كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
بدأت الحسابات الإنتخابية تدخل بالتفاصيل والأسماء إذ إن كل قوّة تعدّ العدّة لخوض الإستحقاق الكبير.
إذا كانت دائرة الشمال المسيحي سرقت الأضواء من غيرها، إلا أنه يبقى لدائرة كسروان- جبيل نكهتها الخاصة خصوصاً أنّ كل قوّة مسيحية تحاول أن يكون لها حضورها في “عاصمة الموارنة”.
في 6 أيار 2018 جرت الإنتخابات النيابية لأول مرّة في لبنان على أساس القانون النسبي، وقبل الإنتخابات كانت الصالونات الكسروانية تعجّ بالأحاديث والحسابات، ومن بين تلك الحسابات، كان السؤال الذي يُطرح هل ستستطيع “القوات” حصد حاصل في كسروان بعدما نجح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون في الإحتفاظ بمقاعدها الخمسة في دورتَي 2005 و2009؟
معظم الأجوبة كانت تأتي بـ “كلا” كبيرة، لأن “القوات” لم تنجح في إقناع المهندس نعمت جورج افرام بالترشح على لائحتها، وكل ما ستحصده هو حاصل واحد سيذهب حكماً إلى رئيس بلدية جبيل المستقيل آنذاك زياد حوّاط، وكانت “القوات” تعمل جاهدة لضم حوّاط في جبيل وافرام في كسروان نظراً إلى تميّزهما الشخصي والعطف الشعبي تجاههما في منطقتيهما.
لكنّ وزير الداخلية السابق زياد بارود كان لديه رأي مختلف إذ قال قبل الإنتخابات: لا تستخفوا بقوة “القوات” في كسروان، ومرشحها شوقي الدكاش من الأنشط ولا يهدأ، يحمل ملفات الناس ويتابعها حتى النهاية وهو مقرّب من الكسروانيين على الرغم من أنه لا يحب كثيراً الظهور الإعلامي.
إنتهى فرز الأصوات وتحقّق ما تنبّأ به بارود، فحصد الدكاش 10032 صوتاً تفضيلياً وحصلت لائحة “القوات” على 26980 صوتاً، وبالتالي باتت “القوات” رقماً صعباً في المعادلة الكسروانية والجبيلية.
ربما يتميّز بارود بالواقعية وبخبرته الإنتخابية، فهو كان من أهم أركان لجنة فؤاد بطرس التي وضعت “مشروع قانون بطرس الإنتخابي” الذي دمج بين الأكثري والنسبي، وحتى لو لم يستطع بارود الوصول إلى الندوة البرلمانية عام 2018 إلا انه تمكّن من حصد 3893 صوتاً تفضيلياً من دون دعم حزبي. ويكثر اليوم الحديث عن التحالفات الإنتخابية في كسروان، لكن لا شيء محسوماً حتى الساعة، وتشير معظم الإستطلاعات إلى تقدّم كل من “القوات” والنائب المستقيل نعمت افرام ومحافظة النائب فريد هيكل الخازن على قوته مقابل تراجع رصيد “التيار الوطني الحرّ”.
وتجرى محاولات للتحالف بين “القوات” وبارود في كسروان، فـ”القوات” تضمن مقعدين بين جبيل وكسروان، وتحالفها مع بارود يعني زيادة الحاصل الإنتخابي، وإذا حافظ بارود على قوته وأصواته التفضيلية فإن هذا يعني أن بإمكانه الوصول إلى الندوة البرلمانية. وحتى الساعة، يعتصم بارود بالصمت بل يسر الى سائليه بأنه غير مرشح ولا يريد تكرار تجربة إنتخابات 2018 بعدما طلب منه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شخصياً خوض الإنتخابات على لائحة العهد، لذلك فإن كل الخيارات متاحة أمام بارود ومن الممكن أن يستنكف عن خوض الإنتخابات.
وفي تفاصيل الأرقام، فقد اقترع في كسروان في الإنتخابات الأخيرة 115154 ناخباً وكان الحاصل الأوّلي 14394 صوتاً، وبعد فشل لائحة التضامن الوطني (12551 صوتاً) وكلنا وطني (2526 صوتاً) من الوصول إلى الحاصل، بات الحاصل 12509 أصوات بعد شطب أصوات اللائحتين الخاسرتين، وقد نالت لائحة “القوات” حينها 26980 صوتاً، أي ما نسبته 2.15 حاصل، وإذا أضيفت أصوات بارود إلى لائحة “القوات” يصبح المجموع 30873 صوتاً أي 2.45 حاصل.
هذه الأرقام مبنية على نتائج الإنتخابات الماضية، في حين أن المزاج الشعبي قد تبدّل في هذه الدورة بعد تراجع قوة التيار العوني التجييرية وفشل العهد وبالتالي فإن فرص لائحة “القوات” بالفوز بثلاثة مقاعد قد ترتفع في دائرة كسروان- جبيل، ومن المرجح أن يذهب المقعد الثالث في حال حصلت عليه “القوات” إلى أحد مرشحيها الأقوياء في كسروان لأن التوازنات في جبيل توحي بأن حواط و”التيار” سيحتفظان بمقعديهما، في حين أن مقاعد كسروان غير محسومة.
وتتسلّح “القوات اللبنانية” بعطف شعبي بعد غزوة عين الرمانة ومحاولة تكرار سيناريو 1994 بحق جعجع، وفي حال نجحت الإتصالات في ضمّ بارود إلى لائحتها، فان هذا الأمر سيبدّل الموازين الكسروانية، خصوصاً أن اللائحة ستتسلّح بزيادين، الأول حوّاط في جبيل حيث يكمل عمله الإنمائي ومواقفه السياسية العالية النبرة والثاني بارود في كسروان ذو الوجه المدني الذي يحبه الناس، إضافة إلى الجندي المعلوم المجهول شوقي الدكاش ومروحة أخرى من التحالفات، ما يجعل اللعبة الكسروانية تتغيّر، لكن كل ذلك رهن بما ستحمله المرحلة المقبلة من تبدلات.