كتب جوني فخري في “العربية”:
كانت نقابة أطباء الأسنان في بيروت قبل يومين على موعد مع استحقاق انتخابي من أجل اختيار نقيب وأعضاء جدد، إلا أن أحزاب السلطة، لاسيما الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل أطاحا بالعملية الديمقراطية، بعدما أدركا أن رياح “صناديق الاقتراع” تجري عكس سفنهما.
وتنافس على رئاسة وعضوية مجلس النقابة ثلاث لوائح، اثنتان منها مدعومة من أحزاب السلطة منها حزب الله وأمل، وثالثة من مجموعات مستقلّة منضوية تحت لواء “انتفاضة 17 تشرين الأول”.
إلا أن عملية الاقتراع تحولت إلى فوضى وهرج ومرج، فتضارب ورمي للصناديق أرضاً بعدما أظهرت النتائج الأوّلية تقدّم اللائحة المدعومة من المجموعات المستقلّة على حساب اللائحتين الحزبيتين، ما أدى إلى إلغاء الانتخابات من دون تحديد موعد جديد لها.
ما اعتبره مراقبون “مشهدا مصغّرا” عمّا يُمكن أن يحصل في الانتخابات النيابية المُقررة مبدئياً نهاية آذار المقبل، خصوصأً أن نقمة اللبنانيين على أحزاب السلطة تكبر وتظهر بشكل واضح في الانتخابات الطلابية في الجامعات والنقابية، وهو ما تتخوّف منه الأحزاب الحاكمة.
فيما أوضحت مصادر من داخل نقابة أطباء الأسنان لـ”العربية.نت” ما جرى، قائلة “عندما تأخّرت عملية فرز الأصوات إلكترونياً لأسباب تقنية طالبت مرشّحة حزب الكتائب بوقف العملية، لأن هناك أموراً مُريبة تحصل على حدّ قولها ودعت إلى اعتماد طريقة الفرز يدوياً، عندها حصل هرج ومرج في القاعة العامة بين مؤيّد ومعارض، فاستغلّ أطباء محسوبون على الثنائي الشيعي ذلك، وهم معروفون بالوجوه والأسماء هاتفين “تزوير تزوير” قبل أن يتقدّم مسؤول أطباء الأسنان في “حزب الله” م.ق باتّجاه المنصة الرسمية ويضرب بيده على الطاولة مطالباً النقيب بوقف هذه “المهزلة” على حدّ وصفه”.
كما أضافت “عندما طلب نقيب الأطباء المُنتهية ولايته إدخال صناديق الاقتراع إلى القاعة المجاورة بمؤازرة القوى الأمنية من أجل البدء بعملية فرز الأصوات، أقدم الأطباء المحسوبون على الثنائي الشيعي إلى مهاجمة المندوبين الآخرين ورمي صناديق الاقتراع على الأرض”.
وأوضح المرشّح لمركز نقيب أطباء الأسنان رونالد يونس الذي كان متصدّراً النتائج لـ”العربية.نت” “أن الهرج والمرج الذي شهدناه يوم الانتخابات كان هدفه تطيير الانتخابات وإبطال لغة الحق والديمقراطية وأصوات المستقلّين”.
وقال “يبدو أن أحزاب السلطة بعدما أدركوا عجزهم عن إيصال مرشّحيهم إلى مجلس النقابة افتعلوا الإشكال تمهيداً لإلغاء الانتخابات، خصوصاً أن الصناديق الثلاثة الأولى التي تم فرزها وحصلت فيها لائحتنا على أعلى الأصوات تعود لأطباء الأسنان الأكبر سنّاً، وهو ما شكّل “صدمة” للوائح الحزبية الأخرى، لأن رهانهم كان عليها على عكس الصناديق “الشبابية”.
إلى ذلك، اتهم اللائحتين المدعومتين من أحزاب السلطة بـ”تطيير الانتخابات بالتكافل والتضامن في ما بينهما، بعدما شعرتا بخسارتهما النقابة، فأطبقتا على صناديق الاقتراع وحصل ما حصل”.
كما اعتبر “أن ما جرى يوم الأحد مؤشر إلى ما يُمكن أن يحصل في الانتخابات النيابية، علماً أن أساليب الترغيب والترهيب لم تعد تنفع ومحاولاتهم لتيئيس اللبنانيين وإحباط عزيمتهم للتغيير ستفشل”.
يشار إلى أن يونس ترأس لائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” المدعومة من تحالف مجموعات انتفاضة 17 تشرين الأول المستقلّة، وحصل على (176 صوتاً) متقدّماً على لائحة المرشح لمنصب النقيب إلياس المعلوف المدعومة من الثنائي الشيعي (133 صوتاً)، وعلى لائحة حزب الكتائب وجبهة المعارضة اللبنانية “نقابتي ثورتي”، ومرشحتها إميلي الحايك لمنصب نقيب (110 أصوات).
من جهته، اتّهم رئيس مصلحة الطلاب في حزب “القوات اللبنانية” طوني بدر، الذي شارك في انتخابات النقابة، الثنائي الشيعي بتطيير الانتخابات بعدما أدركوا سلفأ أن النتائج ليست لصالحهم”.
واعتبر في تصريح لـ”العربية.نت” “أن ما حصل رسالة واضحة بأن لا مكان للديمقراطية والرأي الآخر بظل سيطرة الثنائي الشيعي وحلفائه على السلطة”.
إلى ذلك، تخوّف بدر وهو طبيب أسنان “من أن يكون مشهد الأحد نموذجا مصغّرا عمّا يُمكن أن يجري في الانتخابات النيابية المقبلة، لأن من استطاع فرض المنطق القمعي وإلغاء الحريات على انتخابات نقابية لن يوفّر جهداً أو وسيلة لفرضه أيضاً على الانتخابات النيابية”.
ومع الإعلان عن تأجيل انتخابات النقابة، ينتظر مجلسها أن يحسم القضاء اللبناني الجدل القانوني الذي خلّفه يوم الأحد لجهة تحديد موعد جديد للإنتخابات، لأن هذا الأمر من صلاحية مجلس النقابة المُنتهية ولايته والذي لا يستطيع الاجتماع، وبالتالي فإن كلمة الفصل للقضاء الذي تعود إليه صلاحية تحديد موعد جديد للاستحقاق الانتخابي.
وعلى رغم إلغاء الانتخابات من دون تحديد موعد جديد، إلا أن ما جرى لن يمرّ مرور الكرام، إذ قدّم مجلس نقابة أطباء الأسنان شكوى أمام القضاء اللبناني ضد مجهول بانتظار أن يبتّ بالقضية.