لكن الاب عبود يلفت الى انّ «لدى المؤسسة معيارين في العمل إذ لا يمكن ان نغفل عن أننا مؤسسة كنسية تعتمد ايضاُ على العناية الالهية، واليوم الذي سنشعر فيه بالخوف من عدم استطاعتنا على الاستمرار نكون فقدنا ايماننا وفقدنا جوهر وجودنا فنحن لا ندع خزنتنا ممتلئة بل نفرغها دائماً ونتّكل على العناية الالهية لتملأها من جديد. لذلك، اتخذنا قراراً بعدم تخزين الاموال ومنحها كلها».

من تساعد كاريتاس وكيف؟

«ابوابها مشرّعة لمن يدق الباب فهناك من هم بحاجة وهناك من تعوّد على الطلب وهناك من تعوّد على الكسل»، لذا يلفت عبود الى أن كاريتاس تستفسر سبب الطلب فإذا كان الطالب عاطلاً عن العمل تمنحه المال او المساعدات الغذائية وتحاول تأمين العمل له فإذا رفض العمل توقِف كاريتاس عملية العطاء.

كذلك تساعد العائلات الكبيرة المؤلفة من عدة افراد، والتي تعمل بأجور متدنية بخاصة بعد 19 تشرين 2019 اي إذا كانوا من موظفي الدولة بالدرجة الاولى وموظفي القطاع الخاص في الدرجة الثانية الذين يدقّون يومياً أبواب كاريتاس وتساعدهم.

كذلك تساعد رابطة كاريتاس الأهالي في دفع الاقساط المدرسية، وكونها رابطة كنسية في الدرجة الاولى «فهنالك من يدلّنا على المحتاج من خلال رعايانا في المناطق…». ومن منبر «الجمهورية» يشجع الأب عبود الجميع على عدم الخجل والتوجه شخصياً لمراكز كاريتاس لأن المؤسسة تحاول ان تتصل ببعض الاسماء التي يتم ابلاغنا عن حاجاتها فنتفاجأ بالرفض حيناً وبحالات ترفض الافصاح عن عوزها فترفض المساعدة، فيبدو الامر محرجاً للمتصل وكذلك لمن تلقّى الاتصال.

شعارنا

نحاول الثبات في وقت الازمات شعار المرحلة المقبلة «ان نصل الى كل فقير وهذا ما تعمل عليه كاريتاس في حلّتها الجديدة، وهي اليوم تشرّع ابوابها وتمد يدها لكافة الجمعيات الاهلية والوطنية والعالمية للتنسيق، فلا يهمنا الاضاءة على عملنا بقدر ما يهمنا الوصول الى الفقير وإطعامه».

الفساد

على الصعيد الاداري يقول عبود: «أطلب من المشككين أن يدلوا على الفساد أو التجاوزات فلا يجوز القول ان هناك سرقة في كاريتاس بل يجب أن ندل عليها والحرامي سيحاسب حتى عبر الاعلام. انما اذا كان المقصود القدح والذم بنا فهذا ايضاً سنحاسب عليه». وفي السياق لفت عبود الى انّ لدينا «اجهزة مراقبة كثيرة فهناك من تعيّنه الكنيسة وهناك رقابة دقيقة من قبل الجهات المانحة التي تمتلك اجهزة خاصة تتابع مسار كل قرش ومكان توظيفه وآلية صرفه».
نفقات كاريتاس

ويوضح: «أنفقت كاريتاس 32 مليون دولار خلال عام 2021، وكانت غالبية الميزانية عبارة عن مشاريع تم مراقبة طريقة إنفاقها من قبل أجهزتها، وهي مشاريع داخلية وخارجية واكبر علامة على نجاحنا ثقة الجهات المانحة لأنّ مشاريعنا تزداد ولا تنقص».

إنفجار المرفأ

بعد انفجار المرفأ تلقّت كاريتاس مبلغ 16 مليون دولار وُزّع ضمن برامج متعددة منها ترميم البيوت، الادوية والمواد الغذائية، مواد التنظيف… ومن ضمنها ايضاً مساعدات مادية أصرّ المانحون على إعطائها نقداً وبالـ fresh dollar للمتضررين وللمحتاجين، الأمر الذي خلق بعض الخلل لأن المستفيد كان يتلقى الـ fresh dollar ويخبّئه ويذهب للطلب من جهات مانحة أخرى وذلك بسبب شعوره بعدم الاستقرار، فيرفض التخلي عن الاموال او صرف اي هبة مالية مفضلاً الاحتفاظ بها في منزله لكي يشعر بالامان الامر الذي ينعكس سلباً على البعض الآخر… وهنا أهمية التنسيق بين كاريتاس والجمعيات الخيرية.

ويقول الأب عبود: «بعد وقوع الانفجار بدأنا بمساعدة عائلاتنا اي العائلات التي كنّا نساعدها قبل الانفجار، ومن ثمّ تبنّينا العائلات المتضررة من الانفجار بالدرجة الاولى بعد ان تم التنسيق مع الابرشيات… كذلك قرعَ آخرون ابوابنا ووضعنا خطاً ساخناً وبدأنا التنسيق مع الجيش وبعض الجمعيات والجهات المانحة»، لافتاً الى «ان بعض العائلات في السلك العسكري انضمت الى عائلة كاريتاس بعدما قررت الرابطة مساعدة افرادها».

من هم المانحون؟

ويوضح الأب عبود: «يُساعد كاريتاس لبنان مختلف روابط كاريتاس الموجودة في العالم، وهي: كاريتاس المانيا، سويسرا، اوستيا، اميركا… وايضاً الـ UNCHR وهم متواجدون لمساعدة النازحين السوريين وكذلك تساعدنا الـ USAID، وتعمل رابطة كاريتاس مع هذه المؤسسات على مشروع كلفته 12 مليون دولار ينتهي في شباط المقبل ومدته 9 سنوات. كذلك ساعدت الـ USAID كاريتاس خلال انفجار بيروت بـ 2,4 مليون دولار تقديمات طبية واغذية، وما زالت تتلقى المساعدات من تلك الجمعيات وايضا من دول الانتشار.

الانتشار

لعبت الحركة الاغترابية دوراً كبيراً في تقديم المساعدات لرابطة كاريتاس لبنان التي ما زالت تتلقى الدعم المادي من جهتين ناشطتين في الخارج وهما كاريتاس LEBANON USA وهي مجموعة مؤلفة من المغتربين اللبنانيين ومعهم المطارنة وكذلك كاريتاس AUSTRALIA التي تدعم المؤسسة بشكل دائم، وقد ارتأت مؤخراً إرسال مواد عينية بسبب تخوّفها من المجاعة في لبنان وكذلك بسبب تخوف المانحين في حال ارسلت الاموال نقداً من عدم صرفها من قبل المواطن في الاماكن المناسبة، بالإضافة إلى تخوّف البعض من احتجاز الاموال في المصارف لذلك فضّلوا ارسال المساعدات العينية.

مساعدة المدارس والجامعات

يكشف الاب عبود عن اطلاق كاريتاس لمشروع مساعدة المدارس والجامعات الخاصة بالتنسيق مع المدارس الكاثوليكية، لافتاً الى انّ السفارة الفرنسية OEUVRE D’ORIENT تعمل على مساعدة 113 مدرسة homologue. لذلك، وبعد الاضطلاع على مسار عمل كاريتاس أطلقنا مشروعنا لمساعدة المدارس والجامعات الخاصة وهو متخصص في الامور التالية:

دفع اقساط التلامذة للعائلات المتعثرة، دفع الكلفة التشغيلية للاساتذة والمدرسة من مستلزمات وصيانات…

بيان رقم 1

يطلق رئيس رابطة كاريتاس بيان رقم 1 ويناشد اللبنانيين عبر «الجمهورية»:

«أحاول الوصول الى الفقراء ولا انتظر مجيئهم اليّ، أفتش عنهم هنا وهناك. فهناك من يتألّمون ويموتون بصمت ولا نسمع منهم وعنهم فالانفجار سُمع صوته وطال 200 ضحية إلا أننا نرى يومياً آلاف الضحايا التي تموت بصمت مطبق، فكم من الناس ماتوا لأن ماكينات الاوكسيجين لم تصل الى بيوتهم ولم يتمكن البعض من الحصول على دواء للسرطان، وكم من طفل مرضَ من قلة التغذية ولم يعلم احد به فهناك عائلات تم قطع الماء والكهرباء عن بيوتها لأنها لم تعد لديها القدرة على الدفع، فهؤلاء كلهم تبحث عنهم كاريتاس وتناشدكم: «دلّونا على الفقير ومكانه لنتحرّك، نحن نبحث عن الفقراء المختبئين ونقول لهم لا تخجلوا وتواصلوا معنا» وبالنسبة الى السياسيين، فيطالبهم الاب عبود بإعطاء كاريتاس اسماء العائلات المحتاجة التي في حوزتهم لكي نتحرك… ويسألهم: ماذا يهمكم اكثر الشهرة أو اطعام الفقير؟»

وللبنانيين يقول: «نرجوكم أن ترشدونا الى الأشخاص الذين وصلوا اليكم ولم يصلوا الينا».

في المقابل، يلفت الى ضرورة ان يعلم الناس ان كاريتاس مؤسسة شفافة لا تطعم عائلاتها من اموال لا تعرف مصدرها اي اذا كان قد تمّ توظيفها بتجارة الأسلحة وبالدعارة او بالمخدرات.

روايات مؤثرة

ويستذكِر الأب عبود، فيقول: «كثيرة هي الروايات المؤثرة التي لا تسع الصفحات لكتابتها إنما ما أحرجني وأثّر بي وصول أشخاص الى مكتبي كانوا عادة بعد شرب القهوة يقدّمون لي مغلفاً سميكاً مساهمة منهم للمؤسسة، إلا انني تفاجأت بهم قادمين يحملون دموعاً في العيون، ليقول لي احدهم: «إنقلبت الدنيا، فجئنا نسألك أبونا يا ريت تِسندنا». جمدتُ للوهلة الاولى وشعرت بالألم فطلبتُ من مساعديّ تبنّيهم أقلّه لرد الاموال التي قدمها هؤلاء للمؤسسة في الماضي، ولأننا ندرك جميعاً انه في وقت الازمات تتعرى الاشخاص وتبقى كاريتاس مؤتمنة على حماية كرامة هؤلاء، علماً أنّ تبادل الداتا بين كاريتاس ومختلف الجهات تكون ضمن الاطر القانونية والعالمية».

كاريتاس مستمرة

من أبرز الأهداف بعد اليوبيل الـ 50 إبراز المشاريع المنجزة وعودة العمل على المشاريع التي بدأتها كاريتاس بخاصة تلك التي توقفت بسبب الازمات المستجدة على لبنان. والاهم هو العمل الانساني الوجداني وان يتذكر الجميع ان عمر الجماعات اطول من عمر الافراد، فالجماعات تبقى والافراد تزول. وما استمرار كاريتاس 50 عاما سوى دليل على أنها قادرة على الصمود 50 سنة اخرى فنحن لا نخاف عليها لأنها في عهدة الله.

ونقول كلمة اخيرة للبنانيين ان عمل الخير فرصة، والرواية الاخيرة لـ»الجمهورية» هي خير مثال.

عمل الخير فرصة

«أنقذتُ ابنة احد المتموّلين الكبار من الانتحار فحاول اعطائي شيكاً مرقوماً بالدولار، فرفضته وقلت له انك تمنحه اليوم بفضل حماستك لأنني خلّصت ابنتك من الانتحار ولا تمنحه لكاريتاس بملء ارادتك، وطلبت منه الرجوع بعد سنتين وقلت له اذا صرفت هذا المبلغ الكبير الذي تهبه اليوم لكاريتاس فهذا يعني انك لن تعود، وهذا يعني ايضاً انك كنت بحاجة اليه. اما اذا لم تصرفه فستأتي بعد سنتين لتمنحه عن قناعة وليس عن حماسة».

اما بالنسبة لنا وبعد الإصغاء ملياً الى صدى حكايات وإنجازات غلّفتها بصمة كاريتاس… لا شك اننا واثقون من ان هناك الكثيرين من امثال هذا الرجل الذي تحرّكه مشاعره عن حماسة وليس عن قناعة، الا اننا واثقون أيضاً من عودته… وخصوصاً بعد قراءة هذا التقرير.