في مقابل الاتهامات التي توجه اليه بعرقلة عمل شركة الفاريز ومرسال ومن خلالها عرقلة التدقيق الجنائي، كان البيان الصادر عن الأمانة العامة للمجلس المركزي في مصرف لبنان امس الاشد وضوحا في تعرية الطبقة السياسية ووضع النقاط على الحروف.
وفي قراءة لما بين نقاط بيان المصرف المركزي، قال خبير اقتصادي ومالي: في المحصلة التدقيق الجنائي “بدعة محلية” لتصفية الحسابات السياسية، وليس مطلبا دوليا، لان المطلب الدولي كان واضحا من قبل صندوق النقد الدولي باجراء التدقيق في الحسابات.
وفي التفاصيل، شرح الخبير، عبر وكالة “أخبار اليوم” ان شركة KPMG تجري تدقيقا محاسبيا بناء على طلب صندوق النقد، وقد بدأت عملها في حسابات المصرف المركزي منذ العام 2019، ووصلت الى المرحلة الثالثة من اصل اربعة مراحل من العقد الموقع، مضيفا: تعاني السلطة او الحكومة اللبنانية من انفصام اذ من جهة KPMG اصبحت في مرحلة متقدمة من العمل، فيأتي توقيع العقد مع شركة “الفاريز ومرسال”
وسأل: ما الذي ستفعله شركة الفاريز ومرسال في وقت KPMG اصبحت في المرحلة الثالثة، وهذه الشركة موثوقة عالميا، وسترفع النتائج الى الحكومة والى صندوق النقد.
وسئل: ما الفرق بين التدقيق المحاسبي والتدقيق الجنائي؟ فأجاب: التدقيق الجنائي، هو بحث عن جريمة ارتكبت، لا يمكن ان يقوم دون ان يكون هناك تدقيق محاسبي، واضاف: اذا دققنا في العقد مع الفاريز ومرسال، فان المطلوب التدقيق حول الهندسات المالية والتحويلات، وهذا تدقيق حسابي قبل ان يكون جنائيا، بكلام آخر عمل الفاريز هو تدقيق محاسبي، ومن سعى الى العقد معها لا يريد ان يعترف بالامر. وربما الفاريز تنتظر نتائج التدقيق المحاسبي الذي تقوم به KPMG كي تستطيع ان تبدأ عملها، ومن المؤكد ان لا احد يحرمها من المعلومات.
واذ ذكر ان صندوق النقد كان رفض التعامل مع حاكم مصرف لبنان قبل ان تبدأ KPMG في التدقيق المحاسبي، شدد الخبير الاقتصادي ان عمل الفاريز ومرسال لا لزوم له لاسيما في المرحلة الراهنة.
وهل الجريمة التي يجب ان تبحث عنها الفاريز ومرسال هي سرقة اموال الناس، اوضح الخبير عينه ان ترتيب الامور يبدأ بالتدقيق الداخلي الذي يجريه مصرف لبنان من خلال مدقق خارجي المتمثل بشركتين عالميتين (Deloitte و Ernst & young ) حيث يصدر عنه ما يسمى letter of management ويتضمن ما يسمى بالـ our findings اي ما اكتشفته الشركتين ، واذا كان هناك نقطة سوداء، يتم الانتقال الى مرحلة ثانية من التدقيق التي تسمى audit for further investigation اي تدقيق للوصول الى معلومات اكثر (ولا يطلق عليه تدقيقا جنائيا) واذا كانت الحاجة الى المزيد من التحقق نصل الى ما يسمى بالتدقيق الجنائي الذي يثبت السرقة.
ولكن في المقابل، ذكّر المصدر بالمعلومات التي تحدثت عن 27 مليار دولار مجهولة المصير في حسابات الدولة، وهذا يسمى جريمة اي ان التدقيق الجنائي يجب ان يكون في حسابات الدولة، في حين انه في حسابات مصرف لبنان لا يوجد اي تدقيق اظهر اختلاسا او جريمة قد ارتكبت.
وهنا اشار المصدر الى ان حسابات الدولة موجودة في وزارة المال وليس في المصرف المركزي، بمعنى ان المصرف يمكن ان يحدد حركة الاموال ولكن لا يعلم بما هو حاصل في وزارة المال.
الى ذلك، توقف الخبير الاقتصادي والمالي، عند نقاط اساسية في بيان المصرف المركزي بالامس التي عرت الطبقة السياسية بشكل تام بعدما اضاءت على مراحل مهمة قام بها المصرف، وهذه النقاط هي:
1 – بتاريخ 13/10/2020 تم تزويد وزير المالية بواسطة مفوض الحكومة أجوبته المتعلقة بلائحة المعلومات المطلوبة من قبل شركة “ألفاريز ومارسال”، وذلك عملا بالقوانين المرعية الاجراء في حينه.
2 – بتاريخ 29/12/2020 صدر القانون رقم 200 والذي بموجبه تم تعليق العمل باحكام قانون سرية المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 لمدة سنة واحدة.
3 – تطبيقا للقانون رقم 200 المذكور اعلاه أكد مصرف لبنان بقرارين منفصلين صادرين عن المجلس المركزي بتاريخ 10/2/2021 و24/3/2021 استعداده الكامل للتعاون التام الايجابي مع شركة “ألفاريز ومارسال” لقيامها بالمهام التي ستوكل اليها.
4 – بتاريخ 6/4/2021 تم عقد اجتماع افتراضي في حضور ممثلين عن وزارة المالية ومصرف لبنان وشركة “ألفاريز ومارسال” ومكتب المحاماة Gottlied Cleary.
5 – وبناءً على قرار المجلس المركزي المنعقد استثنائيا بتاريخ 9/4/2021 تم تسليم مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان قائمة المعلومات المقدمة من قبل شركة “ألفاريز ومارسال” بعد أن تم تحديثها لتأكيد اتاحة المعلومات المطلوبة من قبل الشركة المذكورة وذلك بغية تسليمها الى وزير المالية”.
وتابع الخبير عينه: من خلال هذه النقاط يثبت مصرف لبنان انه تعاون بالكامل ولا يمكن تحميله مسؤولية خطة موجودة في رأس البعض لتتطير التدقيق الجنائي، بل الطبقة السياسية نفسها تريد تطيير التدقيق الجنائي، من خلال الهجوم على المصرف المركزي. وقال: النقطة الاهم، هو ان KPMG اصبحت في المرحلة الثالثة من التدقيق اي مرحلة متقدمة جدا، وبالتالي ما الذي تستطيع ان تفعله الفاريز اند مرسال خلال 12 اسبوعا.
وخلص الى القول: الطبقة السياسية تريد افشال التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وتحميله المسؤولية، كي لا يذهب هذا التدقيق الى حسابات الدولة. وختم مكررا: التدقيق الجنائي بدعة محلية اغلب الظن هي تصفية حسابات سياسية.